الخميس 02 مايو 2024 الموافق 23 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

في تسجيلات صوتية نادرة.. أسرار وحكايات من مذكرات فاطمة رشدي (1).."سارة برنار الشرق" تتحدث عن مسيرتها وعلاقتها بهند رستم وتكريم الرئيس عبد الناصر

الرئيس نيوز


 

قدمت للمسرح ما يزيد عن 200 رواية ما بين العربية والعالمية وأول من اشتغلت بالسينما الناطقة

هند رستم جمعت تبرعات من الفنانين واشترت لها شقة بعد خسارة جميع ثروتها

25  عاما مرت على رحيل صاحبة المواهب المتعددة، وأحد أساطين الفن المصري والعربي، الفنانة الموهوبة منذ طفولتها فاطمة رشدي، التي رحلت عن عالمنا عام 1996، عن عمر يناهز 88 عاما.


 

رحلت فاطمة رشدي عن الدنيا ولكن بقيت مسيرتها الكبيرة، وتاريخها المشرف، وأعمالها التي كانت نواه أولى لدخول مصر إلى عالم السينما خلال أواخر عشرينات القرن الماضي، بعد أن كانت أول فنانة مصرية وعربية تنشأ باسمها فرقة مسرحية تحت مسمى" فرقة فاطمة رشدي" بعد انضمامها إلى فرقة يوسف وهبي في 1923، وطافت مع فرقتها كافة أنحاء العالم العربي والغربي، والتقت خلال هذه الجولات بعدد من الملوك ورؤساء الدول، والأمراء وكبار المسئولين، تخلل هذه اللقاءات كواليس وأحاديث وحوارات لم ينشر منها سوى الرسمي فقط.

معلومات لا تعرفها عن فاطمة رشدي

 يرصد "الرئيس نيوز" خلال السطور التالية نبذة سريعة عن مسيرة  الفنانة التي أثرت الفن المصري بالعديد من الأعمال الخالدة، قبل كشف الستار خلال الحلقات المقبلة، عن العديد من المفاجأت والأسرار والتفاصيل الخاصة  في حياتها، التي لقبها الكاتب الكبير الراحل مصطفى أمين بـ "صديقة الطلبة".

وينفرد "الرئيس نيوز" بنشر مذكرات الفنانة الراحلة فاطمة رشدي بصوتها والتي تنشر لأول مرة، من خلال تسجيلات نادرة بصوتها في حلقات متواترة تحمل عنوان "أسرار حياة سارة برنار الشرق.. فاطمة رشدي "، تكشف خلالها أدق تفاصيل حياتها وأهم أسرارها الفنية والخاصة، وتتحدث عن مسيرتها التي تزيد عن 40 عاما، بداية من الالتحاق بالفن خلال أول عشرينات القرن الماضي، وحتى اعتزالها في نهاية الخمسينات من نفس القرن.

 

لماذا لُقبت بـ "سارة برنار الشرق"

الفنانة التي لقبها الوطن العربي بلقب "سارة برنار الشرق"، نسبة إلى النجمة الفرنسية سارة برنار، الممثلة المسرحية العالمية وأحد أشهر نجمات أوروبا وأمريكا، وجاء هذا اللقب لأن فاطمة رشدي كانت تسير بنفس خطى سارة برنار، حيث قامت بالتأليف والإخراج بجانب التمثيل، كما كان لها اسهامات إنتاجية أيضا، ومن ألقابها أيضا "ملكة المسارح" بعد مسيرة مسرحية طويلة حققت خلالها العديد من النجاحات.

وبرغم هذا الكم من الشهرة والنجومية والانتشار الفني والعطاء، الا أن حياة فاطمة رشدي انتهت نهاية شبه مأساوية بين فقر مضجع وخسارة كل ما تملك، ولكنها ظلت حتى وفاتها تعشق هذا الوطن وتعتز به، حتى أنها تفخر كثيرا بتكريمها بوسام العلوم والفنون من الدرجة الأولى من الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، لدرجة جعلت هذا التكريم سببا في توثيق مسيرتها وتسجيل مذكراتها بصوتها، واهدائها للفنانة الراحلة هند رستم قبل وفاتها بفترة وجيزة.

ما السر في تسجيل فاطمة رشدي مذكراتها بصوتها ؟

تروي الفنانة فاطمة رشدي خلال هذا المقطع الصوتي سبب تسجيل مذكراتها، وتكشف السر الذي جعلها تتخذ هذا القرار فور تكريمها من وزارة الثقافة المصرية والرئيس جمال عبدالناصر بوسام العلوم والفنون من الدرجة الأولى، وتقول في مذكراتها : "ذات يوم ذهبت إلى وزارة الثقافة، وكنت متعجلة لرؤية السيد الوزير .. ومتشوقة إلى استلام الوسام الذي كرمتني به الدولة وهو وسام العلوم والفنون من الدرجة الأولى، وكرمني به الرئيس جمال عبدالناصر، واعتبرتها شهادة من الدولة بأني الأولى في المسرح والأولى في السينما".

وتكمل ملكة المسارح قائلة : "توقفت عند نهاية الدرج وأنا أقول لنفسي أنني لو قلت كلمة واحدة وهي كلمة نعم وأنا فتاه في الثالثة عشر من عمري لكنت أصبحت مالكة هذا القصر الذي يتم تكريمي فيه اليوم، ولكني تجنبت هذا المصير التعس الذي وصل إليه فيما بعد صاحب هذا القصر، ولكنه القدر، الذي يرسم لكلا منا طريقه في الحياة .. ويدفع به إلى طريق حياته وإلى النهاية".


 

وتضيف سارة برنار الشرق : "سيطرت هذه المشاعر والأفكار على عواطفي إلى أن انتهيت من مقابلة السيد الوزير، وعند خروجي إلى حديقة القصر عادت ذكرياتي تهاجمني من جديد، وتذكرت أول مجيئ لي إلى القاهرة وأول عمل لي بمسرح نجيب الريحاني".

 

من هنا تبدأ فاطمة رشدي في حكاية مذكراتها بصوتها، وتكشف الستار عن مسيرة فنية وإنسانية مليئة بالنجاحات والإخفاقات والأسرار التي ترويها خلال الحلقات القادمة، حكايات كثيرة تحتوي على كواليس مثيرة وألغاز تفك شفرتها بنفسها، وتحولات اجتماعية وحياتية غريبة تعلم الكثيرين، ويمكننا من خلالها أن نستلهم أفكارا مبتكرة، ونرسخ مفهوم الإصرار على النجاح والعزيمة لتحقيق الأحلام.

مولدها وأبرز أعمالها.

ولدت فاطمة رشدي في مدينة الإسكندرية في نوفمبرعام 1908، وبدأت أولى خطواتها الفنية ما بين عام 1920 و1921، وهي في سن الـ11 عاما، إلا أنها كانت تمتلك شغفا كبيرا بالفن، وهو ما أهلها لتصبح أول فنانة تؤسس فرقة مسرحية باسمها، وهي في سن صغير جدا، لتنافس من خلالها كبار الفرق المسرحية الأخرى.

كما قدمت أول الأفلام للسينما المصرية الصامتة عام 1928 وهو فيلم "فاجعة فوق الهرم"، ثم قدمت أيضا فيلم "تحت سماء مصر"، وبعد أن أصبحت السينما ناطقة قدمت فيلم "العزيمة" أحد أهم الأفلام السينمائية المصرية، بل أنه أول الأفلام الواقعية، ثم توالت أفلامها فيما بعد واستمرت حتى قررت الاعتزال عام 1956 بعد فيلمي "الجسد" و"دعوني أعيش" قبلها بعام واحد فقط.

وقدمت للمسرح ما يزيد عن 200 رواية ما بين العربية والعالمية، وحققت بفرقتها نجاحا كبيرا، وطافت العالم بأكمله، ومن أبرز أعمالها المسرحية "النسر الصغير"، "غادة الكاميليا"، "يوليوس قيصر"، "مصرع كليوباترا"، "قصر الشوق"، "ذقاق المدق"، وغيرها من الروايات التي ارتبط بها الجمهور.

لماذا أهدت فاطمة رشدي مذكراتها إلى هند رستم ؟

تروي بسنت رضا ابنة الفنانة الراحلة هند رستم لـ"الرئيس نيوز"، أسباب إهداء فاطمة رشدي مذكراتها إلى الفنانة هند رستم قبل رحيلها بفترة وجيزة، وتقول بسنت أن فاطمة رشدي عاشت حياة مليئة بالأحداث المثيرة، وكانت لديها جماهيرية كبيرة في مصر والوطن العربي، كما ذاع صيتها أيضا في الغرب، إلا أن نهاية حياتها شهدت تحولات غريبة أثرت عليها وجعلتها تقيم في "لوكاندة" فقيرة جدا، ولم تتمكن من سداد قيمة اللوكاندة، تواصلت مع هند رستم، والتي اصطحبت ابنتها وزوجة الفنان الراحل مجدي العمروسي، وقاموا بجمع تبرعات من الفنانين حينها، وأبرزهم فريد شوقي ومجدي العمروسي ونقابة المهن التمثيلية وأعضائها، وقاموا بشراء شقة محترمة، وقاموا بنقلها إليها على الفور، وهو ما تسبب في حالة سعادة كبيرة لها، لأنها اكتشفت أن زملائها وتلاميذها قرروا الوقوف بجانبها ودعمها و"عززوها في أخر أيامها"، وأسكنوها شقة فخمة جدا بفرش يليق بها، بعد أن كانت تقطن في أوتيل درجة رابعة.


 

وتروي بسنت، أن فاطمة رشدي قبل رحيلها بفترة طلبت لقاء هند رستم، وقامت بإهدائها عدة شرائط كاسيت مسجلا عليها مذكراتها، وقالت لها أنها لها حق التصرف في هذه المذكرات، خاصة بعد موقفها الداعم لها في أزمتها ووقوفها بجانبها.

وتضيف بسنت أن والدتها كانت تعتز جدا بفاطمة رشدي وتقدرها وتعتبرها أهم فنانة في تاريخ مصر، وأول من فتح الطريق للمصريات في دخول عالم التمثيل، بعد أن سيطر عليه الأوروبيات واليهود لسنوات طويلة.

في الحلقة القادمة :

تفاصيل هروب فاطمة رشدي من منزل أسرتها بالإسكندرية وبدايات التحاقها بالمسارح في القاهرة .

كواليس لقائها الأول مع نجيب الريحاني ومحاولته التخلص منها بإرسالها للعمل في سيرك.