«دوري لا يزيد عن البغبغة وتحريض الناس».. لماذا قرر جمال الجمل العودة إلى مصر؟
بعد عودة الكاتب الصحفي جمال الجمل إلى مصر في الساعات الأولى من صباح 22 فبراير الماضي، شنت المواقع الإخوانية والقنوات التابعة للتنظيم الإرهابي، حملة هجوم شرسة وغير مبررة، منها من يروج لاختفاء الكاتب الصحفي قسريا، وأخرى تؤكد اعتقاله دون أسباب، إذ لم تنتظر الأبواق الإخوانية حتى تعرف ما الذي جرى على أرض الواقع، وما النتائج المترتبة على التحقيقات التي تجرى مع الجمل، خاصة أنه عائد بعد رحلة اسغرقت ما يقرب من 4 سنوات متواصلة في تركيا.
في السياق نفسه أعلن ابنه بهاء الجمل صباح اليوم توكيل المحامي ناصر أمين للدفاع عن والده، موضحًا عبر صفحته على فيس بوك: "والدي لا ينتمي لأي تيار غير استقلاليته وحبه لوطنه اللي رجعله بمحض إرادته و مواقفه معروفه و معلنه".
وخلال هذا التقرير يرصد "الرئيس نيوز" القصة الكاملة لما قام به جمال الجمل، فبعد أن كان كاتبا معارضا "مقدرا" داخل وطنه ينتقد كيفما يشاء ويتواصل معه رئيس الجمهورية بنفسه للمناقشة حول ما يكتب، تحول الأمر فجأة لخروجه من من مصر ليقرر أن يكتب ضدها من الخارج.
البداية 2014.. انتقادات للدولة وتقدير من النظام
كان جمال الجمل يكتب مقالات نقدية لاذعة ومعارضة بجريدتي "التحرير" قبل توقفها و"المصري اليوم"، وكانت آراؤه تنشر دون العبث بها أو التضييق عليها، وخلال يوم 9 سبتمبر من عام 2014 تلقى الكاتب الصحفي جمال الجمل مكالمة طويلة وغير متوقعة من الرئيس عبدالفتاح السيسي، لمناقشة القضايا التي طرحها الجمل في مقالاته بجريدة التحرير، وطبقا لتأكيدات الجمل نفسه أنه لم يكن يتوقع أن يهاتفه الرئيس السيسي، ويناقشه في أدق تفاصيل مقالاته التي انتقد فيها الطريقة التي تُدار بها البلاد.
قال الجمل حينها لجريدة "التحرير"، أن الرئيس السيسي عاتبه بسبب مقالاته عن أن البلد لا توفر الخدمات الأساسية للمواطنين، موضحًا أن الرئيس السيسي تحدث أيضا عن حجم الأعباء في إدارة الدولة، في ظل محدودية الموارد والإمكانيات، وكان منطق الرئيس في المكالمة (نشيل البلد كلنا مع بعض) لأن مصر في مرحلة صعبة، حيث أكد الجمل أن الرئيس في مكالمته أبلغه بشكل مباشر أنه لا يضيق من النقد ما دام في حدود المصلحة العامة ودون الإضرار بالبلد.
التوقف 2015 .. والخروج إلى تركيا 2017
بدأ الجمل مرحلة جديدة عبر الكتابة من خلال فيسبوك، ويظهر أول بوست له ليعلن توقفه إذ كتب: "حوصرت تمامًا، وفقدت آخر منبر أؤذن منه للحرية والمستقبل .. كنت أتمنى أن أدفع بنفسي ثمن مقالاتي، دون إضرار بأحد أو بالصحيفة التي أعتز بها، لذلك توجست من طريقة القبض على مؤسس "المصري اليوم" المهندس صلاح دياب، وتمنيت ألا يكون للأمر علاقة بمحتوى الصحيفة وحرية كتابها".
ظل الجمل يكتب عبر فيسبوك وعدد من المواقع المناهضة للدولة المصرية دون أن يتعرض له أحد، حتى ترك مصر عام 2017 متوجها إلى تركيا، ومقررا أن يكون ضمن صفوف الهاربين.
محاولات العودة 2019
خلال عام 2019 راجع جمال الجمل نفسه وندم على الخروج من مصر، حتى أنه كتب عبر صفحته الشخصية على فيسبوك قائلا : "كلمتين جد أرجو أن تفهموني .. مش مبسوط ومتغاظ لدرجة نقد نفسي بعنف.. مش قادر أشيل من دماغي فكرة الرجوع لمصر والمواجهة من الداخل.. مش قادر أتكيف بره البلد خاصة إن دوري لا يزيد عن البغبغة باسم الثورة وتحريض الناس من الخارج وأنا مش بتاع تحريض.. أنا بتاع وعي ودفعت ثمن ما أقول.. لذلك واثق إني مش هقدر أتحمل الاستمرار بره لفترة طويلة لأن دوري في الخارج أقل بكثير مما كنت أتصوره والداخل يحتاج كلمتي أكثر من الخارج".
مر عامين على حالة الندم التي فرضت نفسها على جمال الجمل، حتى قرر العودة إلى مصر فعليا ليصل في 22 فبراير إلى أرض الوطن.