الثلاثاء 19 مارس 2024 الموافق 09 رمضان 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تحقيقات وحوارات

حوار| عبداللطيف المناوي: الحكومة تقول نصف الحقيقة للمواطنين والإعلام فقد تأثيره في مواجهة السوشيال

الرئيس نيوز


 

- على مؤسسات الدولة دعم الإعلام للخروج من عباءة «صحافة البيانات»

- يجب أن يفهم الإعلام المصري المتغيرات التي طرأت على المجتمع

- من الأخطاء الشائعة أن يحسب الإعلاميين أنفسهم على أطراف بعينها

- جميع القنوات تتبع نظرية «الارتكان» ويقدمون الإعلام بشكل تقليدي غير جاذب

- مصر تأخرت في إطلاق قنوات إخبارية إقليمية ودولية 

- تراجع «ماسبيرو» أثر على الدولة ولا يوجد جدية لحل أزماته المتراكمة

- يجب ألا يكون الحوار الوطني موسمي بل ينبغي أن يستمر طوال الوقت

- انتقلنا من مرحلة التكوين لمرحلة ثبيت الدولة وأرفض ديكتاتورية الأكثرية وشروط الأقلية

- حزب «مستقبل وطن» ليس ظهيرا سياسيا للرئيس ولم يقدم مدلولا على ذلك

                  

مسيرة إعلامية طويلة للإعلامي والكاتب الصحفي عبداللطيف المناوي، رئيس تحرير جريدة المصري اليوم الحالي، ورئيس قطاع الأخبار الأسبق، بدأ المناوي حياته المهنية كصحفي، ثم أصبح مديراً لتحرير ومكتب جريدة الشرق الأوسط بالقاهرة، كما عمل محرراً في مجلة الأهرام الاقتصادية التابعة لمؤسسة الأهرام، حتى تولى منصب رئيس قطاع الأخبار في التلفزيون المصري، كما تولى عدة مناصب أخرى في المجال الصحفي والإعلامي على مدار سنوات طويلة.

في حوار خاص مع موقع «الرئيس نيوز» تحدث المناوي حول الحوار الوطني، ودور الإعلام وتأثيره في المجتمع، كما تطرق لشبكة القنوات الإخبارية الجديدة التي تطلقها الشركة «المتحدة» للخدمات الإعلامية، إضافة إلى النقاش حول أسباب تراجع «ماسبيرو»، وتفاصيل أخرى كثيرة، أبرزها مناقشته حول التبشير بحزب مستقبل وطن قبل تأسيسه، وذلك من خلال الدعوة في مقال له بضرورة وجود ظهير سياسي للرئيس.

وإلى نص الحوار..

بداية.. بحكم خبراتك وتجاربك، أرغب في معرفة تقييمك لأداء الإعلام المصري خلال السنوات الأخيرة؟

دعنا نتفق أنه بدلا من الغرق في تقييم ما سبق، علينا أن نتحدث عن ما هو آت، وأعتقد أن هناك حاجة ماسة للإعلام في أن يفهم التغيرات الكبيرة التي طرأت على المجتمع في هذه المرحلة، ويجب أن يتفهم كيفية التعامل مع هذه التغيرات، والا خرج الإعلام من دائرة المنافسة، وعلينا أيضا أن نتجه لاستغلال التكنولوجيا الحديثة والمتطورة لجذب الناس لمتابعة الإعلام، كما يجب أن تفتح مساحة حقيقية للإعلام والإعلاميين حتى يمارسوا العمل بمهنية حقيقية تمكنهم من الحصول على المعلومات ومناقشتها بموضوعية، أيضا على أجهزة الدولة المختلفة أن تساعد الإعلام المصري حتى يخرج من عباءة إعلام وصحافة البيانات إلى إعلام الصحافة المهنية، وهذا لا يتناقض إطلاقا مع مفاهيم الأمن القومي، ولا يختلف مع مفاهيم حماية الدولة، وعلى مؤسسات الدولة المختلفة أن تدعم الصحفي للقيام بدوره بحريه، كما يجب أن يتم تأهيل جيل جديد من الصحفيين والإعلاميين بصورة تتناسب مع طبيعة المجتمع والتطور التكنولوجي والمتغيرات التي جرت خلال السنوات الأخيرة في المجتمع، ويجب السماح بمساحات أخرى وتعبيرات إعلامية أخرى وحضور اعلامي أخر، يكشف عن الاختلافات داخل المجتمع والرؤى المتعددة في كافة المجالات، وهذا سيساهم في الارتقاء بمستوى الإعلام، وأعتقد أنه بدون كل هذه العناصر فستستمر الأزمة في الإعلام.

هل تقصد أن الإعلام المصري فقد تأثيره المجتمعي مؤخرا؟

بالطبع، اذا افترضنا أن هناك سباق بين أشكال السوشيال ميديا  الجديدة (الإعلام الشعبي) وبين الإعلام التقليدي (صحافة وتليفزيون)، اعتقد أن الإعلام التقليدي هو الخاسر في هذا السباق، وبالتالي يجب على المسؤولين عن هذه الصناعة التوقف والتفكير في كيفية تطوير أدوات الإعلام وأساليبه وطرق استخدامه وتطويره، وذلك من خلال ربط الإعلام بالسوشيال ميديا ليكون هو القائد والموجه لها وليس العكس، خاصة أن إعلام التواصل الاجتماعي دائما به مشكلة في المصداقية وكثيرا ما يميل لترويج شائعات، وعلى المسئولين عن الإعلام وضع خطط تطوير تواجه هذا الأمر.

هل الإعلام يجب أن يكون معبرا عن المواطن أم عن رؤية الحكومة؟

الإعلام يجب أن يعبر عن الدولة بمفهومها العام والشامل، يجب أن يكون صوتا لكافة عناصر الدولة المختلفة (شعب - حكومة - مؤسسات - قوى سياسية واجتماعية - قوى اقتصادية) ودور الإعلام أن يعبر عن الجميع وينقل رؤيتهم وهمومهم ويناقش الأزمات بموضوعية ومهنية.

الكثير من الإعلاميين يظهروا على الشاشات ليقولوا وجهة نظرهم الخاصة.. فما رأيك؟

حقيقة هذا ليس دور الإعلامي، والإعلام ليس رسالة رسول ولا الإعلاميين أنبياء، وبمفهوم المهنية فهناك إعلاميين جيدين وإعلاميين غير جيدين مثلما الحال بين الأطباء والمهندسين وحتى «الصنايعية» في مختلف المهن، فهناك الجيد وهناك الرديء، المهم أن تتوفر الإمكانيات والأدوات اللازمة لتقديم إعلام جيد مهني موضوعي والمناخ المناسب للعمل الإعلامي، ولا يجب أن يكون الإعلامي مع الحكومة أو مع الشعب أو مع المعارضة أو مع أي طرف، فدور الإعلامي العمل بمهنية بين كل هؤلاء، ومن الأخطاء الشائعة في المهنة أن بعض الإعلاميين يحسبوا أنفسهم على أطراف بعينها، وهذا أمر غير مهني بالمرة، فالإعلامي والصحفي يجب أن يكون مع الخبر، وينقل وجهة نظر الشارع والحكومة والمعارضة ويكشف السلبيات والإيجابيات، فهذه هي وظيفة الإعلام.  

ماذا عن أسباب تراجع نسب مشاهدة برامج «توك شو»؟

للأسف لم يعد هناك جمهور كبير لبرامج «توك شو»، وحقيقة يجب أن نعيد النظر في هذه النوعية من البرامج، وهذا يرتبط بتطور الوسائل، وللأسف أغلب القنوات قبلت أن نعمل بالمعادلة السهلة (نظرية الارتكان) والسير على الشكل التقليدي الذي عهدناه لسنوات كثيرة وفقد بريقه، فخريطة كافة القنوات أصبحت متشابهة، برنامج صباحي مع مسلسلين مع برنامج للمرأة وبرنامج للطبخ وبرنامج توك شو، وحقيقة يجب أن يراجع مسؤولي صناعة الإعلام أنفسهم ويدرسوا الواقع الجديد والتطور الكبير الذي يشهده الإعلام في العالم، مع مراعاة ما يتناسب مع مجتمعنا المصري، وعلينا أن نتجنب الأمور التقليدية ونطور كافة الخرائط البرامجية لقنواتنا المختلفة والمتعددة، لنتغلب على التشابه والروتين، وعلينا ابتكار أشكال إعلامية جديدة جاذبة للجمهور.

 

تابعنا في وثيقة ملكية الدولة أن الإعلام أحد المجالات التى ستتخارج منها الدولة بنسبة ما خلال الفترة المقبلة.. ما رأيك؟

أرى أن العالم بأكمله به مساحة لرأس المال ليكون حاضرا في الإعلام، وهناك وسائل إعلام خاصة في كافة دول العالم، ودور الدولة يكون التنظيم والرقابة من خلال مؤسسات تابعة لها، وستجد بريطانيا أم الديمقراطيات في العالم نفسها بها مؤسسة لتنظيم الإعلام تابعة للدولة، دورها وضع الضوابط والقواعد والقوانين المنظمة التي تسري على الجميع، وأعتقد أن المنع ليس حلا لأي قضية والحل هو وضع قواعد مهنية ملزمة للجميع تتناسب مع التطور والحداثة والتكنولوجيا وعالم الاتصال.

مؤخرا أعلنت المتحدة عن شبكة قنوات إخبارية جديدة.. هل تحتاج مصر لتلك القنوات؟

بالطبع تحتاج مصر هذه القنوات، وتأخرنا كثيرا في هذا الأمر، فوجود وسائل إعلامية إخبارية إقليمية ودولية تابعة للدولة أمر في غاية الأهمية، وأن تأتي متأخرا خيرا من ألا تأتي أبدا، فوجود قنوات إخبارية لأي دولة هو ضمانة للتواصل والتواجد، وهو أحد أساليب الردع والرد، ومعظم القنوات الإخبارية العربية قامت على أيدي مصريين وأنشأها وأسسها مصريين، ويجب أن ندرس قبل اكمال التجربة (شكل المشاريع الناجحة للأخذ منها وشكل المشاريع التي فشلت لتجنها)، فالتجارب السابقة سواء نجحت أو فشلت لها دور فاعل في مشروعات المستقبل، حتى نسير على الطريق الصحيح قبل اطلاق مشروع إعلامي جديد علينا أن ندرس كافة المشروعات السابقة لدينا وفي الخارج أيضا، حتى لا نكرر الأخطاء.

وما هي المعايير المطلوب توافرها في القنوات الإخبارية الجديدة؟

مفهوم الالتزام بالمهنية هو الأساس الأول للنجاح، وهذا ليس اختراع، وأن تكون هناك مساحات للتعامل بمهنية، فقناة أخبار تعني تغطيات أحداث ويمكن أن تكون مهني وتحمل وجهة نظرك في نفس الوقت، فالمهنية شرط أساسي للنجاح، ويجب ألا تتحول هذه القنوات لأداة من أدوات الدعاية الفجة والبروباجندا، فالأخبار تحدث ولا تحتاج لتأويلات، وعليك لتنجح أن تقوم بتغطيتها أولا بأول، وتحللها من خلال مساحات للمناقشة الموضوعية للأحداث الجارية، وإدارة التغطيات بشكل مهني موضوعي.

ما سبب تراجع مستوى قطاع الأخبار في السنوات الأخيرة؟

ليس قطاع الأخبار وحده الذي تراجع، ماسبيرو بالكامل لديه مشاكل يعاني منها منذ عدة سنوات، نتيجة تراكم المشاكل لعشرات السنين، وللأسف لم ينظر لهذه المشاكل بالجدية الكافية ولا الدراسة العلمية السليمة، وتقديري أن هناك خسارة كبيرة للدولة ككل بسبب تراجع مستوى ماسبيرو، والدولة الأن في حاجة لوجود أدوات إعلامية قوية ومؤثرة تعبر عنها، ولا يمكن إنكار أن ماسبيرو لديه عناصر على قدر كبير من الكفاءة، وقادرة على النجاح، ولكن يجب أن يتوفر قرار قوي وإرادة قوية للحل بأسلوب علمي، مع وضع خطط علمية تستغرق سنوات للحل، ويجب اتباع التفكير العلمي والإرادة الجيدة والأساليب العملية القادرة على التحول لطرق عملية للنجاح.

 

ما تقيمك لخطاب الحكومة المصرية عن الأزمة الاقتصادية الحالية مؤخرا ؟

حقيقة بعض الوزارات تتحدث عن نصف الحقيقة وهذا أمر في غاية الخطورة، فمثلا ستجد إحدى المؤسسات الاقتصادية صدر عنها تقرير تحدث عن خفض في التوقع بالنسبة للاقتصاد المصري من مستقر إلى غير مستقر، لنجد وزارة المالية تأخذ نصف الحقيقة، وتركت النصف الآخر، وتحدثت بطمأنة شديدة عن وضع الاقتصاد المصري في حين أن العالم بأكمله يتحدث عن أزمة حقيقية خطيرة ومرعبة، وأرى أن مصارحة الناس بالحقائق هي الخطوة الأولى للخروج مما نحن فيه من أزمة، لأن الفهم والإحساس بالمشاركة وأخذ الخطوات للخروج من الأزمة أمر مهم جدا.

ما تقيمك لفكرة الحوار الوطني خاصة بعد بدء جلساته الأولى؟

مجرد طرح مفهوم الحوار يعتبر احد الإيجابيات المهمة جدا، وفي رأيي أن هذا الحوار لا ينبغي أن يكون موسمي، ولكن ينبغي أن يكون دائم ومستمر طوال الوقت، وعندما نحتاج في وقت معين التركيز على موضوعات معينة فيمكن الحديث عن حوار مخصص لهذا الأمر، وحاليا نمر بمرحلة انتقالية مهمة جدا لتثبيت شكل الدولة الجديدة ووضع ملامح للشكل السياسي والاجتماعي والاقتصادي، خاصة بعد الانتهاء من مرحلة يمكن أن نسميها (مرحلة التكوين) وبعد انتهائها علينا أن نتوقف قليلا للتفكير في المستقبل بمشاركة كافة فئات المجتمع من خلال الحوار، ويجب أن نصل إلى توافق يبدأ بمفهوم قواعد للاتفاق وقواعد للاختلاف.

وماذا عن مشاركة المعارضة في الحوار الوطني وشروطها التي أعلنت عنها؟

كما أنا ضد ديكتاتورية الأكثرية فأنا أيضا ضد إعاقة الحوار بوضع شروط، فجميعنا أبناء وطن واحد ولا يجب التعامل بمنطق الأكثرية والأقلية، وبالتالي مفهوم الشروط غير مقبول من أي طرف، ويمكن الحديث عن مناخ للحوار وضمانات لجدية الحوار، هذا أمر طبيعي وعادل وموضوعي، ولكن فكرة اما أن يكون هذا الشكل أو لا فلا منطق له، وأعتقد أن وضع شروط مسبقة هي عملية تتناقض مع مفهوم الحوار في حد ذاته، وأرى أننا تجاوزنا هذه المرحلة خاصة بعد بدء الحوار الوطني فعليا.

 

كان لك مقال منذ عدة سنوات يطالب بوجود ظهير سياسي للرئيس واعتبره البعض تبشيرا بحزب مستقبل وطن.. ما تعقيبك؟

حقيقة لا أعرف هل حزب مستقبل وطن ظهير سياسي للرئيس أم لا، ولكن رأيي أن ترجمة الحضور الشعبي في مؤسسات سياسية هو تطور طبيعي لحياة الشعوب وتطور للمجتمعات، ولازلت أطالب بظهير سياسي للرئيس ينبغي أن يكون موجود على الأرض، في ظل وجود شراكات لحضور سياسي لقوى سياسية أخرى، وظهير سياسي يمتلك شعبية وأرضية جماهيرية أمر مهم جدا، في ظل حضور سياسي لقوى سياسية واجتماعية أخرى لها حق التواجد والمشاركة السياسية لخلق صيغة سياسية عادلة متكافئة، وأتمنى ان يخرج الحوار الوطني بهذه التوصيات.

معني ذلك أن حزب مستقبل وطن ليس ظهيرا سياسيا للرئيس؟

لا أدعي انني على علم بهذا الأمر، ولكن ما أعرفه أن الرئيس لم يتحدث يوما عن أن مستقبل وطن ظهيره السياسي، ولم يقدم الحزب نفسه على أنه ظهيرا للرئيس، كما أنه لم يقدم مدلولا على ذلك في المجتمع، وبالتالي لا يمكن أن نحكم على هذا الأمر، فهو حزب كأي حزب أخر.