السبت 27 أبريل 2024 الموافق 18 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تحقيقات وحوارات

قراءة في الـ100 يوم الأولى من حكم بايدن وعلاقته بالشرق الأوسط وإيران.. مزيج صادم من "الحمائم والصقور"

الرئيس نيوز


 

يعمل الآلاف في البيت الأبيض، بجناحيه الغربي والشرقي ومجلس الوزراء علاوة على 12 مكتبًا تنفيذيًا معاونًا للرئيس الـ46 للولايات المتحدة، ويمكن بسهولة ولكن بنظرة فاحصة إلى الأشخاص الذين ينفذون مخططات وأفكار الرئيس الجديد تحت إدارة "بايدن –هاريس" يدرك كيف أحاط جو بايدن نفسه بمزيج مثير للدهشة من الحمائم والصقور.

 

واجه بايدن صعوبة بالغة عند توليه الرئاسة، فكانت الولايات المتحدة في خضم جائحة صحية عالمية واضطراب اقتصادي غير مسبوق وكان على واشنطن العاصمة التصدي للهجوم الأول على مبنى الكابيتول الأمريكي منذ 200 سنة، وعلى نطاق واسع، كانت مهمة بايدن هي محاولة شفاء أمة جريحة ومشتتة ومنقسمة، حيث ترى نسبة كبيرة من الناخبين أن فوزه في الانتخابات غير شرعي أو على الأقل مشكوك في صحته، وأنصاره متعطشون لاتخاذ إجراءات عاجلة ودراماتيكية بشأن مجموعة من القضايا التي تمتد من التعافي من الجائحة إلى العمل متعدد الأطراف بشأن المناخ.

 

وكان عبور عتبة الـ100 يوم الأولى في المنصب ليس علامة رسمية، لكنه أعطى إشارة مبكرة وصورة أولية مهمة لأولويات وأسلوب حكم الرئاسة، فخلال الأشهر الأولى لفرانكلين ديلانو روزفلت في المنصب - في أعماق الكساد الكبير في عام 1933 - توطدت أهمية المائة يوم الأولى للإدارة في الوعي الشعبي لدى الأمريكيين، وصار تقليدًا منذ ذلك الحين فهل يستطيع الرئيس الاستفادة من "شهر العسل السياسي" الذي أتاحه وصوله إلى السلطة في وقت الأزمات، وإذا كان الأمر كذلك، فكيف؟ هل الإجراءات التي تمت خلال هذه المرحلة المبدئية تبني أم تستنفد رأس المال السياسي؟ بماذا ينبئ أسلوب حكم الرئيس لما تبقى من فترة حكمه؟ كيف يتم هيكلة الإدارة تنظيميًا؟ من الذي يتم تعيينه لتولي أية أدوار ووظائف رئيسية وعلى أي أساس يتم اختيار فريق الرئيس؟

 

وكالمعتاد على المسرح السياسي في الولايات المتحدة؛ كل هذه الأسئلة المتعلقة بـ "المائة يوم الأولى" كانت لها أهمية خاصة في حالة رئاسة بايدن، ووصوله إلى السلطة خلال أعمق أزمة واجهتها الولايات المتحدة منذ عقود، والسعي إلى تنفيذ الأجندة الرئاسية الأكثر أهمية بالنسبة لأجيال متعددة، ويسعى هذا التقرير المجمع إلى تقديم المعينين الرئيسيين من قبل إدارة بايدن وإبراز أهميتهم بالنسبة لملفات الشرق الأوسط والصين والعلاقات الأوروبية وإيران، ولكن التقرير يركز على شخصيات معينة ترسم خلفياتها صورة واضحة لسياسات إدارة بايدن – هاريس، ليس في المائة يوم الأولى فقط بل في 1260 يومًا التالية.

بعد مرور 100 يوم من تولي إدارة بايدن، بات من الواضح تمامًا أن هذه الإدارة تمثل خروجًا مهمًا عن خط سياسات ترامب وأوباما وبوش، يمكن العثور على دليل قاطع على ذلك في تعيينات بايدن للمناصب الوزارية رفيعة المستوى والأدوار الاستشارية الرئيسية.

التنوع بين حمائم وصقور

ما يقرب من 55 في المائة من حكومة بايدن من غير البيض و45 في المائة من الإناث، ويعتبر ترشيح الحكومة الأكثر تنوعًا في تاريخ الولايات المتحدة، وهي حكومة تشبه أمريكا، وكانت تلك التشكيلة السمة المميزة لبداية عهد بايدن، ومن بين الأعضاء الخمسة عشر في هذا التشكيل وحده، يمثل سبعة منهم أول أقلية تشغل مناصبهم على الإطلاق - من أول أمريكي أسود يقود البنتاجون، إلى امرأة تتولى حقيبة وزارة للخزانة.

مزيج مبهر من أهل الخبرة وأهل الثقة

بمراجعة تعيينات بايدن عن كثب، يمكن تقديم المزيد من الملاحظات، تشكل حكومة بايدن معًا "فريقًا من المهنيين" - خبراء طموحين في تخصصاتهم يتمتعون بسمعة ممتازة في تحقيق إنجازات على أعلى المستويات في الأوساط الأكاديمية والخدمة العامة والقانون والجيش، و14 من أصل الأعضاء الخمسة عشر عملوا سابقًا في إدارات رئاسية، وشغلوا سابقًا مناصب كمستشارين للرئيس ونائب الرئيس، وأعضاء في المجلس الاقتصادي الوطني وحتى وزير الخارجية.

 

كما عمل العديد من الأعضاء معًا لتنفيذ السياسة خلال سنوات أوباما، بما في ذلك العديد ممن عملوا كمستشارين لبايدن نفسه حين كان نائبًا للرئيس، وهذه المجموعة ليست فقط مؤهلة تأهيلاً عالياً، ولكنها معروفة لبعضها البعض ويثق بهم الرئيس بايدن بشدة، ويتجلى الوثوق بهم في إنجاز المهام وإظهار الالتزام بأجندة سياسة الإدارة.

يمتلئ مجلس الوزراء بخريجي رابطة اللبلاب "Ivy Leagueوهي رابطة رياضية تجمع ثماني جامعات تعتبر من أشهر وأقدم جامعات الولايات المتحدة الأمريكية التي تقع في الشمال الشرقي للبلاد،  وجميعهم من ذوي القدرات العالية، ومعظم الإدارات الأمريكية السابقة لديها عدد لا يحصى من خريجي رابطة اللبلاب، في المناصب العليا. يحمل 41 في المائة من موظفي بايدن شهادة جامعية من إحدى جامعة اللبلاب (مقارنة بنسبة 21 في المائة لجميع مساعدي ترامب)، ومع ذلك، فإن ما يلفت الانتباه في كل من المعينين من قبل بايدن ليس مواقفهم الفريدة أو المثيرة للجدل بشأن السياسة أو شخصياتهم أو ولائهم لسمات تمثل سياسات الحزب الديمقراطي، بل ما يلفت الانتباه حقًا هو إنجازاتهم المهنية السابقة وخبراتهم الواسعة، هذه المجموعة بشكل عام من الشخصيات السياسية والشخصيات المعتدلة والمتوافقة، وتم الإشادة بها، عند التعيين، إلى حد كبير لخبرتها وقدرتها على العمل عبر الطيف السياسي.

ماذا يعني كل هذا؟ أولاً، يشير ذلك إلى أن التحديات الفريدة التي قدمتها إدارة ترامب والوباء لم يغير الأولويات السياسية لكبار المسؤولين الحكوميين فحسب، بل ربما غيّر أيضًا نهجهم تجاه الحكومة، من المحتمل أن تكون الأسئلة غير المسبوقة حول مستقبل الديمقراطية الأمريكية قد بلورت هدفًا مشتركًا وساعدت في خفض الاقتتال الداخلي في إدارة بايدن المبكرة.

من خلال مراجعة اللاعبين الرئيسيين في إدارة بايدن، لن يلخص هذا التجميع إنجازاتهم وطريقة العمل الظاهرة فحسب، بل سيحلل الاتجاهات التي تشير إلى كون فريق بايدن ربما قرروا أن يكونوا حمائم فقط في مواجهة انتقادات الحزب الجمهوري المنافس وفي إدارة ملف الاقتصاد الأمريكي من حيث سعر الفائدة وإعانات العاطلين عن العمل، ويبدون صقورًا في غالبية ملفات السياسة الخارجية.