السبت 23 نوفمبر 2024 الموافق 21 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

الولايات المتحدة والشرق الأوسط.. نظرة على تاريخ سياسة سوء التقدير

الرئيس نيوز

رجح موقع كاونتر بنش أن تجربة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط أشبه إلى دراسة كلاسيكية للحسابات السياسية والعسكرية الخاطئة التي تؤدي إلى الفشل الاستراتيجي في نهاية المطاف، ورجح كذلك أن الدعم السياسي الذي يقدمه الرئيس جو بايدن لرئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والذي يتعرض لاختبار مؤلم، ودعمه العسكري لقوات الاحتلال، والذي يجعل الولايات المتحدة متواطئة في حملة الإبادة الجماعية الإسرائيلية ضد سكان غزة، هو أحدث وأسوأ مثال على تصرفات الولايات المتحدة التي تندرج بشكل مثالث تحت عنوان سوء التقدير.

وبشكل عام، أدت ممارسات القوة العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط، والتي تهدف إلى تحقيق ميزة استراتيجية، إلى نتائج عكسية فقد أدى ذلك إلى حالة من الفوضى في الشرق الأوسط والخليج العربي، وفتح الفرص الدبلوماسية التي لا حصر لها أمام روسيا والصين.

وحدثت البداية الحديثة للحسابات الأميركية الخاطئة في الشرق الأوسط قبل ما يقرب من سبعين عاما، عندما عرض وزير الخارجية جون فوستر دالاس دعم بناء سد أسوان في مصر ثم تراجع فجأة، وعندما خضع دالاس للضغوط اليمينية لوقف الدعم المالي للسد، قام الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بتأميم شركة قناة السويس.

وأدى العرض الأصلي لمصر إلى خلق قلق سياسي في إسرائيل، مما أدى إلى زيادة كبيرة في الدعم العسكري الفرنسي لجيش الاحتلال الإسرائيلي، وفي النهاية إلى مخطط بريطاني – فرنسي - إسرائيلي سري لغزو سيناء وتأمين قناة السويس، فيما عرف باسم العدوان الثلاثي، كما فتح سحب المساعدات الأمريكية الباب أمام زيادة النفوذ السوفييتي في القاهرة، وأدى تأميم القناة إلى الغزو الثلاثي لمصر من قبل بريطانيا وفرنسا وإسرائيل.

وقد تم التعامل مع انتقادات الرئيس دوايت د. أيزنهاور للعدوان الثلاثي بشكل إيجابي من قبل مصر، ولكن إعلان مبدأ أيزنهاور بعد عام كان بمثابة انتقاد لناصر وللعلاقات السوفيتية المصرية القوية.

وأدى مبدأ أيزنهاور إلى دعم وكالة المخابرات المركزية السري لمعارضة عبد الناصر السياسية، فضلا عن مقاطعة اقتصادية خطيرة. كانت المقاطعة بمثابة نموذج للعقوبات اللاحقة (غير الناجحة في الغالب) ضد دول العالم الثالث مثل كوبا وليبيا، مما فتح فرصًا إضافية للنفوذ الدبلوماسي السوفييتي.
ولا تزال لحروب الرؤساء جورج بوش الأب ثم جورج دبليو بوش عواقب هائلة غير متوقعة، والتي لا تزال تخلق مشاكل سياسية وعسكرية للولايات المتحدة في مختلف أنحاء المنطقة. 

ويعتبر معظم النقاد أن حرب الخليج عام 1990، والمعروفة باسم عاصفة الصحراء، كانت بمثابة نجاح كبير لمصالح الولايات المتحدة، ولكن كان من الممكن تجنب الحرب. وكان الرئيس السوفييتي ميخائيل جورباتشوف قد تلقى موافقة صدّام حسين على سحب القوات العراقية من الكويت، ولكن الأوان كان قد فات بالنسبة لإدارة بوش التي التزمت باستخدام القوة.

وأدت الحرب إلى صعوبات خطيرة للرئيس بيل كلينتون في الشرق الأوسط طوال فترة رئاسته التي استمرت لفترتين، علاوة على ذلك، كانت عملية عاصفة الصحراء مصدر إلهام لأسامة بن لادن لمهاجمة الولايات المتحدة.

ومن المثير للاهتمام أن بوش الأب ومستشاره للأمن القومي الجنرال برنت سكوكروفت بذلا جهودًا جادة لإثناء بوش الابن عن قراره المصيري بالإطاحة بصدام حسين في عام 2003، والذي كان ينافس حرب فيتنام باعتبارهما من أسوأ الحسابات الخاطئة في أي قرار أمريكي بالرحيل عبر شن الحرب، فقد زعم بوش الأب أن استخدام القوة العسكرية الأميركية من الممكن أن يؤدي إلى تمزيق الدولة العراقية والإضرار بتوازن القوى على المدى الطويل في الخليج العربي، وهو ما حدث بالفعل. 

ولم يكن لدى الولايات المتحدة حجة حقيقية لشن حرب ضد العراق، لذا فقد اختلقت حجة زائفة حول عدم وجود أسلحة نووية. وساعد مدير وكالة المخابرات المركزية جورج تينيت الرئيس في تقديم هذه القضية من خلال تقديم تقارير استخباراتية زائفة إلى البيت الأبيض. وأكد تينيت للرئيس أن تقديم مثل هذه المعلومات الاستخبارية سيكون بمثابة "ضربة قاضية".

كتب سكوكروفت مقالًا لمجلة نيويوركر لتذكير بوش الابن بأن إدارة والده لديها أسباب وجيهة لوقف الغزو الأمريكي على الحدود العراقية في عام 1991، وخلص سكوكروفت إلى أن الغزو الأمريكي سيؤدي إلى حرب أهلية في العراق وسيتطلب تدخلًا أمريكيًا ومن ثم الوجود العسكري لفترة طويلة، وفي الواقع، لا تزال عدة آلاف من القوات العسكرية الأمريكية موجودة في العراق، وتواجه وجود النفوذ الإيراني، وقد فتح الغزو الأمريكي الباب أمام إيران بعد كل شيء.