السبت 23 نوفمبر 2024 الموافق 21 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

حصاد 2022.. الدفاع عن مصالح القارة الإفريقية في صدارة السياسة الخارجية لمصر

الرئيس نيوز

واصلت مصر بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال عام 2022، جهودها الرامية لتعزيز العلاقات مع الدول الإفريقية؛ ليظل الانتماء المصري لقارة إفريقا يقينا راسخا في صدارة دوائر السياسية الخارجية بل ويشكل أحد المعالم الرئيسية في تاريخ مصر، فضلا عن دوره في تطوير حاضر البلاد وصياغة مستقبلها.

ومنذ تولي الرئيس السيسي مقاليد الحكم سعت مصر إلى القيام بدور فاعل ونشط في مختلف آليات العمل الإفريقي المشترك، حيث حرص على تعظيم الدور المصري في إفريقيا من خلال تنشيط التعاون بين مصر والأشقاء الأفارقة في كافة المجالات، وهو الأمر الذي انعكس في القيام بالعديد من الزيارات واستقبال المسئولين الأفارقة في مصر، وما شهدته تلك الزيارات من توقيع العديد من الاتفاقيات الثنائية بين مصر والدول الإفريقية؛ بهدف دعم وإرساء أسس للتعاون المشترك في شتى المجالات أخذا في الاعتبار التطورات والمتغيرات الجارية على الساحة الدولية، وفق ما ذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط.

جهود وتحركات منسقة تعكس الدور الريادي لمصر في القارة، تُوجت برئاسة السيسي الاتحاد الإفريقي في عام 2019، حيث واصلت مصر التعاون على المستوى الثنائي مع كافة دول القارة الإفريقية، وتابعت مصر وتفاعلت بإيجابية مع التطورات في القارة؛ الأمر الذي انعكس على حجم الزيارات المتبادلة واللقاءات رفيعة المستوى بين مصر والدول الإفريقية.

وفيما ينطلق قطار التنمية في مصر صوب الجمهورية الجديدة، يبقى الدفاع عن مصالح القارة الإفريقية وتحقيق التنمية والعمل على تحقيق مصالح شعوبها وتطلعاتهم إلى مستقبل أفضل على رأس أولويات مصر في علاقاتها الخارجية، حيث يحرص الرئيس السيسي خلال جميع المناسبات واللقاءات والمؤتمرات والقمم على التركيز على حشد جهود المجتمع الدولي من أجل دعم التنمية في القارة السمراء.

حرص عكسته مؤخرا تأكيدات الرئيس السيسي، خلال مباحثاته مع وزير الخارجية الأمريكي انتونى بلينكن على هامش أعمال القمة الإفريقية الأمريكية التي عقدت بواشنطن قبل أيام، حيث أشار إلى أن القارة الإفريقية تحتاج إلى بنية أساسية قارية مكتملة الأركان لدعم تنفيذ الجهود التي تستهدفها، وليكن ذلك من خلال مشروع دولي ضخم يحشد الموارد والدعم من الدول الكبرى والخبرات التنموية الدولية لبلورة رؤية شاملة لتلك البنية الأساسية التي تعتبر حتمية لنجاح جهود التنمية في القارة.

وفي ظل أزمة الغذاء التي يعاني منها العالم بأسره، حرص الرئيس السيسي خلال قمة واشنطن، التي عقدت في الفترة من 13 إلى 15 ديسمبر الجاري، على تسليط الضوء على القارة الإفريقية وما تعانيه من نقص في الغذاء، حيث استعرض سيادته رؤية مصر لتعزيز الأمن الغذائي في إفريقيا.

رؤية مصرية لتعزيز الأمن الغذائي في القارة من خلال خمسة محاور تتضمن الحاجة لمراعاة تأثير الأزمات الدولية على اقتصاديات دولنا، خاصة الدين الخارجي، ما يفرض وضع آليات لتخفيف عبء الديون عبر الإعفاء أو المُبادلة أو السداد المُيسر، فضلا عن تكثيف الاستثمارات الزراعية الموجّهة إلى إفريقيا لتطوير القدرات الإنتاجية والتخزينية لدولها عبر توطين التكنولوجيا الحديثة بشروط مُيسرة، بالإضافة إلى ضرورة الحفاظ على انفتاح حركة التجارة العالمية.. والتأكيد على أن اتفاقية التجارة الحرة الإفريقية توفر إطارًا لتعزيز التكامل بين دول القارة، ونأمل في دعم الدول الكبرى لدولنا لتعظيم الاستفادة منها بالاستثمار في البنية التحتية والمشروعات الزراعية.

الرئيس السيسي أكد كذلك على أن وجود ارتباط وثيق بين الأمنين الغذائي والمائي أمر لا شك فيه، وتنظر مصر لهذا الرابط باعتباره أمنًا قوميًا، بما يحتم توافر الإرادة السياسية لصياغة أطر قانونية لضبط مسار التعاون بين الدول التي تتشارك الموارد المائية وبما يسهم في تحقيق التنمية دون إلحاق ضرر ذي شأن.

وشدد الرئيس السيسي على أن تحقيق الأمن الغذائي يرتبط بجهود التكيّف المناخي، مشيرا في هذا الصدد إلى مخرجات قمة المناخ التي استضافتها مصر مؤخرا.

وقال إن مصر أطلقت عددًا من المبادرات في مجال تمويل التكيف، ومنها إنشاء مركز القاهرة للتعلم والتميز حول التكيف والصمود بالتعاون مع الجانب الأمريكي، بالإضافة لمبادرة "الغذاء والزراعة من أجل التحول المستدام" (فاست) مع منظمة الأغذية والزراعة (فاو)، كما تم إيلاء أهمية خاصة لمحور الوفاء بالالتزامات بالتأكيد على التزام الدول المتقدمة بتوفير تمويل 100 مليار دولار سنويًا لمواجهة تغير المناخ، كما نجح المؤتمر ولأول مرة في إنشاء صندوق لتمويل الدول النامية لتجاوز خسائر وأضرار تغير المناخ، معربا عن التطلع إلى بدء مسار تفعيل الصندوق بما في ذلك هيكله التمويلي.

وخلال القمة الإفريقية - الأوروبية التي عقدت ببروكسل في فبراير الماضي.. أكد الرئيس أن الدعم المقدم الى الدول الإفريقية بما فيها مصر لمواجهة تداعيات فيروس "كورونا" يمثل خطوة على الطريق نحو الشراكة الشاملة التي نسعى إليها في المجال الصحي.

وخلال كلمته في القمة، دعا الرئيس السيسي الشركاء من الدول الصديقة إلى تعزيز الجهود المبذولة في هذا المجال لدعم الدول الإفريقية وتوفير الدعم اللازم والمستدام لسد الاحتياجات الصحية والآليات الدولية لتوزيع اللقاحات لتصبح أكثر عدالة واستجابة للظروف الاجتماعية والاقتصادية لكل منها.

"إفريقيا تقع في قلب تحديات تغير المناخ وتتأثر بها على نحو يفوق غيرها من المناطق"، واقع أكد عليه الرئيس السيسي خلال الجلسة رفيعة المستوى لحوار بطرسبرج في يوليو الماضي، حيث أشار سيادته إلى أن إفريقيا لها وضع خاص وقدرات محدودة على التعامل مع الأزمات في ظل ضعف حجم التمويل المتاح لها للتغلب على تلك الصعاب.

وأضاف أن أزمتي الغذاء والطاقة فاقمتا من حجم التحديات التي يتعين على الدول الإفريقية مواجهتها، إلى جانب ما يمثله تغير المناخ من تهديد حقيقي لدول القارة التي تعاني من التصحر وندرة المياه وارتفاع مستوى البحر والفيضانات والسيول.

ودائما يحرص الرئيس السيسي على التواصل بصفة مستمرة مع قادة الدول الإفريقية، وذلك من خلال الزيارات المتبادلة أو الاتصالات الهاتفية ومشاركة الرئيس في كافة الاجتماعات والقمم التي تعقد على مستوى قادة القارة.

الاستعداد لتسخير إمكاناتها وخبراتها لدفع عجلة العمل الإفريقي المشترك لآفاق أرحب تؤكد عليه مصر في جميع الفعاليات الإقليمية وخلال اللقاءات.

كما تشدد مصر على حرصها على تحقيق مردود ملموس من واقع الاحتياجات الفعلية للدول والشعوب الإفريقية، خاصةً من خلال خلق حالة من التوافق حول المهددات الرئيسية للسلم والأمن، وفي مقدمتها مكافحة الإرهاب، وقيادة مسار التنمية المستدامة بالقارة، ونقل التجارب والخبرات الفنية المصرية من خلال تكثيف الدورات والمنح التدريبية المختلفة للأشقاء الأفارقة، وهو الأمر الذي من شأنه أن يرسخ الدور المصري المحوري في إفريقيا بما لديها من أدوات مؤثرة وخبرات فاعلة ورؤى متوازنة.

وفي هذا الإطار.. وضعت مصر من ضمن أولويات رئاستها للاتحاد الإفريقي في عام 2019 أهم آليات ومبادرات العمل الجماعي المتفق عليها في إطار الاتحاد الإفريقي،لا سيما أجندة التنمية في إفريقيا 2063، ومختلف مبادرات التكامل الاقتصادي والاندماج الإقليمي وتعزيز التجارة البينية بالقارة، وآليات منع وتسوية النزاعات الإفريقية، وعملية الإصلاح المؤسسي للاتحاد الإفريقي، كما التزمت مصر التزاما كاملا بدعم تنفيذ أجندة 2063 في شتى المجالات، ولاسيما ما يتصل بها من مشروعات بنية تحتية رائدة تستهدف تحقيق الاندماج والتكامل الإفريقي وهو ما أكدته مصر على لسان وزير الخارجية سامح شكري في مناسبات عدة، حيث أشار إلى أن أجندة 2063 هي رؤية إفريقية خالصة وطموحة ومحددة زمنيًا لتحقيق انطلاقة حقيقية للقارة، وأوضح أن مصر تبذل جهودا حثيثة لتنفيذ الأجندة، حيث أطلق رئيس الجمهورية رؤية مصر 2030 من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية للمواطن المصري، فضلا عن استحداث لجنة وطنية لتنفيذ أجندة 2063 للتنمية المستدامة برئاسة رئيس مجلس الوزراء، كما قامت مصر بالفعل بعملية الإدماج الوطني لأهداف ومشروعات أجندة 2063 الإفريقية، إذ تتولى وزارة التخطيط والإصلاح الإداري إعداد خطة تنفيذية لدمج أهداف وبرامج الأجندة، وكذلك التعاون مع الوزارات المعنية كافة في هذا الصدد.

وتؤكد مصر في جميع المناسبات أن التوجه نحو إفريقيا هو بلا شك منظور ثابت ومستقر لسياسة مصر الخارجية في عهد الرئيس السيسي، حيث تسعى القاهرة دوما لتحقيق المزيد من التضامن الإفريقي وصولا إلى أهدافنا المشتركة.

وخلال رئاستها لقمة المناخ (cop27)، حرصت مصر على الدفاع عن إفريقيا والتحدث بصوت القارة إعلاء لتطلعاتها في مواجهة التأثيرات ذات الصلة بالتغير المناخي.

ودافعت مصر عن إفريقيا في ضوء تأثر القارة البالغ بتداعيات تغير المناخ على الرغم من كونها الأقل إسهاما في الانبعاثات الملوثة، وفي ظل استمرار ضعف تمويل المناخ الذي تستفيد منه الدول الإفريقية ومحدودية قدرتها على الحصول على التكنولوجيا الحديثة اللازمة لتعزيز قدراتها على التكيف مع التداعيات السلبية لتغير المناخ.

وأكد وزير الخارجية سامح شكري الرئيس المعين للدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الاطراف لاتفاقية الأمم المتحدة، الذي عقد بشرم الشيخ الشهر الماضي، أن الدول الإفريقية لا تتحمل مسئولية تغير المناخ، لكنها دفعت ثمنا كبيرا من وراء هذه التحديات.

وأشار الوزير - خلال جلسة يوم "التكيف والزراعة" ضمن فعاليات القمة - إلى أن الدول الإفريقية في مجموعها لا تتحمل أكثر من أربعة بالمائة من الانبعاثات، ولكنها تضررت كثيرا.

وفي إطار التوجه الثابت لتعميق العلاقات مع دول القارة.. يقوم الوزير سامح شكري ووزراء الحكومة المصرية بالعديد من الزيارات إلى البلدان الإفريقية لخلق فرص جديدة للتعاون وإرساء شراكات ثنائية تحقق مصالح متبادلة للشعب المصري، والشعوب الإفريقية الشقيقة.

وفي هذا الإطار جاءت زيارة وزير الخارجية سامح شكري منذ أيام والتي ترأس خلالها الوفد الرسمي المصري إلى العاصمة التنزانية دار السلام، بمشاركة الدكتور عاصم الجزار وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، لحضور احتفالية تدشين ملء بحيرة سد "جوليوس نيريري" الذي يُنفذه التحالف المصري لشركتي "المقاولون العرب" و"السويدى إليكتريك" على نهر روفيجي بدولة تنزانيا.

وفي هذا الإطار، صرح السفير أحمد أبو زيد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، بأن وزير الخارجية شارك في احتفال تدشين ملء بحيرة سد "جوليوس نيريري" بحضور عدد كبير من المسئولين وممثلي التحالف المُنفذ للمشروع ورموز المجتمع التنزاني ووسائل الإعلام والمواطنين، حيث يتم غلق بوابة نفق التحويل للإعلان عن بدء ملئ المياه في السد.

ويعد مشروع سد "جوليوس نيريري" من أهم المشروعات التنموية التي يتم تنفيذها في القارة الإفريقية بتكلفة ثلاثة مليارات دولار، ويعد تجسيدًا لقدرات وإمكانات الشركات المصرية في تنفيذ مشروعات البنية التحتية الكبرى في عدد من الدول الإفريقية، ونموذجًا يحتذى به للتعاون الإقليمي البناء بين الدول الإفريقية الشقيقة لدعم جهود التنمية وتحقيق مصالح شعوبها.

وتؤكد مصر في جميع المناسبات أن التوجه نحو إفريقيا هو بلا شك منظور ثابت ومستقر لسياسة مصر الخارجية فتسعى مصر دوما لتحقيق المزيد من التضامن الإفريقي وصولا إلى أهدافنا المشتركة.

واستمرارا لجهودها في تعزيز العلاقات مع الدول الإفريقية، قامت وزارة الخارجية على مدار العام بتنظيم عدد من الزيارات رفيعة المستوى، فضلا عن انعقاد العديد من اللجان المشتركة وجولات المشاورات والمباحثات بين مصر والعديد من الدول الإفريقية.

وفي هذا الإطار جاء دور الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية في إفريقيا التي تقوم بالمساهمة من خلال عملها في بناء قدرات أشقائنا الأفارقة في مختلف المجالات ثمرة واضحة لهذا النهج والتوجه المصري لإعلاء مفهوم الشراكة والمصالح المشتركة وتحقيق التنمية المستدامة لدول القارة السمراء.

ولعبت مصر دورًا تاريخيًا على مستوى القارة الإفريقية من أجل تحرير الدول الإفريقية من الاستعمار وتوحيد جهودها لتحقيق نهضة شاملة في مختلف المجالات من خلال تأسيس منظمة الوحدة الإفريقية، حيث كانت مصر إحدى الدول المؤسسة للمنظمة عام 1963، كما استمرت مصر في لعب هذا الدور المهم منذ الخمسينيات وحتى الآن.. وهو الدور الذى تعزز جليا على مدى السنوات الثمانى الماضية.

دور تاريخي وانتماء أصيل ومصالح استراتيجية مشتركة وإيمان راسخ بأهمية التكامل الإقليمي والقاري وحرص على العمل على النهوض بالقارة وتحقيق طموحات شعوبها ودولها مع الدفاع عن حقوقها تلك هى مسيرة مصر الممتدة في قارتها الإفريقية والتي انتقلت لآفاق أوسع وأرحب وامتدت لمساحات تعاون أكثر عمقا وديناميكية منذ تولي الرئيس السيسي رئاسة مصر.