الجمعة 26 أبريل 2024 الموافق 17 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تحقيقات وحوارات

بعد فشل المفاوضات.. ما الخيار الأنسب لإنهاء أزمة سد النهضة؟ (تحليل)

الرئيس نيوز

يعتقد مراقبون أن المفاوضات ليست أسهل طريق لإيجاد حلول وسط للقضايا الكبيرة والصعبة، وهو ما ينطبق بشكل أكبر على مشكلات الأمر الواقع أو التي يراد لها أن تتحول إلى أمر واقع، كما هو الحال مع سد النهضة الإثيوبي، ورغم ذلك لا تزال المفاوضات أفضل الحلول لإرساء الأمن والاستقرار.

هذا صحيح بشكل خاص عندما يتعلق الأمر بالحاجة إلى إمدادات المياه الحيوية، حيث تتشابك الجوانب الفنية والسياسية والأمنية، ويظل الجلوس إلى طاولة المفاوضات للتوصل إلى حلول من أفضل الممارسات في العلاقات الدولية.

ومع ذلك، فإن فعالية هذه الديناميكية تعتمد على رغبة الأطراف المعنية، ويتوقف الأمر على مدى جديتهم في إيجاد الحلول والبدائل التي تناسب الجميع. 

أظهر الرئيس عبدالفتاح السيسي للعالم اتساع صبره ومثابرته والتزامه الراسخ بحل أزمة سد النهضة عبر المفاوضات، وفقًا لتحليل أعده سالم الكتبي، المحلل السياسي الإماراتي والمرشح السابق للمجلس الوطني الاتحادي ونشرته صحيفة Jerusalem Post.

وأضاف الكتبي: "تعكس تصريحات السيسي الأخيرة حول هذا الموضوع إدراكه لتداعيات وعواقب أي تصعيد عسكري لاحق على الإضرار بإمدادات المياه لمصر بسبب هذا الوضع. أحسن السيسي برفض التهديد والاكتفاء الإشارة إلى الخطوط الحمراء لمصر". 

السيسي قال بوضوح: "لن يتمكن أحد من أخذ قطرة ماء من مصر وإلا ستكون هناك حالة من عدم الاستقرار في المنطقة لا يتصورها أحد، ولا ينبغي لأحد أن يتخيل أنها بعيدة عن متناول أيدينا". نحن لا نهدد أحدا. لكن لا أحد يستطيع أن يأخذ قطرة ماء من مصر".

ويرى المراقبون أن خطاب السيسي في هذه القضية جدير برجل دولة يعرف جيدا مكانة مصر الحضارية والاستراتيجية. كما أنه يسعى إلى الحفاظ على حقوق شعبه دون الانخراط في تصعيد غير محسوب، أو الوقوع في حرب الكلمات وإثارة الحروب التي يروج لها كثيرون.

وهذا يدل على معرفته العميقة بتاريخ الأمة وظروفها، وأولويات شعبه، وقدرته على قيادة بلاده إلى أرض آمنة. وأشارت الصحيفة إلى نجاح استراتيجية الخط الأحمر في ليبيا في ردع تركيا عن المزيد من التوسع للسيطرة على شرق ليبيا.

لعبت التطورات السريعة في هذه القضية دورًا رئيسيًا في دفع الدبلوماسية المصرية نحو لهجة أكثر صرامة لتهدئة وطمأنة الشعب المصري في البداية. ثانيًا، إرسال رسالة قوية وواضحة ليس فقط إلى الجانب الإثيوبي ولكن أيضًا إلى القوى الكبرى.

تجنبت القوى العالمية حتى الآن لعب الدور الذي يجب أن تضطلع به لحل هذه المشكلة. ومع تفاقم الأزمة، فإنها تهدد بالاندلاع إلى صراع إقليمي، مداه غير مؤكد.

وبكل موضوعية، يواصل الرئيس السيسي تكوين مجموعة رائعة ومحترمة من الخبرة، إنه يدفع ببلده إلى الأمام بخطوات كبيرة نحو نهضة حديثة وتطور غير مسبوق في تاريخها. وهذا يفسر رغبته الواضحة، كما توحي كلماته، في عدم الانشغال بالحروب والصراعات غير الضرورية، دون إنكار استعداده الراسخ للقتال إذا كان مستقبل شعبه على المحك.

وبحسب الكتبي، تجدر الإشارة هنا إلى التأثير الشعبي الهائل لتصريحاته الأخيرة على قضية سد النهضة. تحكي ردود الفعل على وسائل التواصل الاجتماعي وأماكن أخرى عن هذا. 

يقول الكتبي: "رغم أنه بدا هادئًا، إلا أن تصريحاته تمت قراءتها في سياق تجربته العسكرية الصارمة والحازمة ومواقفه السابقة، مرارًا وتكرارًا، لحماية مصر وشعبها في أحلك الظروف وأقسىها".

يضيف: "من المؤكد في هذا المنعطف أن الخيار الدبلوماسي لرأب الخلافات بين القاهرة والخرطوم وأديس أبابا هو السبيل الأسلم والأصلح للتوصل إلى اتفاق يناسب جميع الأطراف ويضمن حقوق المياه والأمن".

هذا من شأنه أن يضمن الأمن والاستقرار والتنمية المستدامة والازدهار لجميع البلدان، بعيدًا عن الصراعات والعداوات والتداعيات التي تستغرق سنوات، إن لم يكن عقودًا، للتعافي منها، حسب الكتبي.

ويختم الكتبي قائلًا: "كل هذا يتطلب حكمة تفوق أي رغبة في تحقيق مكاسب عابرة أو اهتمام إعلامي. يجب أن يأتي القرار الذي يرضي جميع الأطراف ويضمن لجميع القادة مكانًا لائقًا في تاريخ بلدانهم كمدافعين عن السلام والتنمية، وليس الحرب والدمار".

وفشلت آخر جولة من المفاوضات في العاصمة الكونغولية كينشاسا في الوصول إلى اتفاق قانوني ملزم حول ملء وتشغيل سد النهضة، واتهمت مصر والسودان إثيوبيا بالتعنت وغياب الإرادة السياسية لإنهاء الأزمة.