في ذكراها الـ57.. الوسطية عنوان إذاعة القرآن الكريم
تمر اليوم الذكرى السابعة والخمسون لتأسيس إذاعة
القرآن الكريم منبر الوسطية، التي تأسست في مثل هذا اليوم في 25 مارس من العام
1964، لتكون قلعةً حصينة تحفظ كتاب الله عبر الأثير والتسجيلات النادرة التي تلت كلماته
العطرة بأصوات نورانية، مع تقديم أهم البرامج الفقهية والتنويرية لتبليغ دين الله
بما يتوائم مع مستجدات العصور.
(الشيخ عبد الحليم محمود)
تُعد إذاعة القرآن الكريم من أقدم الإذاعات
القرآنية على المستويين العربي والإسلامي، وكان لوجودها قصة هامة، من خلال ما
واجهه إمام المقرئين الشيخ محمود خليل الحصري، وهو يحيي بإحدى البلاد العربية في
أوائل الستينات، ليالي رمضانية ، حيث تسلم هدية عبارة عن مصحف بطبعة مذهبة أنيقة،
تصفحها ليجد بها ما يصدم القلب والعقل بإبدال الحروف والكلمات وحذف الأدوات
الإستثنائية لتغير من المعاني.
(الشيخ محمود خليل الحصري)
من التحريفات التي وجدت في هذا المصحف،منها
قوله تعالى من سورة (آل عمران) في الآية رقم (85) : "وَمَن
يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ
مِنَ الْخَاسِرِينَ"، حرفت في المصحف بحذف كلمة (غير) لتغير من المعنى وتحرفه
بناءً على أهواء خبيثة من خلال مصحف أنيق، بطبعة فاخرة وسعر زهيد.
(الشيخ محمد رفعت)
أثر هذا الموقف
في شيخ المقرئين وإمامهم، وروى إياه لكبار العلماء لنجد حالة إستنفار عظيمة سعت
للزود عن كتاب الله ودينه الحنيف، من النوايا الخبيثة الساعية لتحريف كلام النور
والفرقان، فقامت وزارة الأوقاف والشئون الاجتماعية، في ذلك الوقت – ممثلة في
المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، والأزهر الشريف ممثلاً في هيئة كبار العلماء – في
ذلك الوقت – بضرورة تسجيل كتاب الله عز وجل تسجيلاً مرتلاً برواية حفص عن عاصم
بصوت الشيخ محمود خليل الحصري على إسطوانات، لكي تتدارك هذا العدوان الأثيم على
كتاب الله.
(الشيخ محمد متولي الشعراوي)
سجل الشيخ الكبير، المصحف المرتل دون أن
يتقاضى أجرًا لاعتباره بأهمية تلك المهمة مقدسة، والقيام بها لوجه الله تعالى،
للزود عن كتابه العزيز من تلك الأغراض الخبيثة الظاهر منها والباطن، ويعد هذا
التسجيل أول جمع صوتي للقرآن الكريم، بعد أول جمع كتابي له في عهد خليفة رسول الله
صلى الله عليه وسلم، أبوبكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه أثناء حروب الردة.
(الإعلامي الكبير عبد القادر حاتم)
كان الغرض من هذا التسجيل توزيع الإسطوانات
على جميع أنحاء العالم الإسلامي، ولكن كانت هناك بعض البلاد الإسلامية التي كانت
تعاني من مشاكل مادية، لعدم القدرة على توفير الأجهزة اللازمة لتشغيل الإسطوانات على نطاق
شعبي، فضلًا عن عدم توفر الطاقة الكهربائية اللازمة لها بحكم الوضع الذي كانت عليه
دول العالم الإسلامي في أوائل الستينيات من القرن العشرين.
(الشيخ نصر الدين طوبار)
من هنا تم التوصل إلى حل نير، من خلال وزارة
الثقافة والإرشاد القومي، المسئولة عن الإعلام في ذلك الوقت، وعلى رأسهم الدكتور
عبد القادر حاتم الذي إتخذ قرارًا بتخصيص موجة قصيرة، وموجة متوسطة لإذاعة المصحف
المرتل الذي سجله المجلس الأعلى للشئون الإسلامية.
(المذيع عبد الصمد دسوقي)
وبعد موافقة
الرئيس جمال عبد الناصر بدأ إرسال إذاعة القرآن الكريم في الساعة السادسة من صبيحة
الأربعاء 11 من ذي القعدة لسنة 1383هـ الموافق 25 مارس لسنة 1964م، بمدة إرسال
قدرها 14 ساعة يوميًّا من السادسة حتى الحادية عشرة صباحًا، ومن الثانية حتى
الحادية عشرة مساءً على موجتين: إحداهما قصيرة وطولها 30.75 ك.هـ والأخرى متوسطة
طولها 259.8 ك.هـ ؛ لتكون أول صوت يقدم القرآن كاملًا بتسلسل السور والآيات كما
نزل بها أمين الوحي جبريل عليه السلام على قلب سيد المرسلين محمد صلى الله عليه
وسلم.
(المذيع محمد عبد العزيز)
توالت الأيام والأعوام، وتطورت الإذاعة بعرض
أهم البرامج الفقهية والإيمانية التي تنشر بعبق وسطي لسماحة تعاليم الإسلام
العظيم، من خلال كبار الفقهاء والأئمة مثل : أحمد حسن الباقوري، عبد الحليم محمود،
محمد متولي الشعراوي، محمد الفحام، عطية صقر، إسماعيل صادق العدوي، جاد الحق علي
جاد الحق، محمد سيد طنطاوي، عبد الرحمن بيصار، محمد مختار جمعة، شوقي علام، أحمد
الطيب، محمد الطيب النجار، علي جمعة.
(الإعلامية هاجر سعد الدين)
علاوة على ذلك، شجع الشيخ الحصري كبار
المقرئين لتسجيل القرآن مرتلاً من خلال كبار المقرئين مثل : محمود علي البنا،
مصطفى إسماعيل، محمد صديق المنشاوي، عبد الباسط محمد عبد الصمد، علي حجاج السويسي،
محمد أحمد عامر، أحمد نعينع.
(الشيخ عبد الباسط محمد عبد الصمد)
وتذيع الإذاعة على الدوام أهم وأندر
التسجيلات المجودة لكبار القراء والمقرئين مثل : محمد رفعت، منصور الشامي
الدمنهوري، محمد محمود الطبلاوي، علي محمود، طه الفشني، عبد العزيز علي فرج، عبد
العظيم زاهر، محمود عبد الحكم، محمد عبد العزيز حصان، أبو العينين شعيشع.
(الشيخ مصطفى إسماعيل)
وللابتهالات والتواشيح نصيب الأسد بين
تسجيلات الإذاعة عبر مناجاة الحق وسؤاله من خلال أندى الأصوات مثل : طه الفشني،
كامل يوسف البهتيمي، محمد عمران، سيد النقشبندي، محمد الفيومي، نصر الدين طوبار،
محمد الهلباوي.
(الشيخ محمد الطيب النجار)
قدمت إذاعة القرآن
الكريم ولا زالت تقدم أجمل الأصوات الإذاعية والإعلامية المُقدمة
لبرامجها وفقراتها من خلال كبار المذيعين مثل : هاجر سعد الدين، محمد عبد العزيز،
شحاتة العرابي، عبد الصمد دسوقي، كامل البوهي، سعد المطعني، إبراهيم خلف، حسن
سليمان، محمد الشناوي، فاطمة طاهر، عادل القاضي.
وعلى نفس منوال إذاعة القرآن الكريم المصرية،
قامت العديد من البلاد العربية والجاليات المقيمة بالبلاد الغربية، بتأسيس إذاعات
للقرآن الكريم للحفاظ على الكتاب الذي لاريب فيه، كما قال الحق عز وجل في سورة
(الحِجر) : "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون".