الانتخابات الأمريكية.. «البيت الأبيض» والخريطة السياسية في الشرق الأوسط
تشكل الانتخابات الأمريكية الحدث الأكبر في العالم، فالنسبة للاقتصاديين يحدد ساكن البيت الأبيض مصير الكثير من المشاريع والمصالح في العالم، وسياسيًا فإن القرارات الأمريكية تؤثر بشكل كبير على خريطة السياسات في المنطقة، خصوصًا المنطقة الملتهبة في الشرق الأوسط.
يقول الصحافي في "واشنطن بوست" إيشان ثارور، إنه لا يهم كثيراً من سيكون في البيت الأبيض السنة المقبلة، الرئيس دونالد ترامب أو منافسه الديموقراطي، نائب الرئيس السابق جو بايدن.
في الوقت نفسه، تكثفت الحملات الجوية الأمريكية، وظلت القوات الأمريكية منتشرة في العديد من البلدان، ورغم رغبتها المعلنة في فصل نفسها عن الشرق الأوسط، فإن واشنطن تجد صعوبة في تركها.
مستقبلان مختلفان
يمثل بايدن وترامب مستقبلين مختلفين لبعض النخب السياسية في المنطقة، وخاصة القيادة في إسرائيل ودول أخرى، إذ تحمست هذه الدول لترامب عندما بدأ في قلب الإنجاز الرئيسي لسلفه باراك أوباما في المنطقة "الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني"، من خلال إعادة فرض العقوبات وممارسة حملة "الضغط الأقصى"، على النظام في طهران.
واتبع "ترامب" نهجاً جديداً لعملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية التي كانت تصب لمصلحة اليمين الإسرائيلي بالكامل، وواجهت هذه الجهود غضباً من الفلسطينيين، واحتجاجاً صامتاً من القادة العرب في أماكن أخرى.
ويرى "ثارور" إنه على كلا الجبهتين قد يشير فوز الديموقراطيين في نوفمبر إلى انعكاس دراماتيكي، وستسعى إدارة بايدن إلى إصلاح الأضرار التي سببها ترامب للاتفاق النووي، وتهدئة التوترات مع إيران، فيما يقول ترامب وحلفاؤه إن إدارته أنجزت في غضون سنوات قليلة في الشرق الأوسط أكثر مما حققه أسلافههم على مدى عقود.
ويلفت "ثارور" إلى أن هناك اختراقاً دبلوماسياً في الشرق الأوسط، يؤكد واقعاً متغيراً، حيث قد يرى عدد من القوى العربية أنه من مصلحتهم إقامة قضية مشتركة مع إسرائيل، في مواجهة إيران المتعنتة والولايات المتحدة اللامبالية على نحو متزايد.
وفيما أظهرت استطلاعات الرأي الأخيرة أن غالبية الإسرائيليين تفضل ترامب على بايدن في البيت الأبيض، قال الكاتب إن هذا ليس مفاجئاً، فقد قدم ترامب سلسلة من الهدايا السياسية لنتانياهو، بما في ذلك الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على القدس ومرتفعات الجولان.
وأضرت إدارة ترامب بالاقتصاد الإيراني من خلال العقوبات، وإن يكن الضغط الأقصى فشل في كبح جماح المغامرة الإيرانية في المنطقة.
ويسخر المسؤولون الإيرانيون حتى الآن من احتمال إجراء مفاوضات مع إدارة ترامب، وتشير المؤشرات إلى أن انتخابات العام المقبل في إيران ستعزّز المتشددين في البلاد.
موقف بايدن
في تصريحاتهم، يزعم المسؤولون الإيرانيون أنه لا يهمهم من سيفوز في الانتخابات، وقال رئيس مجلس الشورى الإيراني محمد باقر قاليباف الشهر الماضي إن العداء لهذه الأمة متجذر بعمق، ولن يكون هناك تحول في السياسة الأساسية للولايات المتحدة، لإلحاق الضرر بالأمة الإيرانية، بغض النظر عما إذا كان ترامب أو بايدن رئيساً للولايات المتحدة.
لكن هذا الكلام يناقض الشعور داخل إيران بأن إدارة بايدن ستسعى إلى إحياء الاتفاق النووي، مما يفترض رفع بعض العقوبات الخانقة المفروضة الآن على الاقتصاد الإيراني.
ويتوقع محللو النفط أن تبدأ إيران قريباً في تصدير ما يصل إلى مليوني برميل يومياً إذا فاز بايدن، حيث قال علي عميدي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة أصفهان، لـ "أتلانتيك كاونسل": "تفضل غالبية الشعب الإيراني والنخبة الإيرانية أن يأتي بايدن إلى السلطة لكن هناك خلافات".
بينما قال بايدن إنه سيقدم لإيران "طريقًا موثوقاً به إلى الدبلوماسية"، ومن المحتمل أن يحصل على دعم أكبر من الحلفاء الأوروبيين الذين أمضوا السنوات القليلة الماضية في محاولة يائسة لإبطاء زخم ترامب على المسرح العالمي.
وأضاف نوفيك: "إذا عكست إدارة بايدن المسار على الجبهتين، إعادة العلاقات مع الفلسطينيين وإعادة التعامل مع إيران، كل ذلك بالتشاور الوثيق مع إسرائيل وحلفاء الولايات المتحدة الإقليميين الآخرين فقد نجد أنفسنا في شرق أوسط أكثر استقراراً قليلاً".