البرلمان يسن ضوابط جديدة لعمل دار الإفتاء المصرية
تشهد مناقشات مجلس النواب، برئاسة د. علي عبد العال، خلال الأسبوع الجاري، تقرير اللجنة المشتركة من لجان الشئون الدينية والأوقاف، والخطة والموازنة، والشئون الدستورية والتشريعية، عن مشروع قانون مقدم من السيد النائب الأستاذ الدكتور/ أسامة العبد، و(60) نائباً آخرين (أكثر من عُشر عدد أعضاء المجلس)، بشأن تنظيم دار الإفتاء المصرية
وترجع وظيفة الإفتاء فى مصر إلى بداية الفتح الإسلامى، وقد مارسها بشكل
تطوعى بعض الصحابة فى مصر مثل: عقبة بن عامر، عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهم
أجمعين.
وتحولت وظيفة الإفتاء إلى وظيفة رسمية فى العصر المملوكى، وارتبطت بالنظام
القضائى، وكان هناك أربع وظائف للإفتاء فى دار العدل، هى: مفتى دار العدل الحنفى، ومفتى
دار العدل الشافعى، ومفتى دار العدل المالكى، ومفتى دار العدل الحنبلى، وكان قاضى قضاة
كل مذهب هو الذى يختار مفتى المذهب ويعرضه على السلطان ليقوم السلطان بتعيينه فى المنصب.
وعندما دخل العثمانيون مصر قاموا بتغيير النظام القضائى، وبذلك تغير نظام
الفتوى، فأصبحت هناك وظيفة واحدة للإفتاء هى وظيفة "مفتى السلطنة الشريفة بمصر"
وكان يعين بمعرفة مفتى أسطنبول، وكان مفتى مصر شافعياً فى أغلب الأحوال رغم أن الدولة
العثمانية كانت حنفية المذهب.
وكان فى عصر محمد على، أربعة مفتين للمذاهب الأربعة، لكن الزعامة عليهم
كانت للمفتى الحنفى الذى كان يسمى "مفتى أفندى مصر" وكان الباشا والى مصر
هو الذى يعين المفتى بعد ترشيح العلماء له.
وخلاصة القول أن نصوص الأوامر واللوائح الشرعية تدل على أنه كان لكل مديرية
أو ولاية مفت، ولوزارة الحقانية مفت، ولوزارة الأوقاف مفت، وفوق كل هؤلاء مفتى السادة
الحنفية أو مفتى الديار المصرية، ومن ثم فإن دار الإفتاء نشأت مستقلة عن الأزهر منذ
700 سنة.
وفى عهد الإمام محمد عبده، جمع بين إفتاء الحقانية والديار المصرية وظل
هذا الوضع قائماً حتى عام 2007، حيث استقلت دار الإفتاء مرة أخرى وظهرت موازنتها فى
ميزانية الدولة شأنها شأن الأزهر.
ومن ثم فإن دار الإفتاء استَقلت بالفعل مالياً وإدارياً عن وزارة العدل
بتاريخ 1/ 11/ 2007،
وأصبحت لها لائحة داخلية ومالية، وهذا الإنجاز لا ينفى أن دار الإفتاء ما زالت تتبع
وزارة العدل تبعية سياسية فقط، دون أن يكون لوزارة العدل أى سلطة على الدار، وسبب هذه
التبعية ما بين المؤسستين من تعاون مشترك يتمثل فيما تقوم به دار الإفتاء من نظر قضايا
الإعدام وأخذ رأيها فى الأمور الشرعية.
تتمثل فلسفة مشروع القانون في إعادة تنظيم دار الإفتاء المصرية ومنحها
الشخصية الاعتبارية المستقلة والاستقلال (المالى – الفنى – الإدارى) وتحديد آلية عمل
المفتى وكيفية اختيار أمناء الفتوى، كما يهدف إلى إعادة تنظيم كل ما يتعلق بفضيلة المفتى
من حيث: وضعه الوظيفى، وإجراءات تعيينه واختياره، ومدة شغله للمنصب، والتجديد له، وسلطاته،
واختصاصاته، ومن ينوب عنه فى تسيير شئون الدار بوجه عام فى أحوال معينة، كما يستهدف
بيان أوضاع أمناء الفتوى، وتوصيفهم وآلية تعيينهم، وتحديد قاعدة منهجية يسيرون عليها
فى عملهم، فضلاً عن إنشاء لجنة لأمناء الفتوى للنظر وإبداء الرأى الشرعى فيما يحال
إليها من فضيلة المفتى وإنشاء مركز لإعداد المفتين بدار الإفتاء لتأهيلهم داخل مصر
وخارجها، وإكسابهم المهارات اللازمة لذلك، وتحديد اختصاصاته، وإداراته، ومدة الدراسة
فيه، وشهادته المعتمدة.
جاء مشروع القانون المعروض فى ثلاث مواد إصدار وثلاث وعشرين مادة، حيث
المادة الأولى: أشارت إلى العمل بأحكام القانون والقانون المرافق في شأن تنظيم دار
الإفتاء، كما أشارت إلى مفتى جمهورية مصر العربية بلفظ (فضيلة المفتى).، والمادة الثانية: حددت إصدار اللائحة التنفيذية
للقانون المرافق تكون من خلال فضيلة المفتى، على أن يستمر العمل باللوائح والقرارات
المنظمة لشئون العاملين بدار الإفتاء حتى صدور اللائحة الداخلية. المادة الثالثة: خاصة بمادة النشر في الجريدة
الرسمية، كما قضت بإلغاء أي حكم يخالف هذا القانون.
أوضحت المادة (1) أن دار الإفتاء هيئة ذات طابع دينى، تتمتع بالشخصية
الاعتبارية، وتتبع وزارة العدل، ويمثلها فضيلة مفتى الديار المصرية، وتقوم على شئون
الإفتاء وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية، كما بينت المادة (2) كيفية تعيين فضيلة المفتى، وجواز التجديد له بعد
بلوغ السن القانونية المقررة للتقاعد، ومعاملته معاملة الوزراء من الناحية المالية
والمراسم والمخصصات، قضت المادة (3) بأن يكون لدار الإفتاء أمين
عام من الدرجة الممتازة يصدر بتعيينه قرار من فضيلة المفتى.
نظمت المادة (4) حالة خلو منصب المفتى أو قيام مانع لديه، يتولى الأمين
العام لدار الإفتاء تسيير شئون العمل بالدار، فيما عدا ما يتعلق بقضايا الإعدام المحالة
من المحاكم المختصة، ووضعت المادة (5) تعريفاً لأمين الفتوى،
وكيفية تعيينه، وقضت المادة (6) بإنشاء كادر خاص لأمناء
الفتوى وحددت أوضاعهم الوظيفية.، اشتملت المادة (7) على شروط تعيين أمناء الفتوى، حددت المادة (8) التزامات أمناء الفتوى فى أداء عملهم وتبنت معيار (المهنية)
وبذل الوسع والتقيد بمعتمد الفتوى قبل إبداء الرأى الشرعى، ومراعاة المعايير المنظمة
لعمل أمناء الفتوى الواردة باللائحة الخاصة بهم.
تناولت المادة (9) تشكيل لجنة أمناء الفتوى بقرار من فضيلة المفتى، والتى
تعتبر الجهة العلمية العليا فى دار الإفتاء وتلى فضيلة المفتى، والرأى الذى تختاره
اللجنة ويتم اعتماده من فضيلة المفتى هو الرأى المعبر عن دار الإفتاء.
تناولت المادة (10) اختصاصات لجنة أمناء الفتوى، حددت المادة (11) السن المقررة لتقاعد أمناء الفتوى وجواز ندبهم كخبراء
بالدار لمدة سنة قابلة للتجديد، و منحت المادة (12) الحصانة القانونية لأمناء
الفتوى، وعدم اتخاذ أى إجراءات ضدهم إلا بعد الحصول على إذن من فضيلة المفتى، بينت المادة (13) اختصاصات دار الإفتاء المصرية، حددت المادة (14) أن لدار الإفتاء موازنة مالية مستقلة تدرج فى الموازنة
العامة للدولة، تناولت المادة (15) تعريف فضيلة المفتى
وبينت سلطاته واختصاصاته.
أكدت المادة (16) أن لفضيلة المفتى سلطة اعتماد الهيكل التنظيمى والوظيفى
والمالى لدار الإفتاء واللوائح الداخلية لها، نوهت المادة (17) بأن يكون لدار الإفتاء إنشاء حسابات خاصة بالبنك المركزى
ضمن حساب الخزانة الموحد تودع فيها مواردها الذاتية.
تناولت المادة (18) الموارد المالية لدار الإفتاء، ألزمت المادة (19) أجهزة الدولة
بمعاونة دار الإفتاء فى أداء مهامها، وتزويدها بما تطلبه من بيانات أو معلومات، قضت المادة (20) بإعفاء دار الإفتاء المصرية من جميع أنواع الضرائب والرسوم
والعوائد والدمغات.
تناولت المادة (21) تأديب أمناء الفتوى أمام مجلس تأديب مشكَّل من رئيس
لجنة أمناء الفتوى رئيساً، وعضوية أقدم عضوين من أعضاء لجنة أمناء الفتوى، وأحد المستشارين
المنتدبين بدار الإفتاء، ومدير إدارة الشئون القانونية.
تضمنت المادة (22) الجزاءات التى يجوز لمجلس التأديب توقيعها على أمناء
الفتوى، والتى تصدر بأغلبية الآراء ويعتمدها فضيلة المفتى، ويكون الطعن عليها أمام
المحكمة التأديبية، والضمانات المقررة لهم.
أشارت المادة (23) إلى إنشاء مركز لإعداد المفتين برئاسة فضيلة المفتى،
بهدف إعداد الكوادر العلمية وإكسابهم المهارات اللازمة لذلك، ويتكون المركز من إدارتين:
إحداهما تقوم بالتدريب المباشر، والأخرى تقوم بالتدريب عن بعد، ومدة الدراسة بأى منهما
ثلاث سنوات، وتعتمد هذه الدرجة من المجلس الأعلى للجامعات.