السبت 05 أكتوبر 2024 الموافق 02 ربيع الثاني 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تحقيقات وحوارات

عبدالله السناوي: "تحالف 30 يونيو" غير موجود.. ونحتاج عملية "تطبيب" سياسية (حوار)

الرئيس نيوز

-         ملف المحبوسين على رأس قائمة الإصلاح السياسي
 أناشد الرئيس عدم إصدار قانون الانتخابات البرلمانية بشكله الحالي
لا يوجد معارضة سياسية.. و"25-30" آخر شمعة أمل
 النظام الحالي ليس لديه كتالوج
النظام لديه زحام فى المناصب وأنيميا فى الأدوار
 الحل الأمني فقط لا يصلح مع الإسلام السياسي

 في الذكرى السابعة لثورة 30 يونيو، تتزامن وتتقاطع الأحداث، فيأتى مرور 6 أعوام من حكم الرئيس عبد الفتاح السيسى وهى الفترة التى يعتبرها البعض مرحلة "نضج النظام"، فى نفس التوقيت الذى نقف فيه على بعد خطوات من تشكل البرلمان الثانى لدولة 30 يونيو، كل هذا يأتى بالتزامن مع عواصف سياسية خارجية، وتجرى الأحداث فى أحضان فيروس وبائى يحصد الأرواح.

"رأب الصدع السياسى"، هل الحديث عن السياسة الداخلية فعل غير لائق فى هذا التوقيت الحرج؟، ونحن نسمع قرع طبول الحرب المجنونة على حدودنا الغربية مع ليبيا، ونواجه أزمة وجودية بشح مائى تصر عليه إثيوبيا، وإرهاب أسود فى سيناء.

رأيت أن ترميم وتأمين الجبهة الداخلية أمر لا يقل أهمية عن الاستعداد لخوض غمار معاركنا الخارجية، بل إن أحد أهم ركائز عملية المواجهة هو "الاصطفاف" الداخلى.

منذ عدة أشهر قدنا حملة لطرق أبواب المعارضة لمعرفة مواطن "الصدع السياسى" جاءت الردود قريبة ومتشابهة، ملف المحبوسين على قمة قائمة الشروخ السياسية، يليها فتح المجال العام، وأن يكون هناك نية لمبدأ "المشاركة" السياسية وليست "المغالبة" التى تتبعها الأحزاب السياسية التى ترفع راية الموالاة.

فى محاولة لوضع علامات استرشادية على طريق الإصلاح السياسى ربما يصطلح على تسميتها "خارطة طريق"، أدرت هذا الحوار مع الكاتب الصحفى عبد الله السناوى.

-هل ترى أن الحديث عن الإصلاح السياسى فى ذلك التوقيت الذى نواجه فيه عواصف السياسة الخارجية نوع من الرفاهية؟

الأزمة الليبية وسد النهضة وسيناء وكورونا، كلها مشكلات تواجهنا فى وقت متزامن، ولكن يمكن أن نستخدمها كوقود، يجب أن نضع كمدات ثلج على الجراح ونقوم بتوحيد الصفوف، هذه فرصة كبيرة لاصطفاف القوى السياسية التى أيدت موقف الدولة واعتبروا أن هناك أمورا لا يصح الاختلاف فيها فيما يتعلق بالأمن المائى والأمن القومى، مما يخلق بيئة إيجابية لماذا لا يجرى استغلال وقود تلك الأحداث والاستثمار فى ذلك الجو الدافئ لترميم البنية الوطنية الداخلية.

- منذ 7 سنوات اصطفت القوى السياسية وكل مكونات المجتمع فى مواجهة حكم الإرهابية، شهور عسل لم تمتد طويلا قبل أن ينقلب الحال وتغلق الأبواب ويتبادل الأطراف حملات كراهية، كيف يمكن رأب الصدع السياسى فى فريق 30 يونيو؟

حتى نسعى إلى عملية الالتئام الوطنى، نحتاج إلى التوصيف بطريقة صحيحة فهناك شقوق وشروخ وجروح، ولكى نتلمس الحل بطريقة مقنعة لكافة الأطراف يجب أن نستند إلى حقائق ملموسة وليس كلاما فى الفراغ.

أكثر العبارات التى قيلت على مدى الخمس سنوات الأخيرة هى كيف نعيد اللحمة إلى تحالف 30 يونيو؟، ثم خفتت ثم اختفت.

- ولماذا ترددت؟ ولماذا خفتت؟

ترددت نتيجة الشعور بأن هناك تفكك واسع للأطراف والجماعات التى قامت بأبرز الأدوار فى 30 يونيو.

وخفتت لأن الكلام أصبح بلا جدوى وفقد حرمته واحترامه، والكلام عن ائتلاف 30 يونيو أو وحدته هذا كلام ليس له صدى مصدق لا لدى القوى السياسية ولا جماعات الشباب، مجرد فرقعات صوت فى الهواء سرعان ما تتبدد.

وحتى يكون الكلام على أسس صحيحة، لم يعد هناك ما يسمى بتحالف 30 يونيو، فبعد سبع سنوات من الثورة هناك بعض مكوناتها فى السجون.

وحتى يكون هناك جدية حقيقية فيما نطلق عليه عملية رأب الصدع، أو الإصلاح السياسى، فيجب أن يكون أولى الخطوات هى "تطبيب الجراح"، الخطوة الجدية الأولى حتى يكون الكلام مصدقا اتخاذ خطوات للإفراج عن المحبوسين أو على ذمة التحقيقات دون توجيه تهمة أو الحكم عليه، وهناك تأخرا كبيرا فى هذا الملف، ونسمع حديث عن الإصلاح وتصدر قرارات فى اتجاه عكسى.

ما نستطيع الكلام عنه بشكل حقيقى هو إعلاء القيم الدستورية والحريات والفصل بين السلطات، هذه المرجعية الحقيقة التى يجب الاستناد عليها، وإنفاذ روح دباجة الدستور.

والكف عن اصطناع التناقضات بين 25 يناير و30 يونيو، فـ25 يناير هى جذر الشرعية، فى الحالتين كان هناك عمل ثورى حقيقى وشعبى، وأصل الفعل هو فعل واحد، لولا يناير ما كان يونيو، ولولا ما بذرته يناير من روح الوعى والمقاومة ما كانت 30 يونيو وإزاحة الإخوان.

- كيف نسد الفجوة بين وجهتى النظر السياسية والأمنية؟

عندما صدر قرار الإفراج عن 15 من الشخصيات السياسية والعامة مثل الدكتور حسن نافعة وشادى الغزالى حرب أعطى أثرا إيجابيا كبيرا وتصورنا أن هناك دفعة ثانية تشمل مجموعات من الشباب والشخصيات الأخرى.

إلا أن الكلام لا يتماشى مع الفعل، وأنا أرى تحويل الملف كاملا إلى المجلس القومى لحقوق الإنسان، والمجلس لديه قوائم موسعة بالحالات والمظلوميات، وإسناد هذا الملف له يحسن سمعة النظام فى المحافل الدولية، ويعيد الثقة والأرضية الإيجابية للمناخ العام.

- على مدار 30 عاما من نظام مبارك كان هناك قنوات اتصال سياسى معروفة ومعلومة، هل ترى أن هناك إشكالية فى الاتصال السياسى بين النظام الحالى وكافة مكونات الحياة السياسية والمجتمع المدنى؟

أى شخص من قيادات المعارضة يريد أن يتكلم يكلم مين؟!، "النظام الحالى ليس له كتالوج رغم أنه بعد 7 سنوات أظن أن النظام أصبح لديه خبرة يستطيع بناء التشكيل الداخلى.

على سبيل المثال نظام مبارك كان لديه كتالوج، وتعدد القنوات للنظام كان هناك سيولة فى التعامل مع النظام ، صفوت الشريف "كوميسير" الإعلام كان هو مخول ولديه صلاحيات، زكريا عزمي لديه صلاحيات وعمرو سليمان صلاحيات واسعة فى ملفه، مجلس الشعب مع كمال الشاذلى، أداء كل شخص بالطبع يخضع إلى التقييم ولكن المغزى أنه كان هناك قنوات واضحة، وكان هناك توزيع للأدوار  وكوادر برلمانية على قد كبير من الخبرة تستطيع إدارة الأمور.

-         على عاتق من تقع مسئولية تنظيم عملية الاتصال السياسى؟ 

 المبادرة فى عملية الاتصال السياسى تقع على عاتق النظام، فقد طرحت القوى السياسية بوادر حسن نية بدعم قرارات الدولة فى الأزمات، على الطرف الآخر أن يقوم بخطوات إيجابية فى المقابل.

وأرى أن مؤسسة الرئاسة هى الجهاز العصبى للدولة، نتحدث عن مؤسسة الرئاسة بشكل مؤسسى، فهناك فرق بين استطلاع أراء خبراء وهذا يحدث فى كثير من الأوقات، وسيستم يسمح بضخ أفكار بانتظام.

فقد تم تشكيل لجان ومجالس استشارية وقومية نشطت فى لحظة ثم اختفت بالكامل لا نسمع عنها لا خير ولا شر ولا هى موجودة أصلا، الشكل موجود والأدوار غائبة، على سبيل المثال المجلس القومى لمكافحة الإرهاب منذ تشكيله أين هو؟

لا يوجد مستشار سياسى للرئيس، وعلى الرغم من وجود مستشارين فى ملفات أخرى فإن دورهم غير ملوس فى الحياة العامة ولا صناعة القرار، يمكن أن نقول أن هناك ازدحام فى المناصب وأنيميا فى الأدوار.

-كيف يمكننا إعادة صياغة العلاقة بين النظام والمعارضة، فى ظل حالة الاحتقان والاتهامات المتبادلة بالحصار من جهة وبالتخوين من جهة أخرى؟

ليس لدى تعريف دقيق للمعارضة فى هذة المرحلة، مصر ليس بها معارضة سياسية.

وإذا كنا نتحدث عن معارضة النظام الحكم الحالى فيمكن تقسيمها إلى معارضة خارج الحدود وهى معروف أطرافها ودوافعها ولا يلتفت إليها، وهناك معارضة بالإحباط فى الكتلة المدنية وهى أوسع من أن يحتويها حزب أو تكتل أو انتخابات وهنا مكمن الخطورة.

وهنا يجب أن ألفت إلى أن التغيير الذى جرى فى 25 يناير لم يجرى من داخل السياق الحزبى أو السياسى، وإنما تم من خارج السياق ومن خلال تكتلات شبابية.

الحل أن يتم انتخابات حقيقية تفرز معارضة طبيعية، مثل ما حدث فى تكتل 25-30 وهم مجموعة من أفضل الشباب التى خرجت بعد 25 يناير دون اصطناع فى أقبية سرية ولا أحزاب، هم نبت طبيعى فى حركة المجتمع، ومثلوا شمعة الأمل وحفظوا الشكل العام للحياة السياسية، ولو تم تعمد إسقاط المعارضة يتم إطفاء آخر شمعة أمل.

نحن على مشارف تشكل ثان برلمان فى دولة 30 يونيو، هل يمكن اعتبار الاستحقاق بمثابة فرصة ثانية قد تمثل إنعاش للحياة السياسية؟

إذا كان هناك نية حقيقية لإحياء الحياة السياسية وعدم الدفع فى اتجاه هشاشتها، وعدم إعادة مشهد 20 سبتمبر، لا بد أن يكون هناك برلمان حقيقى من أجل البلد ومستقبلها، وهذا ليس من أجل نظام الحكم ولكن من أجل مستقبل البلد.

مستدركا: ولكن نحن لسنا أمام لا مشاركة ولا مغالبة، نحن أمام عملية مصادرة للانتخابات النيابية، فهناك من يرى أن هذا المجلس النيابى الحالى أسوء مجلس نيابى على الإطلاق وبرلمان الصوت الواحد مع احترام لعدد كبير بداخله ما زال يحاول.

ولكن القانون المطروح بشكله الحالى ينبأ ببرلمان قادم أسوء من الحالى بمراحل.

فإجراء الانتخابات بنظام القائمة المطلقة المغلقة هو أقرب إلى التعيين، وأنا أترجى الرئيس ألا يوقع على هذا القانون ويعيده مره أخرى إلى  المجلس النيابى.

وبحسب ما يتوفر لدى من معلومات هناك دراسات أجريت بمعرفة الدولة حول النظام الانتخابى الأمثل وضعها خبراء وأساتذة وهناك مشروعات قوانين أفضل وأكثر جودة مما تم طرحه، والموافقة عليه برلمانيا، ويمكن إعادة النظر.

-         مؤخرا دشن حزب مستقبل وطن العمود الفقري فى الكتلة الداعمة للنظام تحت قبة البرلمان حوارا جمع أكثر من 10 أحزاب بينهم معارضة (المصرى الديمقراطى والعدل والإصلاح والتنمية والمحافظين) تبعها بدعوة لتحالف انتخابى لبعضهم، مما أعطى إشارة بقبول معارضة وسطية واستبعاد آخرين أكثر تشدد

لا يوجد كتالوج ديمقراطى يمضى بالهوى، إذا ما التزم بالدستور والقانون لا بد من الاحتكام للرأى العام فى انتخابات حرة ونزيهة.

نحتاج إلى بنية سياسية متماسكة تستطيع أن تقابل العواصف والأزمات، هئ المناخ العام واعتمد مبادئ الدستور والعدالة والمساواة وتكافؤ الفرص ولنحتكم جميعا للرأى العام.

 إحنا مش بنخترع العجلة من جديد، الدستور هو أساس الشرعية، وفتح المجال العام، وحرية العمل السياسى و النقابى، مسألة تراكم وقواعد وبيئة عامة.

بدأ مؤخرا ظهور ملحوظ لرجال الأعمال فى الحياة السياسية من خلال الانضمام لأحزاب ترفع راية الدعم لدولة

من حق أى مواطن المشاركة فى العمل العام، ولكن ما أعترض عليه اعتماد الأحزاب على رجال أعمال وتمويل الحملات وهذا كلام خطر وغير مفيد.

سأحكى واقعة سردها لى أحد المسئولين فقد كان هناك ندوة اقتصادية أجريت بعد 2014 فى بداية عصر السيسى، بحضور لفيف من رجال الدولة، وكان رجل أعمال يجلس بجوار المسئول ، وتناول فى حديثه كيف بنى ثروته كرجل عصامى، وقال المسئول كدت أرد عليه "أنت تاجر مخدرات"، يضيف: الدولة لديها كل المعلومات وملفات كاملة عن أصول الأموال وكيف نشأت الثروات فى هذا البلد، ولا يشرف ولا يفيد ولا يساعد أى نظام سياسى على الاستقرار بالاعتماد على وجوه لها ظلال بفساد الذمة المالية.

هناك شخصيات عامة مالية لعبت دور فى عصر مبارك، حاولت العودة وقيل لها أن تبتعد لأن وجودها فى المشهد هو إساءة للنظام هذا ملف لا بد أن يغلق.

الدولة غير فقيرة ولا عاجزة، حتى تلجأ إلى رجال أعمال للتمويل، الخيار الوحيد أن نترك ما هو طبيعى فى الحركة السياسية للسياسين لا للأمن ولا رجال الأعمال.

كل واحد يمكن أن يخدم البلد بشكل أفضل فى مجاله وملفه، فالسياسة سياسة والإعلام إعلام والأمن أمن.

-         بعد سبع سنوات من ثورة 30 يونيو، هل نجحنا فى التعامل مع ملف الإسلام السياسى بشكل حكيم وقاطع؟ 

هناك مشكلة كبيرة فى البلد اسمها الإسلام السياسي، لا أستطيع أن أتجاهل مشكلة حاضرة وقائمة، الإسلام السياسى موجود فى الثقافة السياسية العامة وموجود ضمن التيارات الفكرية فى البيوت والأسر، هناك أربع تيارات، التيار القومى واليسارى والليرالى والإسلام السياسى، وهناك فرق بين التيار والجماعات المنظمة، فالأخيرة مواجهتها وتفكيكها أمنيا، أما من حيث الأفكار فهذة مسألة أخرى.

الإسلام السياسى مشكلتين، الأولى العنف والإرهاب، وكل الجماعات التى رفعت سلاح وقتلت وروعت، فذلك لا بديل ولا جدال عن الحل الأمنى.

أما الأفكار فإن الأمر يحتاج إلى مقاربات أخرى ليس بينها التجاهل، ولكن المراجعات الفكرية.

ونحن نحتاج إلى استراتيجية واضحة ومتماسكة بخصوص الإسلام السياسى وهناك ارتباك موجود، والبعض يرفع شعار الصراخ هو الحل، هناك من يصرخ فى إسطنبول وهناك من يتبع نفس الطريقة هنا، هناك يصرخوا بالتفكير وهنا بالتخوين.

حتى فى تفكيك جماعة الإخوان المسلمين لم يكن هناك استراتيجية لا فكرية ولا سياسية فقط الإجراء القانونى بحل الجماعة.

لم يفكر أحد بشكل كافى فى معالجة هذا الملف الملغم، فالأداء الإعلامى والسياسى المتعسف يؤدى إلى التمكين المستقبلى المصنوع على المظلومية.

لو هناك خلف الأسوار من لم يحكم عليه ولم تنشأ بحقه إثباتات جنائية فى العنف والإرهاب من حقه الإفراج عنه.

اتخذت إجراء أمنى وقانونى ولكن لا بد من وجود قرار سياسى، حتى لا يتوارث الكراهية، وهناك منهم مستعدين لعمل مراجعات خصوصا بعد مرور 7 سنوات.

وهناك تناقضات كبيرة جدا بداخل الإخوان كان يمكن العمل عليها، فمثلا محمد حبيب نائب المرشد السابق وكان رجل قوى فى التنظيم، يقسم أعضاء التنظيم داخليا إلى ثلاث أنماط، ثلث تنظيمى وثلث يمارس العنف، وثلث متعاطف، وكل نمط من الأنماط الثلاثة يستحق معاملة واستراتيجية مختلفة عن النمط الآخر.

ويجب منع الأحزاب على أساس دينى وفقا لنص الدستور، وإصلاح الخطاب الدينى وبناء دولة مدنية بشكل صارم، وفصل ما هو دينى عن ما هو سياسى متغير.