"محدش يحكي لمراته اللي بنقوله هنا".. تحذير شديد من عبدالناصر للوزراء بعد النكسة
5 أيام عصيبة في تاريخ مصر، ومصيرية في تاريخ جمال عبد الناصر.. هزيمة عسكرية، صدمة سياسية، تنحي، حشود جماهيرية، عودة للسلطة، ثم البدء في "إزالة آثار العدوان".
هذه عناوين ما حدث
في الفترة من 5 إلى 10 يونيو 1967، عندما تعرضت مصر لضربة عسكرية من العدو
الإسرائيلي غيرت شكل المنطقة، ليس وقتها فقط، بل إلى الآن.
شكل "عبد
الناصر" في 19 يونيو حكومة حرب برئاسته، واجتمع بها سريعًا لِأول مرة بعد العدوان في
قصر القبة، في 20 يونيو، أي بعد 15 يوما من النكسة.
وبحسب محاضر اجماعات
الحكومة، المليئة بتفاصيل لافتة، فإن "عبد الناصر" بدأ كلامه في أول
جلسة قائلًا: "المرحلة اللى بنمر بيها عويصة جدا، ونحن هزمنا فى معركة
وما احناش أول الناس اللى بيهزموا، ولن نكون آخر الناس اللى بيهزموا.
ولكن لازم نحافظ على بلدنا ونحافظ على كياننا، ونستطيع إن احنا نبنى
نفسنا من تانى".
لكن قبل هذه الافتتاحية،
وقبل أن يعرض عبد "الناصر" أمام الوزراء للموقفين السياسي والعسكري، وجه
تحذيرا مهما لأعضاء الحكومة.
فبعد أن ابتدأ
الاجتماع بـ"بسم الله الرحمن الرحيم"، شدد "عبد الناصر" على أن
هناك شقين للمبدأ الأساسى لتشكيل هذه الوزارة، الأول هو أنه ألا
يكون هناك تناقض بين أعضائها، والثاني "إنهم مايطلعوش يتكلموا بره!"،
وفق تعبيره.
وطالب "عبد الناصر" وزرائه قائلا بالنص: "كل ما أرجوه إن
الكلام اللى يتقال هنا مايطلعش بره. إذا كان حد عنده رأي محرج ومش عايز
يقوله هنا يبعت لى ورقة".
ويبدو أن هذا التحذير جاء لطبيعة الظروف الحساسة التي تمر بها البلاد،
وخطورة أي مناقشة تجري في جلسات الحكومة التي ستتولى إزالة آثار العدوان وتهيئة
الناس للتقشف واقتصاد الحرب.
بعد 12 يوما من هذا الاجتماع، ترأس "عبد الناصر" الجلسة الثانية
للحكومة، وذلك في 2 يوليو، بقصر القبة في القاهرة. ويبدو أنه رغم تحذير "عبد
الناصر" بضرورة التزام السرية لم يؤخذ على محمل الجد.
ففي بداية الجلسة، وقبل أن يستعرض مستجدات الموقف العسكري، والموقف السياسي،
كرر تحذيره قائلا بلهجة أكثر حدة من المرة الأولى: "مرة أخرى الكلام اللي
يتقال هنا ما يطلعش بره؛ لأن برضه الجلسة اللى فاتت اتحكى كلام".
ثم أخذ يخاطب الوزراء بتوجيه محدد ومفصل قائلا: "ما تحكيش لحد أبدا، ولا في البيت ولا لأصدقاء، ولا الواحد ما يحكيش لمراته ولا لحد".
ثم أضاف في تهديد عابر ينم عن خطورة الأمر: "وإلا مش هنتكلم فى مجلس
الوزراء الحقيقة!".