الثلاثاء 26 نوفمبر 2024 الموافق 24 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

أديبة مصرية شابة راحت ضحية وباء عالمي في 1918

ملك حفني ناصف
ملك حفني ناصف

في أعقاب الحرب العالمية الأولى، وجد العالم نفسه في مهب رياح وباء قاتل عُرف باسم "الإنفلونزا الإسبانية"، حصد أرواح الملايين من سكان المعمورة.

بداية من عام 1918، انتشرت الجائحة، ووصلت إلى مدى كارثي لتصيب نحو نصف مليار شخص على مستوى كوكب الأرض، فيما أزهقت أرواح ما بين 50 إلى 100 مليون شخص، واستمر الوباء ثلاث سنوات متتالية، إلى أن تمت محاصرت في أواخر 1920.


ورغم أن تأثير الإنفلونزا الإسبانية على مصر، التي كانت مشغولة بالمد الوطني الذي أفرز ثورة 1919، ليس معروفا بشكل دقيق نظرا لتباين الروايات والإحصائيات، فإن الوباء راح ضحيته سيدة كانت من رائدات المجتمع آنذاك.

إنها الأديبة ملك حفني ناصف، التي أصيبت بالوباء الذي هاجم الشباب بكثرة، ما أدى إلى وفاتها عام 1918.

ملك ناصف هي ابنة الشاعر ورجل القضاء حفني بك ناصف الذي شغل عدة مناصب في وزارة المعارف والقضاء.

وبحسب كتاب "باحثة البادية" لمي زيادة، فإن "ملك" وُلدت بالفيوم في 25 ديسمبر سنة 1886 وتلقت مبادئ العلوم في مدارس أولية، ثم دخلت المدرسة السنية في أكتوبر 1893.

في عام 1900، حصلت ملك ناصف على الشهادة الابتدائية، وهي من أوائل الفتيات المصريات اللواتي حصلن على تلك الشهادة.

بعد ثلاث سنوات، حصلت "ملك" على الشهادة العالية سنة 1903، ثم عملت بالتدريس في مدارس البنات الأميرية.


وفي 28 مارس سنة 1907 تزوجت من صاحب شيخ العرب عبد الستار بك الباسل، شيخ قبيلة الرماح بمدينة الفيوم، وهو شقيق حمد الباسل أحد رفاق سعد زغلول في ثورة 1919.

نادت ملك ناصف، التي كانت تتقن الإنلجيزية والفرنسية، بتحرير المرأة من قيود الجهل، وطالبت بالمساواة بينها وبين الرجل في الحقوق، وأخذت تنشر مقالاتها في جريدة "الجريدة" منادية بذلك، ثم جمعت كل ذلك في كتاب بعنوان "النسائيات".

كما كانت لها أفكار اجتماعية إصلاحية بمقاييس ذلك العصر، منها تعليم البنات الطب والتمريض، وإنشاء مستشفيات وصيدليات في كل أنحاء القطر المصري، وتعليمهن إجباريا، ومنعهن من المشي في الجنازات والندب، والحث على ذهابهن إلى المساجد للصلاة وسماع الوعظ.

وقبل شهرين من عيد ميلادها الـ32 أصيبت ملك ناصف بالوباء الذي دخل مصر، وتوفيت على إثر ذلك في 17 أكتوبر سنة 1918. وأقيم لها حفل تأبين بالجامعة المصرية (جامعة القاهرة حاليا)، في احتفال استثنائي لسيدة آنذاك، ورثاها شعراء وكتاب بارزون منهم حافظ إبراهيم وخليل مطران ومي زيادة وهدى شعراوي ومصطفى عبد الرازق.

وتصف مي زيادة في كتابها "باحثة البادية" أثر وفاة ملك ناصف قائلة: "إنه ما طار نعيها حتى انتشرت الكآبة وعم الأسف، فسودت أعمدة الصحف حزنًا عليها وكثرت فصول الثناء على فضلها. وقد اشترك في ذلك الرجل والمرأة، والمحمدي والعيسوي، والشاعر والناثر، والأديب والصحافي، حتى الذي لم يكن ليُعنى بالصفحة النسائية من الأدب العصري وجد كلمة لهف ليضيفها إلى ما قرأ وسمع من كلمات الحزن والأسف".