"كارثة كورونا".. دول تتبادل الاتهامات بشأن مصدر الفيروس القاتل
بدا لافتًا أن تداعيات جائحة فيروس "كوفيد-19" المعروف بـ"كورونا"، لن تتوقف على الألم النفسي الناتج من فراق صديق أو أخ أو أب أو أم، بل إنها ستترك أثارًا سلبية على مستوى العلاقات بين شعوب العالم، خاصة أن الدول الأكثر إصابة حاليًا تتبادل الاتهامات فيما بينها، بتحمل مسؤولية انتشار الجائحة.
وحتى الآن وبحسب الإحصائيات الرسمية التي تنشرها منظمة الصحة العالمية، فإن نحو مليون و300 ألف شخص أصيبوا بالفيروس، بينما قتل نحو 70 ألف شخص نتيجة الإصابة بالجائحة. وقد أعلنت منظمة الصحة العالمية أن كورونا وباء عالمي شديد الخطورة، داعية جميع سكان العالم بالمكوث في المنازل لتقليل نسب الإصابة بالفيروس.
في مصر، لاحقت السلطات الأمنية أشخاصًا ظهروا في مقاطع مصورة وهم يتنمرون بوافدين من الصين ومنطقة آسيا، وقدمتهم على الفور لجهات التحقيق لاتخاذ الإجراءات القانونية ضدهم، ولعل هذا التحرك قطع الطريق على أخرين كان الممكن ان يحدثوا الفعل ذاته.
أمريكا والصين
ومنذ اللحظات الأولى، وتتهم أمريكا الصين بالمسؤولية وراء نشر الفيروس، فقد وصف وزير الخارجية مايك بومبيو الوباء بأنه "فيروس ووهان"، وسعت واشنطن إلى صدار قانون في مجلس الأمن بتحميل الصين مسؤولية انتشار الفيروس، لاستخدامه فيما بعد كأداة ابتزاز للصين وربما يكون طريقًا لإلزامها بدفع تعويضات مالية للشعوب المتضررة من الفيروس. إلا أن الصين وروسيا رفضوا مشروع القانون فتعطل ولم يمر.
في المقابل، يبدو أن من أن المزاج العام في الصين يحاول تحميل أمريكا مسؤولية نشر الفيروس، إذ عاد المتحدّث باسم وزارة الخارجيّة الصينيّة، تشاو لي جيان، إلى اتهام الولايات المتحدة الأمريكية بالضلوع في نشر فيروس كورونا في مدينة ووهان، وبرر أسانيده في مقال مفصل نشره في الموقع الإكتروني "غلوبال ريسترتش.كا"، الذي ترجمته العديد من المواقع.
الجديد في مقال جيان، أنه نشر تفاصيل جديدة، تزعم كشف الطريقة التي أتى بها عملاء في وكالة الاستخبارات الأمريكية، بالفيروس، وكيف قالموا بنشره.
يقول جيان في مقاله، الذي ترجم موقع "فرانس 24" بعض أجزائه: "الفيروس تمّ اختِراعه وتطويره من قبل عُلماء أمريكيين العام 2015، وأنّ مجلة Nature Medicine الأمريكيّة أكّدت في بحثٍ نشرته في أحد أعدادها في العام نفسه أيّ العام 2015، أنّ عُلماء في الولايات المتحدة تمكّنوا من الحُصول على نوعٍ جديدٍ من فيروس كورونا له تأثيرٌ خطيرٌ على الإنسان".
تابع جيان: "جنود أمريكان شاركوا في دورة الألعاب العسكريّة العالميّة التي جرت في مدينة ووهان التي تَنافس فيها 10 آلاف عسكري من مُختلف أنحاء العالم في أكتوبر الماضي، وأنهم هم الذين نقلوا الفيروس إلى هذه المدينة".
أصوات في الداخل
بعض الأصوات في الداخل الصيني ترى عكس ذلك، فرئيس المركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية، يقول إن مصدر الفيروس هو الحيوانات البرية التي بيعت في سوق في مدينة ووهان وسط الصين.
ذكرت تقارير أن فيروس كورونا، تمكن خلال الفترة السابق من تطوير خلاياه الجذعيه، وجيناته الوراثية، بعدما تمكن من الالتحام بخلايا الثعابين وطيور الخفافيش.
تلميحات بالمسؤولية
وعلى الرغم من أن الصين وإيران، تجمعهم علاقات قوية إلا ان طهران التي تعاني من تفشي الوباء، ألمحت اليوم الاثنين إلى مسؤولية الصين في انتشار الفيروس، وذكرت يالتقارير التي تتهم مسؤولين صينيين، بالتكتم على تفشي وباء فيروس كورونا المستجد منذ ديسمبر الماضي، وأن الشرطة في ووهان عمدت إلى توبيخ وإسكات الأطباء الذين دقوا ناقوس الخطر بخصوص الفيروس.
أمس الأحد، حملت إيران الصين ضمنيا مسؤولية عدم إبلاغ العالم بجدية خطورة فيروس كورونا، واتهمتها بإخفاء العدد الحقيقي لضحاياه، قائلة إن إحصاءات بكين حول كورونا كانت "مزاحا مؤلما" للعالم.
ووصف المتحدث باسم وزارة الصحة الإيرانية كيانوش جيهانبور، الأرقام والإحصاءات الصادرة عن الحكومة الصينية بشأن ضحايا فيروس كورونا، بأنها كانت "مزاحا مؤلما" للعالم.
وفي رده على سؤال لوكالة "الأناضول"التركية خلال مؤتمر صحفي بالعاصمة طهران، قال جيهانبور إن "الصين مارست مزاحا مؤلما للعالم من خلال الأرقام والإحصاءات التي أعلنتها (في البداية) بشأن وفيات ومصابي كورونا".
أشار إلى أن "البلدان التي تفشى فيها هذا المرض، ظنت بأنه أخف من الإنفلونزا، بالنظر إلى تصريحات الصين، لكن الأمر ليس كذلك". وتابع: "لا يمكن القول إن فترة هذا المرض هي شهرين".
اعتبر المتحدث باسم وزارة الصحة الإيرانية، أن "الدول التي سجلت إصابات بكورونا بعد أسبوعين من اكتشاف الفيروس في الصين وصل بها الأمر حد الفضيحة، لكنها لم تفصح عن أي معلومات"، مشيرا إلى أن "هذه الدول تحولت إلى معابر للفيروس وبقيت تتبع سياسة الكتمان".
في المقابل، رد السفير الصيني في إيران على جيهانبور، وكتب في حسابه على تويتر، قائلا له: "وزارة الصحة الصينية لديها مؤتمر يومي واقترح عليك قراءة أخبارها بدقة لتستخلص النتائج".
وحاول المتحدث باسم الخارجية الإيرانية تهدئة الأمر، إذ قال مادحا بكين في تغريدة له: "لقد كانت الصين حكومة وشعبا في طليعة مكافحة فيروس كورونا وقدمت مساعدات سخية لدول أخرى حول العالم".
تركيا والسعودية
في الوقت الذي تتهم فيه إسبانيا، تركيا بالسطو على أجهزة تنفس اصطناعي، تبرر أنقرة موقفها بأن الداخل التركي أولى بها من غيره، رغم أن إسبانيا سددت كُلفة تلك الأجهزة لتركيا، فيما توجه المعارضة انتقادات لازعة لنظام إردوغان، وتتهمه بإفساد النظام الصحي، وعدم تحديثه بشكل دوري، ما جعل البنية التحتية للمستشفيات متآكلة وغير صالحة لتقديم أي خدمات للجمهور.
إردوغان يحاول البحث عن شماعة جديدة لتعليق فشله في التعامل مع أزمة تفشي فيروس "كوفيد-19" المعروف بـ"كورونا"، إذ زعم وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو أن السعودية أخفت معلومات انتشار الفيروس بين المعتمرين الأتراك، ما يدخل العلاقات بين البلدين مرحلة جديدة من التوتر، يُضاف إلى التوتر الحادث بينهما منذ اغتيال الكاتب الصحفي السعودي جمال خاشقجي في مبنى القنصلية السعودية بإسطنبول.
صويلو لم يقدم المزيد من التفاصيل بشأن اتهامه للسعودية، فقط قال إنها لم تبلّغ بلاده والعالم بأي إصابة بفيروس كورونا بين المعتمرين. متناسياً أن الحالات الأولى للفيروس في بلاده لم يكن المعتمرون مصدراً لها.
تابع وزير الداخلية التركي: "عندما ظهرت أول حالة إصابة بفيروس كورونا بين العائدين من العمرة، اتخذ وزير الصحة التركي التدابير اللازمة على الفور، في حين أن السعودية أعلنت في 27 فبراير الماضي، عن تعليق مؤقت لدخول الأفراد الراغبين في أداء مناسك العمرة في مكة أو زيارة المسجد النبوي بالمدينة المنورة، وكذلك السياح. كما تم توسيع الأمر ليشمل الزوار المسافرين من الدول التي يمثل فيها كورونا خطراً.
وسجلت تركيا أول إصابة بفيروس كورونا في 11 مارس الماضي بحسب تصريحات وزير صحتها فخر الدين فوجا، الذي أكد أن الحالة المصابة قادمة من دولة أوروبية، وفي 13 من الشهر ذاته أعلن الوزير إصابة شخص آخر بالمرض مخالط للشخص الأول.