باتفاق تاريخي ومكالمة 35 دقيقة.. ترامب يمنح "طالبان" المُتشددة شرعية دولية
بعد نحو 4 أيام من توقيع أمريكا مع حركة "طالبان" الأفغانية المُتشددة، اتفاق سلام يقضي بانسحابها من أطول حرب خاضتها خلال العقدين الأخيرين (نحو 18 عامًا)، كشف الرئيس دونالد ترامب، أمس الثلاثاء، عن تفاصيل مكالمة مع زعيم الحركة، الملا برادار أخوند، ونقلت وكالة "أسوشيتيد برس" أن ترامب وصف أخوند بـ"المقاتل الشجاع من أجل وطنه"، ليضع بذلك عشرات من علامات الاستفهام على الهدف من الحرب التي خاضتها واشنطن العام 2001، وفقدت خلالها نحو 2500 قتيل وآلاف الجرحي، بخلاف آلاف المدنيين الأفغان الذين قتلوا في الحرب.
بينما يعتبر مراقبون أن الاتفاق بين أمريكا وطالبان، منح الحركة شرعية دولية، جاءت المكالمة الهاتفية التي جرت بين ترامب وأخوند واستغرقت (35 دقيقة)، لتزيد من تلك الشرعية، فيقول الباحث في شؤون الجماعات الأصولية، علي رجب، "أمريكا منذ بداية اجتياح أفغانستان وهي تدرك أن مهمتها في تلك الدولة صعبة، وظني أنها أبقت على شعرة معاوية؛ ولم تدرج حركة طالبان على قوائم الإرهاب، إذ لو أنها فعلت ذلك ما كنا قد وصلنا إلى ذلك النحو".
تابع رجب: "منذ العام 2010 وأمريكا بدأت تتململ من وجودها في أفغانستان؛ لارتفاع أعداد قتلى جنودها، ولارتفاع فاتورة كلفة الحرب، لذلك كلفت قطر بقتح مكتب سياسي لحركة (طالبان) على أراضيها العام 2013، ومنذ ذلك الوقت وهي تجري مباحثات مع الحركة"، موضحًا أن الإدارة الأمريكية لها تاريخ طويل في التواصل مع الحركات الراديكالية، لذلك سياستها تتيح لها أن تجعل مع عدو الأمس صديق اليوم، فترامب يتغاضى عن أن حركة (طالبان) كانت تأوي أعضاء تنظيم "القاعدة" ورفضت في أعقاب أحداث 11 سبتمبر، تسيلم زعيم التنظيم أسامة بن لادن.
وعن ردود الفعل المتوقعة داخل الحركة، يقول رجب: "بموت الملا عمر والملا أختر منصور، تكون طالبان تخلصت من غالبية القيادات المناهضة لأي محادثات مع واشنطن، لذلك ليس من المرجح ان يظهر تيار داخل الحركة يرفض اتفاق الاسلام ويرفض المحادثة التي تمت بين ترامب وأخوند".
وصرح ترامب للصحفيين في البيت الأبيض، "في الحقيقة أجريت حديثاً جيداً جداً مع زعيم طالبان"، من دون أن يذكر اسم برادار الذي يتزعم التيار السياسي للحركة، وقاد المحادثات قبل التوقيع على الاتفاق التاريخي بين واشنطن والحركة في الدوحة السبت.
في المقابل، قال المتحدث باسم "حركة طالبان" ذبيح الله مجاهد اليوم الثلاثاء، إن الملا برادار أجرى مكالمة هاتفية مع الرئيس الأميركي قبل بضعة أيام. وكتب المتحدث على "تويتر"، "رئيس الولايات المتحدة... أجرى مكالمة هاتفية مع المسؤول السياسي للإمارة الإسلامية الموقر الملا برادار أخوند".
وتأتي المكالمة التي استغرقت 35 دقيقة، وقالت الحركة إنها جرت قرابة الساعة 14:40 بتوقيت غرينيتش غداة إنهاء "طالبان" الهدنة الجزئية،.
وأفاد نص المكالمة الهاتفية الذي أصدرته "طالبان" بأن برادار حض ترمب على "اتخاذ خطوات حازمة في ما يتعلق بسحب القوات الأجنبية من أفغانستان".
بموجب بنود الاتفاق، ستنسحب القوات الأجنبية من أفغانستان في غضون 14 شهراً، ويبقى ذلك رهناً بضمانات "طالبان" الأمنية، وتعهد المتمردين إجراء محادثات مع الحكومة الأفغانية في كابول. لكن خلافات ظهرت حول بند تبادل الأسرى، أثارت تساؤلات عما إذا كانت المفاوضات بين كابول وحركة "طالبان" ستنطلق.
ويتضمن الاتفاق التزاماً بتبادل خمسة آلاف سجين من "طالبان" تحتجزهم الحكومة الأفغانية في مقابل ألف أسير، وهو أمر اعتبره المسلحون شرطاً مسبقاً للمحادثات، لكن الرئيس الأفغاني أشرف غني رفض أن يقوم بذلك قبل بدء المفاوضات.
ودعا برادار ترمب إلى "عدم السماح لأي كان باتخاذ خطوات تنتهك بنود الاتفاق، بالتالي تورطك أكثر في هذه الحرب الطويلة"، بحسب نص المحادثة الذي عممته طالبان.
ومنذ توقيع الاتفاق، لم تتوقف "طالبان" عن ادعاء "الانتصار" على الولايات المتحدة. وشنت طالبان أكثر من 12 هجوماً على قواعد للجيش الأفغاني منذ إنهاء الهدنة المحدودة، وفق ما أعلن مسؤولون الثلاثاء.
وأرسلت الحكومة الأفغانية الأسبوع الماضي وفداً إلى قطر لبدء "اتصالات أولية" مع المتمردين، لكن المتحدث باسم "طالبان" سهيل شاهين قال الثلاثاء، إنهم لن يلتقوا ممثلي كابول إلا لبحث الإفراج عن أسراهم.