اتهامات برلمانية للأزهر بالتقاعس عن تجديد الخطاب الديني.. وأزهريون:"المسئولية جماعية"
أولى
الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، منذ توليه الرئاسة عام 2014، أهمية قصوى
لفكرة تجديد الخطاب الديني، خصوصاً في مصر، التي عانت منذ عقود من انتشار تيار إرهابي
متطرف بين أبنائها، على الرغم من انها البلد الذي يعرف العالم عنه أن يمتاز دون
غيره من البلدان العربية بالإسلام الوسطي والتسامح الديني، على مر التاريخ.
على
هذا الأساس، دعا الرئيس المؤسسات الدينية إلى ضبط الخطاب الديني لمواكبة العصر، كما
لم يترك فرصة في مناسبة دينية أو رسمية إلا ودعا إلى تجديد الخطاب الديني في
الأزهر، ليتماشى مع متغيرات العصر الحالي، ومنذ أيام، تحدث الرئيس السيسي خلال المؤتمر
الوطني للشباب عن تأخر الخطاب الديني في مواكبة العصر لمدة 800 سنة في تفسير النصوص، حيث أكد الرئيس السيسي
في مداخلة خلال جلسة "تقييم تجربة مكافحة الإرهاب محليا وإقليمياً" ضمن فعاليات
المؤتمر الوطني الثامن للشباب، أن الخطاب الديني لا بد أن يواكب العصر، وأن الإرهاب
كفكرة شيطانية الهدف منها هو ضرب مركز ثقل الدين وتأثيره في الإنسانية.
أوضح
السيسي مراراً أنه لا يقصد بتجديد الخطاب المساس بالثوابت الدينية، مضيفاً : "محدش يقدر يتكلم في الثوابت".
مفتي الديار: التجديد لا يقتصر على المؤسسات
الدينية
اعتبر الدكتور شوقي علام مفتي الديار المصرية، قضية
تجديد الخطاب الديني لا تقتصر على المؤسسات الدينية في مصر فقط، ممثلة في الأزهر والأوقاف
ودار الافتاء المصرية قائلاً في تصريحات له عبر موقع "دار الافتار": "هذا
اعتقاد خاطئ ومنتشر بين الغالبية العظمى في مصر، وهناك مؤسسات أخرى عليها مسئولية كبيرة
يجب أن تقوم بها".
أوضح
مفتي الديار أن قضية تجديد الخطاب الديني تحتاج إلى تضافر جهود جميع المؤسسات في مصر
لتصويبه بشكل متكامل، موضحًا أن الرئيس السيسي يولى اهتمامًا كبيرًا بقضايا تجديد الخطاب
الديني ويقدم الدعم الكامل للمؤسسات الدينية في مصر في سعيها لإيجاد خطاب وسطي متصل
بالأصل ومرتبط بالعصر، لافتًا إلى أن دار الإفتاء المصرية تعمل على نشر الوسطية والدفاع
عن الإسلام ومحاربة الفوضى في الخطاب الافتائي في الخارج تنفيذًا للاستراتيجية التي
وضعتها منذ سنوات.
مظهر شاهين: لا تستطيع مؤسسة بمفردها أن
تقوم بالتجديد
قال
الدكتور مظهر شاهين عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، إن الرئيس السيسي وضع اهتمام
كبير بملف تجديد الخطاب الديني منذ ولايته الأولى، وكان يتحدث عن تلك القضية في كل
مناسبة.
وأضاف
مظهر شاهين، لـ"الرئيس نيوز" أن تجديد الخطاب الديني لا تستطيع مؤسسة واحدة
بمفردها أن تقوم به ولكن يحتاج إلى تضافر كل المؤسسات الرسمية بالدولة، وفي مقدمتها
المعنيون بالإعلام والدراما والسينما، وحتى أفلام الأطفال فهي منظومة شاملة كل يدلي
بدلوه.
وأشار عضو المجلس الأعلى للشئون الاسلامية:
"وزارة الأوقاف المصرية عملت منذ اللحظات الأولى لخطاب الرئيس السيسي على تحقيق
طفرة في هذا الملف، منذ ثورة 30 يونيو 2013، موضحًا أن الأوقاف قامت بمواجهة الأفكار
المتطرفة داخل المساجد وتنحية أصحابها جانبًا وتطهير المنابر من هؤلاء الذين كانوا
يستغلونها لنشر أفكارهم المتطرفة.
النائب محمود بدر: على الأزهر أن يطور
نفسه من الداخل
من جانبه، قال محمود بدر، عضو مجلس
النواب، إن عدم تجديد الخطاب الديني في الأزهر الشريف يرجع إلى تغلغل تيار معين
أفقد الأزهر عقيدته الأشعرية وجزءاً كبيراً من وسطيته، موضحًا أنه لا يرى دور
الأزهر الشريف في قيادة التنوير وملف تجديد الخطاب الديني.
بدر أعرب عن تمنياته في أن يقوم الأزهر
بدور في قيادة التنوير وتجديد الخطاب استجابة لطلب الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وأضاف بدر: "الرئيس السيسي طالب
الأزهر الشريف بدور كبير في قيادة التنوير، وتجديد الخطاب الديني، ولكن حتى الآن
تجديد الخطاب الديني لم يُفعل، علماً بأنه لا مصلحة لأحد في هدم الأزهر، ولذلك على
الأزهر أن يقوم بتطوير نفسه من الداخل".
حزب الغد: المقررات الدراسية
عادل عصمت، المستشار السياسي لحزب الغد،
قال إن الرئيس عبدالفتاح السيسي تحدث مرارًا وتكرارًا في تجديد الخطاب الديني، لافتًا
إلى أنه يبدو أن هناك تعنتاً واضحاً من قبل المؤسسة الدينية المسئولة عن ذلك.
وأضاف عادل عصمت لـ"الرئيس نيوز":
"مؤسسة الأزهر ترفض حتى مراجعة المقررات الدراسية التي يتم تدريسها في المعاهد
الدينية وجامعة الأزهر، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: أين دور البرلمان مما يحدث
في الأزهر؟.
طالب المستشار السياسي لحزب الغد، البرلمان
بأن يتحلى بالمسئولية فهو المسئول عن سلطة الرقابة في الدولة، قائلاً: لا أعلم لماذا
لا يقوم البرلمان بدوره؟.
أحمد كريمة: لا يمكن الانقلاب على التراث
الدكتور
أحمد كريمة، استاذ الشريعة الإسلامية في جامعة الأزهر، إن تفسير القرآن بخير، ولا يجب
اختزال قضية تجديد الخطاب الإسلامي في التفسير فقط واستحداثه، لأن هناك تفسيرات عصرية،
مثل تفسير الشيخ محمد متولى الشعراوي، وأيضًا تفسير مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر،
مؤكدًا أن من ينتقدون التفسيرات وهم ليسو رجال دين لا يفقهون شيئا في العلوم الشرعية.
وأضاف
أحمد كريمة لـ"الرئيس نيوز": "التفسير له مناهج، فهناك من يقوم بالتفسير
بالمأثور، وهناك تفسير فقهي مثل القرطبي، وتفسير فلسفي مثل الرازي، وتفسير تاريخي مثل
الطبري، وأيضًا هناك تفسير عام لأبن كثير، وجميعها تفاسير صحيحة"، لافتًا إلى أن الأزمة ليست
في التفسير، لأنه أحيانًا يأتي متنطعٌ يلوي أعماق الآيات ليصل إلى مفاهيم مغلوطة، مثل
ما قام به "أبو الأعلى المودودي" بالنسبة للدولة الإسلامية في شبه القارة
الهندية، وأيضاً سيد قطب الذي سار على خطاه في كتابه "معالم في الطريق"،
وأيضاً كتب السلفية الوهابية، مثل فتاوى علماء البلد الحرام، فتلك الكتاب يهاجم الجيش،
ورغم ذلك هو موجود في مصر.
وتابع
أستاذ الشريعة الاسلامية في جامعة الأزهر، أن هناك أيضًا تفسيرات مغلوطة أخرى يمكن
أن نجدها في كتاب عبدالسلام فرج بعنوان
"الفريضة الغائبة"، وكتاب "من التيار الإسلامي إلى شعب مصر، لمرشد الإخوان
مصطفى مشهور، واصفًا تلك الكتب بأنها حركية سياسية تستشهد استشهادات خاطئة بآيات وأحاديث
نبوية.
وأوضح
كريمة: "التراث دي ذاكرة الأمة، وقد يكون هناك جموع أو جنوح أو شطط في بعض الآراء،
سواء كانت في معلومات تفسيرية أو شروح لبعض الأحاديث أو مسائل فقهية تراثية وبالذات
في باب الجهاد، وتحتاج إلى تنبيهات، ولكن لا ننقلب على التراث، مؤكدًا أن هناك العديد
من علماء الأزهر تصدوا لتلك التفسيرات التي استخدمها المتطرفون والإرهابيون.
واستطرد:
"هناك عشرات الأطروحات ومئات الإصدارات أصدرها الأزهر بشأن تصحيح مفاهيم مغلوطة،
منها الشيخ محمود شلتوت، الذي ألف كتاب "آيات القتال في القرآن الكريم"،
وأوضح الدلالات الحقيقية فيما يتعلق بالقتال، ورد على المتطرفين والإرهابيين، وأيضًا
كتاب الشيخ جاد الحق على جاد الحق، بعنوان "هذا بيان للناس"، وقد صدر في
جزءين، رد خلالهما على دعاوى المتطرفين.
وتابع
أحمد كريمة: "الدكتور عطية صقر، أحد علماء الأزهر الذي اصدر كتابًا بعنوان
" نقض الفريضة الغائبة"، للرد على التفسيرات الخاطئة لكتاب عبدالسلام فرج،
بالإضافة إلى مؤلفات الدكتور على جمعة مفتي الجمهورية السابق، فله عدة كتب في نقد الإرهاب
والتطرف، وأشار كريمة إلى أن له هو شخصياً مؤلفات للرد على المفاهيم المغلوطة مثل كتاب
"جماعة الإخوان رؤية نقدية"، وكتاب "الارهاب بين داء ودواء"، و
كتاب "فتنة مُتسلفة".
وتساءل
كريمة: علماؤنا الكبار، من مفسرين ومحدثين وفقهاء وعلماء عقيدة، هل ننقلب عليهم؟، لافتًا
إلى أن قاتل الكاتب فرج فودة كان يعمل "نجار
مسلح" لا يقرأ، مما يؤكد أن المسألة لا تتعلق بالعلوم الإسلامية.