الجمعة 20 سبتمبر 2024 الموافق 17 ربيع الأول 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
عرب وعالم

انفراجة في الأزمة "الأمريكية الإيرانية".. ما وراء زيارة ظريف إلى فرنسا

الرئيس نيوز


وسط هدوء نسبي في الأزمة التي تدور رحاها منذ مطلع أغسطس الجاري في مياه الخليج بين أمريكا وحلفائها من جهة، وإيران من جهة أخرى. أجرى  وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، الأحد زيارة مفاجئة وخاطفة إلى جنوب غربي فرنسا، حيث تعقد قمة مجموعة السبع، في مدينة بياريتز الساحلية حيث تجمع زعماء العالم، بمن فيهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

اللافت للنظر أن الزيارة لم تكن معلنة من قبل وتأتي في وقت ترفض فيه طهران التفاوض مع واشنطن والجلوس معها على طاولة المفاوضات، إلا أن حضور ظريف المفاجئ في مقر انعقاد القمة التي يشارك فيها الرئيس ترامب، يبعث على وجود حلحلت في الأزمة التي تعقدت حلقاتها خلال الفترة الأخيرة.

ما يثير الانتباه أيضًا هو تعليق الرئيس الأمريكي على حضور ظريف، إذا قال خلال لقائه بالرئيس عبد الفتاح السيسي: "زيارة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف لمقر قمة الدول الـ7 لم تكن مفاجأة لي، فالرئيس الفرنسي ماكرون تحدث معي بشأن الزيارة، وطلب مني الموافقة على ذلك، وقد قبلت". ما يعني أن الإدارة الأمريكية حريصة على فتح باب التفاوض مع إيران، وإغلاق ملفها النووي المثير للجدل.

تصريحات ترامب الإيجابية نحو إيران، والتي حرص على الإدلاء بها خلال نقاشاته مع الرئيس السيسي، تشير إلى الدور الذي ربما تكون القاهرة تلعبه أيضًا لتهدئة الوضع في الخليج، وعدم جر المنطقة إلى صدامات جديدة، إذ تحدثت تقارير نشرها موقع "الرئيس نيوز" سابقًا عن استعداد مصر للعب دور الوساطة بين دول الخليج من جهة، وإيران من جهة أخرى، في محاولة لوقف التصعيد المتبادل، والذي من المؤكد أنه سوف يجر المنطقة إلى صدامات سيكون الجميع خاسرًا فيها.

قال  الرئيس الأمريكى، خلال جلسة مباحثات مع الرئيس عبد الفتاح السيسى: "الولايات المتحدة لا ترغب فى تغيير النظام فى إيران، ولكن يجب عليها التخلى عن المشروعات النووية والصاروخية".

ظريف يصرح

وعن مضمون مباحثاته مع المسؤولين الفرنسيين، قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بعد وصوله إلى بكين، حول أهمية زيارته إلى فرنسا، إن الزيارة كانت تلبية لدعوة من وزير الخارجية الفرنسي؛ لمواصلة المشاورات السابقة التي جرت بين الرئيسين الايراني والفرنسي.

أعلن ظريف للصحفيين اليوم الاثنين: "يوم الجمعة الماضي أجرينا بعض المحادثات في باريس مع وزير الخارجية والرئيس الفرنسي، لكن كانت هناك حاجة لجولة اخرى من المحادثات بين خبراء البلدين لتوضيح بعض القضايا مثل البنوك والنفط والتي تحتاج إلى مزيد من التوضيح أو التفاوض".

أشار ظريف إلى أن هذا العمل تم في عملية تفاوض مكثفة استمرت حوالي أربع ساعات، مضيفا : "خلال كل هذه الساعات أجرينا محادثات مع وزيري الخارجية والمالية الفرنسيين، كما تحدثنا مع ماكرون لمدة ساعة، وانتهزنا الفرصة لمراجعة آخر التطورات والتنسيق مع مستشار رئيس الوزراء البريطاني ومستشار المستشارة الألمانية بصفتهما عضوين أوروربيين في الاتفاق النووي".

كما غرد على موقع التواصل "تويتر" قائلًا: "لقد كان الطريق صعبًا، لكن الأمر يستحق المحاولة". ويفهم من تغريدة ظريف وردة الفعل الأمريكية على زيارته، أن هناك مباحثات ربما يتمخض عنها انفراجة في الأزمة، وذلك بواسطة أوروبية وأخرى من دول إقليمية. 

باب للتفاوض

وبشكل غير مباشر، تطرق الرئيس الروحاني اليوم للأزمة مع أمريكا. وقال بنبرة تعكس تحول نسبي في المواقف، واستعداد بلاده للتفاوض، إذ أكد في كلمته اليوم الاثنين خلال مراسم عرض منجزات الحكومة في مجال البنية التحتية للقرى والأرياف: "نعيش ظروفًا صعبة؛ إذ نتعرض لأقسى أشكال الحظر منذ اكثر من عام، اننا وفي الوقت الذي نقاوم الحظر ونرد بالمثل، نخفض تعهداتنا (في اطار الاتفاق النووي)، نبقي الفرصة متاحة للتفاوض والدبلوماسية، بحيث نجعل الطريق مفتوحا لفترة شهرين بين مرحلة واخرى من خفض التعهدات من أجل حل المشاكل عن طريق الدبلوماسية".

تابع الرئيس روحاني: "لو أنني أعلم بان مشكلة البلاد ستحل لو التقيت شخصًا ما، فلن أمتنع عن ذلك لأن الأساس هو مصالح البلاد". وأضاف: "إلى جانب الصمود والمقاومة نتفاوض أيضا من أجل حل وتسوية قضايانا، فحينما يقومون باحتجاز ناقلتنا، نتفاوض ونوقف ناقلتهم (بصورة قانونية) في الوقت ذاته".

استطرد الرئيس الإيراني قائلًا: "يد القوة ويد الدبلوماسية يجب ان تكونا الى جانب بعضهما بعضا. ومخطئ من يتصور بان يدا واحدة كافية، إذ ينبغي أن نستخدم قدرتنا العسكرية والثقافية والاقتصادية وكذلك قدرتنا السياسية والدبلوماسية والتفاوضية". لافتا الى زيارة وزير الخارجية الى باريس لاجراء محادثات ومن ثم زيارته لها ثانية، إذ قال: "نعتقد بأنه علينا بذل الجهود وعدم تفويت الفرصة حتى لو كانت نسبة نجاحها 10 او 20 بالمئة".

ونقل موقع "بي بي سي" عن دبلوماسيين فرنسيبن، قولهم إن كبير الدبلوماسيين الإيرانيين (جواد ظريف) لم يعقد محادثات، مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال زيارته، لكن وجود الرجلين في نفس المكان أنعش آمالا في انفراج الأزمة.

وتريد ظهران لبدء التفاوض مع أمريكا رفه العقوبات من عليها، خاصة المتعلقة بالصادرات النفطية، وهو الامر الذي ترفضه واشنطن، لكن التعاطي الإيجابي من قبل ترامب مع زيارة ظريف، تبعث على وجود إشارات إيجابية، على مقترحات ماكرون للتوصل إلى اتفاق. على الرغم من أن ترامب قال خلال وقت سابق إنه سعيد بجهود ماكرون لنزع فتيل التوترات، إلا أن الولايات المتحدة ستستمر في مبادراتها الخاصة جاه إيران. لكن التطور الأخيرة يعكس وجود تحولات ولو بنسبة ضئيلة في المواقف.

وفي نهاية يوليو الماضي، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على جواد ظريف، قائلة إنه "يروج لدعاية النظام الإيراني وتضليله"، وخلال وقت سابق حث ماكرون الإدارة الأمريكية على تقديم نوع من التعويض لإيران، مثل رفع العقوبات عن مبيعات النفط إلى الصين والهند، أو حد ائتمان جديد لتمكين الصادرات. وفي المقابل، ستعود إيران إلى الالتزام بالاتفاق التاريخي لعام 2015 الذي يكبح برنامجها النووي، الذي انسحب منه ترامب من جانب واحد العام الماضي.

 بدوره، قال الكاتب والمفكر، سالم الصباغ: "لعل المنطقة مقبلة على تحولات سياسية واقتصادية مهمة والجميع يريد التهدئة". تابع قائلًا في تصريحات لـ"الرئيس نيوز": "بعد إسقاط إيران للطائرة الأمريكية المسيرة، واحتجازها لناقلة النفط البريطانية، تأكد للجميع جدية إيران، وعدم خضوعها للتهديد، وأنها مستعدة لأي تصعيد، لذلك تريد واشنطن عدم المواجهة، بل وتراجعت عنه".

استطرد المفكر قائلًا: "الصراع بين أمريكا وإيران قد يتصاعد لحرب كبرى تشمل المنطقة كلها وهذا مالا يريده أحد"، وعن الوساطة الفرنسية أوضح أن الاتحاد الأوربي وبعد انسحاب بريطانيا منه أصبحت فرنسا هي زعيمته والممثلة له، والاتحاد الأوربي يريد أن يحافظ على الاتفاق النووي مع ايران ويرفض الموقف الأمريكي من الانسحاب من الاتفاق، كما يرفض سياسة ترامب مع الاتحاد الأوربي. وهذا ما يفسر التحرك الفرنسي.