خبير: "حميدتي" و"البرهان" لن يترشحا للرئاسة في السودان لهذه الأسباب
بعد ساعات من
عملية فض اعتصام قوى "الحرية والتغيير"، أمام مقر القيادة العامة للقوات
المسلحة في السودان، والذي خلف نحو 35 قتيلاً، أعلن رئيس المجلس العسكري، الفريق
أول عبدالفتاح البرهان في بيان متلفز صباح اليوم الثلاثاء وقف التفاوض مع قوى
الاعتصام، وإلغاء ما تم الاتفاق عليه، فضلاً عن إجراء انتخابات عامة في فترة لا
تتجاوز التسعة أشهر.
قبيل ساعات انعقاد
جلسة مغلقة في "مجلس الأمن"، اليوم الثلاثاء بطلب من ألمانيا وبريطانيا
لمناقشة تطورات الأوضاع، فسر المحلل
السياسي السوداني، الدكتور ياسر محجوب الحسين، في تصريحات خاصة لـ"موقع
الرئيس نيوز" مآلات الوضع في السودان وأضاف: "موقف الحرية والتغيير لن
يكون مؤثراً كما كان في السابق، ليس فقط بعد فض الاعتصام باعتباره الورقة الرابحة،
ولكن كان ذلك قبل عملية الفض حيث أنها كانت غير موحّدة في طرحها السياسي وبها
الكثير من التناقضات، ما أضعف موقفها أمام المجلس العسكري".
وأضاف الحسين أن
قادة الحرية والتغيير لم يتحلوا بالحنكة
السياسية والحكمة قائلاً: "ما لا يدرك كله لا يترك كله"، موضحاً
أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع المجلس العسكري كان قوياً جداً وقاعدة للبدء في
عملية التغيير، ولكن تعنت موقفهم وإصرارهم على استلام السلطة بالكامل، الذي يعتبر
نظرياً ممكن حدوثه ولكن واقعياً لا يمكن للمجلس العسكري تسليم السلطة بهذا الشكل
وفقاً للتجارب، حيث شهد السودان ثورتين سابقتين ولم يتم تسليم السلطة فيهما بهذا
الشكل المباشر".
أشار الحسين
إلى أنه إذا لم يحدث تغيير في الشارع السوداني وهو الشيء المتوقع نظراً لأن
البيوتات والأحزاب الكبيرة مثل حزب الأمة وحزب الاتحاد الديموقراطي اللذين حصلا
على أكبر نسبة في آخر انتخابات برلمانية العام 1986، من المتوقع أن يحصلا على نفس
النسب معتقداً أن هو ما دفع قوى الحرية والتغيير نحو الحصول على فترة انتقالية
مدتها 4 سنوات لمحاولة تغيير هذا الواقع لأنهم لن يفحلوا عبر الانتخابات في الحصول
على أغلبية.
الدكتور ياسر محجوب الحسين، أجاب حول إمكانية ترشح الرئيس الحالي للمجلس العسكري الانتقالي، الفريق أول عبدالفتاح البرهان ونائبه الفريق أول محمد حمدان دقلو الشهير بــ "حميدتي"، قائلاً :"هناك شروط لترشح العسكريين إلى الانتخابات الرئاسية منها الاستقالة، ولا أعتقد أن "البرهان" و"حميدتي"، وهما على رأس عملهما العسكري أن يترشحا إلا بتحولهما إلى سياسيين"، لافتاً إلى أنهما لايتمتعان بالقدرة السياسية للدخول في منافسة مع السياسيين التقليديين من الحزبين الكبيرين إلا اذا كان هناك نية مسبقة أن تكون هذه الانتخابات غير نزيهة، لأنه لو كانت شفافة ونزيهة لن يكون لهما حظ في مقارعة السياسيين الكبار أو التقليديين".
وفي السياق،
استبعد الحسين قيام قوى الحرية والتغيير بإنشاء مجلس سياسي مدني بشرعية دولية، دون
التنسيق مع المجلس العسكري، نظراً لأن الأخير يملك القوة ويتحكم في مقاليد الأمور،
كما أنه يحظى على المستوى الدولي والاقليمي بدعم من خلال محور مصر والسعودية
والامارات وبعض الدول الافريقية، كما أن الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد
الأوروبي يدعمان المجلس العسكري ليس حباً فيه، ولكن خشية من الفوضى حال رحيله،
لأنه سيترتب عليه تأثير على مصالحهم الدولية في المنطقة، أو انتقال الفوضى الى
جيرانه.
ويرى الحسين أن
مستقبل الحياة السياسية في السودان "رمادي"، بالنظر إلى تفاعلات الوضع
السياسي الحالي، والاستقطاب الحاد، وفي ظل عدم بلوغ القوى السياسية مرحلة الرشد،
قائلاً: "القوى السياسية والعسكريون يتحملان ما وصل اليه السودان وليس في هذه
الفترة فقط، ولكن منذ الاستقلال وفشل النخب السياسية من إدارة البلاد، عندما منحت
لها الفرصة، مضيفاً أن فترات حكم العسكري، وهي أطول من فترة الحكم المدني لم توفق
في ادارة شئون البلاد معللاً ذلك ببقاء هشاشة الوضع الأمني رغم الامكانيات الكبيرة
التي يتمتع بها السودان.
وختم الحسين
قائلا: "اذا كانت الرياح تتجه نحو دعم المجلس العسكري من القوى الدولية، فسوف
يسير في نهاية الأمر في هذا الاتجاه"، لافتاً إلى أن الاتحاد الافريقي ودول
الاقليم العربي لديه مخاوف من وجود حكومة مدنية بدون خبرة ولا تملك مفاصل القوة
عكس اذا ما كانت في يد المجلس العسكري.
يشار إلى أن قيام
قوة مشتركة من القوات المسلحة، والدعم السريع وجهاز الأمن والمخابرات وقوات الشرطة
وبإشراف وكلاء النيابة، بفض اعتصام القيادة العامة أمس الاثنين، جاء بعد ملاحقة
مجموعات اجرامية احتمت في ميدان الاعتصام، وفي منطقة "كولومبيا"، وفقاً
لما جاء على سان المتحدث العسكري، الفريق شمس الدين كباشي.