الجمعة 29 نوفمبر 2024 الموافق 27 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
عرب وعالم

كيف تبنت "الجزيرة" سياسة "البلبلة الإعلامية".. واصطناع الأخبار؟

الرئيس نيوز

ظلت هيئة الإذاعة البريطانية الـ«بي بي سي» مصدر الأخبار الموثوق به عند المواطن العربي حتى اندلاع حرب "تحرير الكويت" عام 1991، لا ينافسها في ذلك أحد في تلك الأيام.

ووفق دراسة حديثة، أعدها قسم الدراسات والبحوث في "المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا وأوروبا"، فإنه مع انتشار الفضائيات في التسعينيات من القرن الماضي، تراجعت الإذاعات وحلت محلها المحطات التلفزيونية كمصدر أساسي للأخبار، وبدأت تظهر القنوات الفضائية منفردة وفي مجموعات، وكان من طلائع المجموعات التلفزيونية مجموعة قنوات «الأوربت» التي أخذت تتوسع حتى ضمت الـ«بي بي سي» العربية، والتي كانت تتمتع بانفتاح كبير، مما أغضب الكثيرين.

وقامت شركة «أوربت» بحذف "بي بي سي" من مجموعتها، فأصبحت تواجه أزمة مالية، فاشترتها الحكومة القطرية بكل ما فيها بما في ذلك العاملون بها. استولى القطريون على الخبرة البريطانية العريقة دون أي تغيير أو تبديل، ونقلوها من لندن إلى الدوحة بعد أن أبدلوا اسمها إلى «الجزيرة». لم يكن أحد حينها يعلم شيئاً عن الخطط القطرية الاستراتيجية.

وشيئا فشيئا، تحولت "الجزيرة" إلى كرباج يصيب كل الدول العربية بالكيفية التي ترسمها الحكومة القطرية، دون أن ينعكس عليها، وروجت القناة للفكر المتطرف والمتشدد، وكانت المحطة الوحيدة في العالم التي تروج وتنقل تصريحات وبيانات الحصرية لها من زعماء "القاعدة"!

وكانت الجماهير العربية في ذلك الحين كانت مستعدة لتصديق أي كلام معارض لسياسات بلدانهم، فتبنت قطر كيفية صناعة الإعلام المدوي الكاذب ولكن بمهنية عالية، تحت شعار "الرأي والرأي الآخر".

وكان تعريف "الرأي الآخر" في سياسة الحكومة القطرية هو كل ما يخالف توجهات الحكومات العربية التي تختلف معها، بصرف النظر عن صدقه أو كذبه. وهكذا، ظهرت "فبركة" وتزييف الأخبار في قناة "الجزيرة".

وكانت التوجيهات تقضي بضرورة الاعتماد على الأكاذيب الصادمة التي تنتشر بسرعة البرق دون أن يجد الطرف المستهدف منها وقتاً للرد عليها، وأن تبادر «الجزيرة» باصطناع الأخبار، ودعمها بتقارير مفبركة ومداخلات لمن تصفهم القناة بـ"المحللين السياسيين" الذين يشتغلون لحساب القناة مقابل مكافآت مجزية.

وباتت سياسة "بث البلبلة" في ذهن المتلقي يعتبر أساس «الحرب الإعلامية» التي تعتمد في جانب كبير منها على تكثيف الأكاذيب، وتحويلها إلى شأن عام يتردد على ألسنة الناس، وحتى لو كان عدد المصدقين قليلاً، فإن ذلك كاف للاستمرار على هذا المنهج.

وتعد قناة «الجزيرة» القطرية سباقة في صناعة الأخبار الزائفة، فعندما تحدثت عن آلاف عمليات الاغتصاب التي تعرضت لها نساء ليبيات خلال أحداث 2011، وقد كانت تلك الكذبة وراء تخريب مدينة "تاورغاء" وتشريد سكانها البالغ عددهم 45 ألف نسمة، وهي المأساة التي لا تزال ترمز حتى اليوم إلى خطورة دور الإعلام القطري أثناء ما سمي "الربيع العربي".

وفي اليمن، ينظر الشارع العادي لقناة «الجزيرة» على أنها قناة "الانقلاب الحوثي"، وذلك بعد استبسال القناة القطرية في الدفاع عن انقلاب الميليشيا المدعومة من إيران، والتشارك بشكل شبه يومي، في الأخبار والمواد المصورة.

الدعم القطري لـ"الحوثيين" لم يتوقف عند تحويل قناة «الجزيرة» إلى بوق إضافي لتلك الميليشيا، بل إن القناة القطرية شرعت في تنفيذ استراتيجية جديدة لتطوير إعلام الحوثيين، كجزء من مخطط تدميري لتشويه صورة الحكومة اليمنية.

كما يروج النظام القطري عبر قناة "الجزيرة"، لخرافة أن تركيا هي "الديمقراطية الراسخة" في منطقة الشرق الأوسط، حتى يتم تسويقها كنموذج مثالي للدول العربية والإسلامية، رغم ما يراه العالم الآن من ممارسات قمعية على يد حكم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.