الأربعاء 12 مارس 2025 الموافق 12 رمضان 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
اقتصاد مصر

خبراء يحذرون من التحديات رغم انخفاض التضخم في فبراير 2025

الرئيس نيوز

سجل معدل التضخم الرئيسي في مصر انخفاضا بشكل كبير الشهر الماضي إلى 12.8 في المائة، مقارنة بـ 24 في المائة في يناير 2025، حيث تنفذ البلاد العديد من الإصلاحات وسط جهود لاستقرار اقتصادها.

ويمثل هذا الانخفاض الكبير أدنى مستوى للتضخم منذ مارس 2022، عندما كانت مصر تعاني من أزمة مالية خانقة وعلى الرغم من أن الانخفاض يعد علامة على أن أزمة العملة الأجنبية التي عصفت بالاقتصاد المصري بين عامي 2022 و2024 قد هدأت قليلًا، إلا أن الخبراء قالوا لصحيفة ذا ناشيونال إن حجم الانخفاض كان ناجمًا إلى حد كبير عن التأثيرات الأساسية المواتية.

ونقلت صحيفة ذا ناشيونال عن أحد الخبراء قوله: "إنك تقارن أرقام الشهر الماضي بأرقام شهر فبراير من العام الماضي، والذي كان شهرًا سيئًا بشكل خاص بالنسبة لاقتصاد البلاد".

وأضاف أن أرقام العام الماضي تمثل "صورة أكثر قتامة لحالة الاقتصاد مما يجعل هذا التحسن الأخير يبدو أكثر إثارة للإعجاب والاهتمام".

وارتفعت أسعار المواد الغذائية والمشروبات، وهي أكبر مكون منفرد في سلة التضخم، بنسبة 3.7% فقط في فبراير مقارنة بنحو 20.8% في يناير، وعلى أساس شهري، ارتفعت أسعار المستهلك بنسبة 1.4% مقابل 1.5%.

وكان تباطؤ معدل التضخم في أسعار المواد الغذائية الشهر الماضي تطورًا مفاجئًا نظرًا لأنه جاء قبل شهر رمضان المبارك الذي يحل علينا حاليًا، وهو وقت يتزايد فيه الطلب على السلع الغذائية ومن أجل التعويض عن ارتفاع الأسعار خلال شهر رمضان، عملت الحكومة المصرية منذ يناير على زيادة إمدادات المواد الغذائية في الأسواق التي تنظمها الحكومة وغيرها من المنافذ التي ترعاها الحكومة. ورافقت زيادة العرض أيضًا حملة إعلامية تشجع على شراء سلع رمضان في وقت مبكر للحصول عليها بسعر أرخص.

وقد أدى ذلك إلى توزيع الطلب على الغذاء خلال الشهر الفضيل على فترة زمنية أطول بدلا من تكدسه في وقت واحد، وفقًا للخبراء الذين وصفوا ذلك بأنه "خطوة ذكية من جانب الحكومة.

وكان الانخفاض الأخير في التضخم نتيجة لتطبيق عدد من الإصلاحات الاقتصادية التي كانت مدفوعة إلى حد كبير بسلسلة من عمليات الإنقاذ التي تلقتها مصر من شركاء إقليميين ودوليين في العام الماضي، وأبرزها صفقة رأس الحكمة التي بلغت قيمتها 35 مليار دولار. وقد أنقذت هذه الصفقة البلاد من نقص كارثي في العملة الأجنبية أدى إلى توقف الاقتصاد المعتمد على الواردات إلى حد كبير.

وتبع اتفاق رأس الحكمة زيادة برنامج مصر الدائم مع صندوق النقد الدولي من 3 مليارات دولار إلى 8 مليارات دولار، وهو ما جاء مع مجموعة من الإجراءات الاقتصادية.

تجدر الإشارة إلى أن هذا التمويل مكّن القاهرة من زيادة الإنتاج المحلي بشكل طفيف وتجاوز التباطؤ الاقتصادي الناجم عن الحرب في غزة، والذي أدى إلى انكماش تدفقات النقد الأجنبي الحيوية في قناة السويس لمصر بنسبة تزيد عن 70 في المائة في عام 2024.

كما تجدر الإشارة إلى أن تدفقات النقد الأجنبي أعادت ثقة المستثمرين في الأسواق المصرية، وما شهدناه خلال العام الماضي هو معدل ملحوظ من مبيعات أذون الخزانة بالعملة الأجنبية وزيادة نشاط سوق الأوراق المالية. ولكن يتعين خفض أسعار الفائدة قبل أن نتمكن من رؤية القدرة الكاملة للاقتصاد في طور التشكل.

ولا ينبغي إغفال أن إصلاح التضخم هو الخطوة الأولى، والخطوة التالية، والتي هي أكثر أهمية، هي أن يقوم البنك المركزي بخفض أسعار الفائدة حتى تتمكن الشركات من البدء في الإنفاق مرة أخرى.

ومر عام منذ أن أجرى البنك المركزي المصري أي تعديلات على أسعار الفائدة لليلة واحدة. وكان آخر مرة رفع فيها أسعار الفائدة بمقدار 600 نقطة أساس في مارس من العام الماضي للتأهل لبرنامج صندوق النقد الدولي. ومنذ ذلك الحين، بلغ سعر الإيداع لليلة واحدة 27.25% وسعر الإقراض لليلة واحدة 28.25%.

ويعتبر الانخفاض الأخير في معدل التضخم علامة لا يمكن إنكارها على أن السياسة النقدية الصارمة التي تم تطبيقها منذ العام الماضي تؤتي ثمارها. وعلى هذا المعدل، أتوقع أن يخفض البنك المركزي أسعار الفائدة عندما تجتمع لجنة السياسة الشهر المقبل.

وتوقع المحللون أن يخفض البنك المركزي أسعار الفائدة بنسب تتراوح بين 3 إلى 5% خلال الاجتماع المقبل للجنة السياسة النقدية ومع ذلك، يتوقع بعض المراقبين أن يبقي البنك المركزي أسعار الفائدة ثابتة حتى بداية السنة المالية الجديدة في يوليو.

وتذهب بعض التوقعات إلى تقديرات مفادها أن صندوق النقد الدولي سيطلب إبقاء الأسعار مرتفعة خلال مراجعته المقبلة لبرنامج قروض البلاد، ولن يصرف الشريحة الرابعة البالغة 1.2 مليار دولار دون الحصول على الضمانات اللازمة بأن السياسة ستظل مشددة.

وفي الأثناء، ينتظر أصحاب الأعمال في البلاد بفارغ الصبر خفض أسعار الفائدة لدعم المزيد من الإنفاق في الاقتصاد. ومع ذلك، قال المحللون إن تكاليف المعيشة بالنسبة للمستهلك المصري العادي من غير المرجح أن تنخفض بشكل كبير في أي وقت قريب. وقال بعض المحللين: "عندما تقول إن التضخم انخفض، فهذا لا يعني أن الأسعار انخفضت، بل يعني أنها أصبحت باهظة الثمن بمعدل أبطأ.

كما قال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي إنه بموجب برنامج صندوق النقد الدولي سيتم تطبيق المزيد من تخفيضات الدعم على الخبز والوقود والديزل والكهرباء والمياه في السنة المالية الجديدة. كما أكد أن جولة من زيادات الرواتب ستدخل حيز التنفيذ أيضًا مع السنة المالية الجديدة.

وعندما يتم خفض المزيد من الدعم على الديزل والكهرباء، فمن المرجح أن يؤدي هذا إلى ارتفاع التضخم مرة أخرى قبل ديسمبر. لكن ما أكدته الحكومة هو أنه لن يتم تسجيل أي زيادات كبيرة في الأسعار قبل نهاية السنة المالية الحالية في يونيو.

وعلى الصعيد الدولي، فإن احتمالات استئناف الحرب في غزة، على الرغم من توقيع اتفاق وقف إطلاق نار هش، لا يزال يصرف حركة المرور عبر قناة السويس، وهو ما يهدد بتقويض أمن النقد الأجنبي الذي اكتسبته مصر حديثًا. 

ومن المرجح أن تدفع مثل هذه الخطوة البنك المركزي إلى الإبقاء على أسعار الفائدة ثابتة إلى أن يرى ما سيحدث.

وهناك تهديدًا آخر يتمثل في الرسوم الجمركية التي هددت إدارة ترامب بفرضها على مستوى العالم. وأضاف: "قد يؤدي هذا في النهاية إلى رفع أسعار الواردات لمصر، وهو ما قد يتسبب بدوره في مشكلة تضخم أخرى.