السبت 01 مارس 2025 الموافق 01 رمضان 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
عرب وعالم

اجتماع متوتر مع زيلينسكي يعرقل اتفاق ترامب للسلام بين روسيا وأوكرانيا

الرئيس نيوز

بات اتفاق السلام الذي يقول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لأنه يسعى إليه لإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا وضع شك، بعد المواجهة الحادة بين ترامب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أمس الجمعة.

وفق صحيفة "واشنطن بوست" كتب ترامب على وسائل التواصل الاجتماعي بعد اجتماعه المحتدم مع زيلينسكي: "يمكنه العودة عندما يكون مستعدًا للسلام." فيما بقي الاتفاق الذي أعده ترامب، والذي يمنح الولايات المتحدة حقوق استغلال المعادن الحيوية في أوكرانيا مقابل ضمان أمني أمريكي غير محدد المعالم، دون توقيع.

بينما حاول زيلينسكي دفع ترامب لتقديم ضمانات أكثر وضوحًا حول كيفية منع روسيا من انتهاك وقف إطلاق النار مجددًا، قلل ترامب من أهمية الأمن، مشيرًا إلى أنه "يمثل 2% فقط من أي اتفاق ينهي القتال." وأضاف: "لست قلقًا بشأن الأمن، بل بشأن إنجاز الصفقة."

وسارع كبار مسؤولي الأمن القومي في إدارة ترامب إلى تهنئته على "وضع زيلينسكي في مكانه". وقال كيث كيلوغ، المبعوث الخاص لترامب لأوكرانيا وروسيا: "كما يفعل الرئيس دائمًا، فقد دافع عن أمريكا... أمريكا أولًا. لقد رأى العالم ذلك اليوم في الوقت الفعلي."

أما نائب الرئيس جي دي فانس، فقد جلس إلى الأمام على الأريكة بينما جلس الرئيسان على الكراسي أمام المدفأة، ووبّخ زيلينسكي، مطالبًا إياه بـ "شكر ترامب".

وفي أوروبا، حيث يحاول القادة تهدئة غرور ترامب بينما يدفعونه برفق نحو دعم أوكرانيا، أعربوا عن دعمهم لزيلينسكي، لكنهم تجنبوا التعليق بشكل مباشر على المواجهة.

وقال دبلوماسي أوروبي، طلب عدم ذكر اسمه: "من المبكر جدًا تقديم رأي جاد ومدروس بشأن هذا الاجتماع. لقد غيّر النبرة، لكن الأسباب التي تجعلنا بحاجة إلى تسوية سلمية لم تتغير." وأضاف: "على الرغم من أن عدوانية ترامب كانت لافتة، فإن زيلينسكي لم يحسن اختيار نبرته في تحديه العلني."

ودعا رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر القادة الأوروبيين إلى اجتماع طارئ في لندن يوم الأحد "لمراجعة الأوضاع" ومناقشة الخطوات المقبلة، ومن المتوقع أن يحضر زيلينسكي الاجتماع.

وفي واشنطن، قدم المسؤولون الأمريكيون إشارات متباينة. وقال مسؤول بارز في الإدارة الأمريكية لصحيفة واشنطن بوست إن إدارة ترامب "تدرس إنهاء جميع شحنات المساعدات العسكرية الجارية إلى أوكرانيا" ردًا على ما اعتبرته تصلب زيلينسكي في مواجهة رغبة ترامب في حل النزاع بسرعة.

وإذا تم اتخاذ هذا القرار، فسيشمل وقف إرسال مليارات الدولارات من الرادارات والمركبات والذخيرة والصواريخ المخصصة لأوكرانيا عبر "سلطة السحب الرئاسية"، وفقًا للمسؤول الذي تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته.

أوضح ترامب أن "حقوق الولايات المتحدة في الموارد المعدنية الأوكرانية ستكون بمثابة تعويض عن مئات المليارات من الدولارات من المساعدات الأمريكية، وأن وجود مهندسين وعمال مناجم أمريكيين لاستغلالها يعد كافيًا كضمان أمني."

من جهتها، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية تامي بروس، في تصريحات لشبكة فوكس بيزنس: "ربما يعيد زيلينسكي النظر في موقفه بعد ما حدث في المكتب البيضاوي، لكنه لا يزال أمامه فرصة لتغيير الأمور." وأكدت أن المواجهة "لا تعني بالضرورة أن الصفقة لا تزال غير قابلة للتنفيذ"، مضيفة أن زيلينسكي "عليه اتخاذ قرارات."

ألمحت بروس إلى أن الإدارة لم تكن مستاءة من مشهد المواجهة في المكتب البيضاوي على الهواء مباشرة، قائلة: "هذا ما صوت له الأمريكيون. لقد شهدوا دبلوماسية مباشرة وصريحة نادرًا ما يرونها... وهذا جزء من جعل أمريكا عظيمة مجددًا."

وقد جاء الاجتماع المتوتر مع زيلينسكي بعد لقاء بين مسؤولين أمريكيين وروس في إسطنبول يوم الخميس لمناقشة استعادة العلاقات الدبلوماسية الكاملة بين البلدين، بما في ذلك إعادة السفير الأمريكي إلى موسكو بعد غياب دام عامين ونصف، وعودة موسكو إلى تمثيل دبلوماسي كامل في الولايات المتحدة.

وكان الاجتماع في إسطنبول، إلى جانب جلسة مماثلة قبل عشرة أيام في السعودية، والمكالمة الأخيرة بين ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين التي تضمنت خططًا للاجتماع وجهًا لوجه، دليلًا على السرعة التي يتحرك بها ترامب لإنهاء الحرب. لكن دبلوماسيين حاليين وسابقين يخشون أن يكون ترامب "يسارع إلى صفقة تصب في مصلحة موسكو أكثر من كييف."

ورغم ذلك، فإن ترامب هو نفسه الذي "طرد 60 دبلوماسيًا روسيًا متهمين بأنهم جواسيس في عام 2018 وأمر بإغلاق قنصلية روسية، في خطوة لمعاقبة بوتين على تسميم جاسوس سابق في بريطانيا، وتقليص قدرة روسيا على التجسس على الأمريكيين وتنفيذ عمليات سرية تهدد الأمن القومي الأمريكي"، وفق بيان للبيت الأبيض حينها.

وقالت سيليست والندر، المسؤولة السابقة في وزارة الدفاع خلال إدارة بايدن: "ما حدث في المكتب البيضاوي اليوم يغير الديناميكية بشكل جذري للدبلوماسية المستقبلية."

وأضافت: "حتى اليوم، بدا أن البيت الأبيض يسعى ليكون وسيطًا محايدًا بين أوكرانيا وروسيا لتحقيق تسوية عادلة للصراع. لكن بعد اليوم، يبدو أن البيت الأبيض قد اختار بالفعل جانبًا، وهو جانب روسيا، لفرض حل."

وأوضحت والندر، التي تعمل حاليًا كزميلة بارزة في مركز الأمن الأمريكي الجديد، أن "تدهور العلاقات مع واشنطن سيزيد من أهمية التزامات الدول الأوروبية تجاه أوكرانيا."

وفي الأسابيع الأخيرة، سعى الأوروبيون إلى "إقناع الولايات المتحدة بدعم فكرة نشر قوات حفظ سلام أوروبية داخل أوكرانيا بعيدًا عن خطوط المواجهة، كإجراء احترازي في حال تم التوصل إلى اتفاق لوقف القتال."

وبموجب هذا الاقتراح، ستوفر الولايات المتحدة "دعمًا عسكريًا إضافيًا لا تستطيع أوروبا توفيره بمفردها، مثل الصواريخ بعيدة المدى والنقل الجوي الثقيل وأنظمة الدفاع الجوي."

وقال أندرو وايس، المتخصص في الشؤون الروسية بمؤسسة كارنيجي للسلام الدولي: "ما سيحدث للدعم الأمريكي أصبح السؤال الأكبر." مضيفًا: "أوروبا لا تمتلك الموارد أو الوحدة اللازمة لتعويض الفجوة... كما أنها تفتقر إلى القدرات الاستخباراتية الحاسمة لحملة أوكرانيا العسكرية."

وأشار وايس إلى أن "وقف إطلاق النار بشروط روسيا بات أكثر احتمالًا الآن، لأن أوكرانيا ستشعر بأن علاقتها مع الولايات المتحدة في أزمة، وبالتالي ستسعى للحصول على أفضل صفقة ممكنة قبل أن تصبح ميزات روسيا أكثر وضوحًا."