"استهداف متعمد".. إدانة دولية لـ إسرائيل بعد هجومها على قوات اليونيفيل في لبنان
واجهت إسرائيل ردود فعل دبلوماسية عنيفة من الدول الغربية بسبب الهجمات التي شنها جيش الاحتلال في الأيام الأخيرة ضد مواقع لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في لبنان، وفقًا لصحيفة آراب ويكلي اللندنية.
وأعلنت بعثة اليونيفيل أن اثنين من جنود حفظ السلام السريلانكيين أصيبوا في ثاني حادث من نوعه خلال يومين.
وزعم الجيش الإسرائيلي أن جنوده ردوا بإطلاق النار على "تهديد مباشر" على بعد نحو 50 مترًا من موقع اليونيفيل.
وتأتي هذه الحادثة بعد يوم من إصابة جنديين إندونيسيين، الخميس، عندما أصابت نيران دبابة برج مراقبة، وفقا لليونيفيل وبينما واجهت إسرائيل سلسلة من الإدانات من جانب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش وحلفائها الغربيين، تعهد الجيش بإجراء "مراجعة شاملة".
وتأتي الهجمات على قوات اليونيفيل على خلفية تدهور العلاقات بين إسرائيل والأمم المتحدة.
وصلت العلاقات إلى أدنى مستوياتها في أوائل أكتوبر الجاري عندما قال وزير الخارجية الإسرائيلي إنه منع الأمين العام للأمم المتحدة من دخول البلاد بسبب فشله في "إدانة لا لبس فيها" للهجوم الصاروخي الضخم الذي شنته إيران على إسرائيل.
وأعرب المحللون عن قلقهم إزاء تجاهل إسرائيل للاعتبارات القانونية والأخلاقية في إدارتها للحرب في لبنان وغزة، مع طمس كل الخطوط الحمراء السابقة وتزايد الخسائر بين المدنيين.
ووجدت قوات حفظ السلام التابعة لليونيفيل نفسها على خط المواجهة في الحرب بين إسرائيل وحزب الله، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 1200 شخص في لبنان، وفقا لأرقام وزارة الصحة اللبنانية.
وقال شون كلانسي رئيس أركان الجيش الأيرلندي إنه لا يصدق تفسير إسرائيل للحادث الذي وقع يوم الجمعة وأوضح كلانسي الذي تشارك بلاده بقوات في قوات اليونيفيل: "من منظور عسكري، هذا ليس عملًا عرضيًا".
وقالت اليونيفيل إن عدة جدران مقاومة للانفجارات "في موقع الأمم المتحدة 1-31، بالقرب من الخط الأزرق في اللبونة، سقطت يوم الجمعة أيضًا عندما ضربت جرافة إسرائيلية محيط الموقع وتحركت دبابات إسرائيلية بالقرب من موقع الأمم المتحدة".
وقالت المنظمة الدولية في بيانها إن "هذه الحوادث تضع قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، التي تخدم في جنوب لبنان بناء على طلب مجلس الأمن بموجب القرار 1701 (2006)، في مخاطر شديدة للغاية".
وفي وقت سابق، قالت وزارة الخارجية اللبنانية إن الجيش الإسرائيلي استهدف "أبراج مراقبة وقاعدة اليونيفيل الرئيسية في الناقورة، وقاعدة الكتيبة السريلانكية، ما أدى إلى سقوط عدد من الجرحى".
وأدان جوتيريش إطلاق النار ووصفه بأنه "لا يطاق" و"انتهاك للقانون الإنساني الدولي"، في حين قالت الحكومة البريطانية إنها "منزعجة" من التقارير التي أفادت بسقوط جرحى.
وصرح الرئيس الأمريكي جو بايدن بأنه يطلب "بشكل قاطع" من إسرائيل التوقف عن إطلاق النار على قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، في حين أصدر الزعماء الفرنسيون والإسبان والإيطاليون بيانا مشتركا أعربوا فيه عن "الغضب".
كما جدد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون دعوته إلى وقف صادرات الأسلحة التي تستخدمها إسرائيل في غزة ولبنان.
استهداف متعمد
قالت فرنسا إنها استدعت السفير الإسرائيلي بعد أن قالت قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في لبنان إن إسرائيل أطلقت النار على مقرها مما أدى إلى إصابة اثنين من الموظفين.
وقالت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان إن "هذه الهجمات تشكل انتهاكات خطيرة للقانون الدولي ويجب أن تتوقف على الفور"، مضيفة أنها تدين "النيران الإسرائيلية المتعمدة" ضد قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل).
وتابعت: "يجب على السلطات الإسرائيلية أن تشرح موقفها. ولذلك، استدعت فرنسا اليوم السفير الإسرائيلي لديها".
وتساهم فرنسا، التي لها وجود عسكري في لبنان منذ عام 1978، بنحو 700 جندي في قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان، وفقا لوزارة الدفاع الفرنسية.
وقالت وزارة الخارجية الفرنسية "إننا نشيد بجميع أفراد اليونيفيل، ووحدتنا الفرنسية وجميع الوحدات، على التزامهم المستمر واحترافهم في ظل هذه الظروف الصعبة".
وأكدت باريس "الحاجة الملحة لوقف الأعمال العدائية والتوصل إلى تسوية دبلوماسية".
وقالت إيطاليا، وهي أحد المساهمين الرئيسيين بقوات في القوة، إن هذه الأفعال "قد تشكل جرائم حرب"، في حين قالت واشنطن إنها "تشعر بقلق عميق".
وتأتي هذه الحوادث بعد أكثر من أسبوعين من بدء الحرب بين إسرائيل وحزب الله المدعوم من إيران في لبنان، والتي شهدت قيام الطائرات الحربية الإسرائيلية بشن ضربات مكثفة منذ 23 سبتمبر على معاقل المسلحين، مما أدى إلى قصف العديد من المناطق المدنية، ونشر قوات برية عبر الحدود.
اندلعت اشتباكات بين قوات إسرائيلية وقوات حزب الله على طول الحدود يوم الجمعة، مع وقوع ضربات جوية إسرائيلية في جنوب وشرق لبنان.
وفشلت حتى الآن الجهود الدبلوماسية للتفاوض على إنهاء القتال في لبنان وغزة، لكن رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي قال إن حكومته ستطلب من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إصدار قرار جديد يدعو إلى "وقف إطلاق النار الكامل والفوري" ودعا زعماء تسع دول أوروبية مطلة على البحر الأبيض المتوسط يوم الجمعة أيضا إلى إنهاء القتال في لبنان وغزة.
وقال ميقاتي إن القوات العسكرية اللبنانية وقوات حفظ السلام فقط هي التي يجب أن تنتشر في جنوب البلاد - وهو جوهر قرار مجلس الأمن رقم 1701 الحالي - و"حزب الله متفق على هذه المسألة".
وقال المبعوث الأمريكي الخاص آموس هوشتاين إن الولايات المتحدة تعمل "دون توقف" من أجل التوصل إلى وقف إطلاق النار.
وقال لقناة "إل بي سي" اللبنانية من واشنطن: "نريد أن ينتهي الصراع برمته".
دعت قوات اليونيفيل، التي تنشر نحو 10 آلاف جندي حفظ سلام في جنوب لبنان، إلى وقف إطلاق النار منذ التصعيد بين إسرائيل وجماعة حزب الله اللبنانية في 23 سبتمبر/أيلول، بعد عام من إطلاق النار عبر الحدود.
دعت منظمة هيومن رايتس ووتش يوم الجمعة إلى إجراء تحقيق من جانب الأمم المتحدة "بشأن الهجمات الإسرائيلية على قوات حفظ السلام" في لبنان.
وقالت لما فقيه من هيومن رايتس ووتش: "إن أي استهداف لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة من قبل القوات الإسرائيلية ينتهك قوانين الحرب ويتدخل بشكل خطير في حماية المدنيين وعمل اليونيفيل الإغاثي".