من طهران إلى الرياض.. بكين تضع عينها على المصالحة الفلسطينية
رجحت مجلة "ذا ستراتيجيست" الأمريكية أن بكين تعمل على تعزيز دورها كوسيط في الشرق الأوسط لتقدم نفسها كلاعب بناء ومسؤول على الساحة العالمية وبعد وساطتها الناجحة في عام 2023 بين إيران والمملكة العربية السعودية لاستعادة علاقاتهما الدبلوماسية المتبادلة، استضافت بكين قادة من الجماعتين الفلسطينيتين المتنافستين فتح وحماس لإجراء محادثات المصالحة في أبريل من هذا العام.
وعلى الرغم من أن المحادثات جرت خلف أبواب مغلقة، إلا أن بكين نجحت في جلب شخصيات رئيسية إلى الطاولة في محاولة لتوحيد القيادة الفلسطينية وتسوية الخلافات.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية لين جيان إن بكين دعت ممثلين عن حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) وترأس الوفدين مسؤولين كبار: عزام الأحمد عن فتح، وموسى أبو مرزوق عن حماس.
وقال لين أيضا إن الاتفاق بين فتح وحماس لتوحيد الجهود والمصالحة السياسية قد فتح فرصا للحوار المستقبلي.
وأعرب متحدث آخر عن دعم بكين لتعزيز السلطة الوطنية الفلسطينية وهدفها تعزيز التضامن من خلال الحوار المستمر.
وكان ترويج بكين لنفسها على أنها تسعى إلى تحقيق السلام الإقليمي دافعًا واضحًا لاستضافة الاجتماع. على سبيل المثال، ساهم تصرفها في إرسال رسالة مفادها تقلص نفوذ الولايات المتحدة. ولا شك أن النجاح مع إيران والمملكة العربية السعودية شجع الصين على اتخاذ هذه الخطوة.
ووفقًا لخبير تابع لجامعة الصين للعلوم السياسية والقانون فإن غالبية المراقبين في الأوساط السياسية الصينية يؤمنون بقوة بضرورة تعزيز الجبهة الفلسطينية وأضاف أن محادثات السلام لا يمكن أن تمضي قدمًا دون تحقيق قدر أكبر من الوحدة الفلسطينية.
وقال ذلك الخبير إن اجتماع أبريل يمكن أن يكون نقطة انطلاق نحو اجتماع بين إسرائيل وفلسطين قد تعقده بكين هذا العام.
وتمكنت الصين من السعي إلى تحقيق الوحدة بين الأحزاب السياسية الفلسطينية لأنها تتمتع بعلاقات جيدة مع جميع هذه الأحزاب تقريبًا، ورؤيتها هي دولة فلسطينية موحدة.
وتحدث خبير في شؤون الشرق الأوسط تابع لمعهد الاتحاد الأوروبي للدراسات الأمنية عن التحديات الخطيرة التي ربما واجهتها بكين في جهودها للمصالحة بين حماس وفتح، وهي تحديات كان من الممكن أن تعرض للخطر الفرص المستقبلية للجمع بين الطرفين. وهذا بدوره كان من شأنه أن يعيق آمال بكين في استضافة حوار إقليمي وإقامة دولة فلسطينية.
وأشار خبير بجامعة كاليفورنيا، بيركلي، إلى كيف دعت بكين إلى قدر أكبر من ضبط النفس باعتبارها عضوا دائما في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة؛ وقد عززت هذا التوجه ببعض المشاركة الدبلوماسية ومن خلال القيام بذلك، عارضت بكين بشكل مباشر قرار واشنطن بتحريك قوات للدفاع عن إسرائيل، ربما تكون هذه التحركات من جانب واشنطن قد أثارت قلق حلفاء الصين الإقليميين للتوافق مع المبادرات الدبلوماسية الصينية بدلًا من المشاركة في تلك التي تقودها الولايات المتحدة.
وفي تحقيق رؤيتها الأوسع لدولة فلسطينية مستقلة، لدى بكين ورقتان أخريان لتلعبهما. ويبلغ حجم التجارة الثنائية مع إسرائيل 22 مليار دولار سنويا.
ومن السابق لأوانه التنبؤ بما إذا كان بإمكان بكين استخدام هذا لدفع تل أبيب إلى إنهاء الحرب. وباعتبارها عضوا دائما في مجلس الأمن، تستطيع الصين أيضا أن تقترح قرارات لتعزيز حقوق الفلسطينيين.
ومع ذلك، في نهاية المطاف، ليس من الواضح ما إذا كانت بكين مستعدة لتخصيص الوقت والجهد اللازمين للتوسط في السلام في المنطقة.