الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

"إذا أصبت بحروق هناك.. فالموت أفضل ما يحدث لك".. مهمة شاقة لطبيب عناية مركزة في غزة

الرئيس نيوز

تشكل النساء والأطفال غالبية ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة، ويشكل الأطفال المصابون بالحروق أصعب الحالات التي ترد إلى الأطباء والأطقم الطبية.

ويقول طبيب رعاية مركزية أمريكي عن تجربة الأيام الأولى في غزة: "حاولت أن أجعل الطفلة الفلسطينية التي تبلغ من العمر 7 أعوام أمامي، والتي تغطي حروقها 40% من جسدها، أن تأكل بعض الفاصوليا التي أحضرتها معي من نيويورك إلى غزة، فمرضى الحروق يحتاجون إلى رعاية شديدة، بما في ذلك اتباع نظام غذائي غني بالبروتين، كما أصيبت والدتها بحروق، وقُتل والدها وشقيقها في الغارة الجوية التي دمرت منزلهم وأصابتها بجروح بالغة".

ووفقًا لرواية الطبيب التي نشرتها مجلة ذا فوروارد، كان مسكن الألم الوحيد الذي يمكن تقديمه للأطفال هو تايلينول وكانت الفتاة الصغيرة تعاني من آلام مبرحة ورفضت تناول الفاصوليا، وبكت، وكل ما أرادته هو بيضة وبطاطا مقلية، وكلاهما من المستحيل العثور عليهما في رفح هذه الأيام وفكر الطبيب في صف شاحنات المساعدات المتوقفة التي مررت بها أثناء توجهي إلى غزة من مصر، وكانت إحداها مملوءة بالبيض.

ويقول: "أنا طبيب عناية مركزة وأمارس العمل في مدينة نيويورك، ولدي أكثر من 20 عامًا من الخبرة في العمل مع مرضى الصدمات في الولايات المتحدة وفي يناير، انضممت إلى منظمة ميدجلوبال، وهي منظمة أمريكية غير حكومية، في مهمة إنسانية مدتها عشرة أيام إلى غزة ولكن التأثير الذي شهدته في غزة كان يفوق القدرة على الفهم تقريبًا، فبعد وفاة أكثر من 100 من سكان غزة أثناء محاولتهم الوصول إلى الغذاء، هل سيتمكن العالم أخيرًا من معالجة المجاعة التي يعانون منها؟

وضم الفريق التطوعي جراح عظام، وجراح تجميل، وطبيب تخدير، وممرضتين وسافر الفريق جوًا إلى القاهرة ومن ثم انضم إلى مبعوث الأمم المتحدة للدخول إلى غزة من مصر واستغرق الأمر 14 ساعة للعبور إلى القطاع وعند معبر رفح الحدودي مرر الفريق بمئات الشاحنات المحملة بالإمدادات والأغذية والمعدات الطبية التي لم تتمكن من الدخول إلى غزة.

وكجزء من جهود الفريق لبناء القدرات الطبية، قام بتوفير الإمدادات الطبية لتجديد المستشفيات والعيادات التي تعاني من نقص كبير في الموارد في غزة ومع ذلك، مُنعوا من إحضار أي مسكنات للألم عن طريق الوريد مثل المورفين، حيث علموا أنه سيتم مصادرته وقد ثبت أن هذا يمثل تحديًا كبيرًا، حيث لا يستطيع المرضى الذين لا يستجيبون أو الذين يستخدمون جهاز التنفس الصناعي تناول الدواء عن طريق الفم.

وما رآه الفريق عند دخول غزة كان فوق الخيال.

وكان الآلاف والآلاف من الأشخاص الذين شردوا بسبب أعمال العنف يعيشون في الخيام ويفاجئ كل من يصل إلى هناك بواقع وجود أكثر من مليون نازح يعيشون على مقربة منهم دون صرف صحي مناسب أو مياه شرب نظيفة.

وكان لدى ميدجلوبال قاعدة دائمة في رفح منذ ما قبل الحرب وبقي الفريق الطبي في منزل يعيش فيه الموظفون المحليون الذين يديرون عيادة المنظمة الأمريكية الطبية، حيث نام أعضاء الفريق على الأرض وكان الجو باردًا جدًا لدرجة أنهم اضطروا لارتداء ثلاث طبقات من الملابس ليلًا ومضاعفة البطاطين لكي يستطيعوا النوم، وكان الأطباء يسمعون انفجار القنابل ويرون الدخان يتصاعد من مكان إقامتهم، وفي الليل، كان طنين الطائرات الإسرائيلية بدون طيار يجعل من المستحيل النوم.

في اليوم الأول، عمل الفريق في مستشفى النجار في رفح، حيث كانوا في قسم الطوارئ، ويقول الطبيب الأمريكي: "لقد رأيت الكثير من الأشياء كطبيب عناية مركزة من قبل، ولكن لا شيء مما رأيته في عزة يشبه خبرتي السابقة، فهناك شاهدت الفوضى بتجلياتها الكاملة، فمن المعروف أن مستشفى النجار في العادة عبارة عن مستشفى للرعاية الأولية، ولم يتم إعدادها للتعامل مع الرعاية الحادة وكان أكثر من مائة شخص مستلقين على الأرض يتوسلون المساعدة ويحاولون الإمساك بنا وكان حجم المرضى هائلًا، ويقول الطبيب: "لقد رأيت العديد من الأشخاص يموتون في الساعات القليلة الأولى من وجودي هناك، بل إن أفضل ما يحدث لمصابي الحروق هو الموت في بعض الحالات".