الإثنين 25 نوفمبر 2024 الموافق 23 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

تبليط أم ترميم.. غلاف هرم منكاورع يثير جدلًا

الرئيس نيوز

أثار مشروع لترميم الهرم الأصغر بين أهرامات الجيزة جدلًا لم يخل من السخرية على منصات التواصل الاجتماعي، بعدما أعلن المجلس الأعلى للآثار خطة لإعادة تغليفه بالجرانيت.

ويبلغ ارتفاع هرم منكاورع، 65 متراً، وهو أصغر الأهرامات الثلاثة الموجودة على هضبة الجيزة، وإلى جانبها، يبرز تمثال أبو الهول والهرم الأكبر خوفو وخفرين (146 متراً)، وهما من مناطق الجذب السياحي.

ويرى المجلس الأعلى الآثار اليوم أن الهرم الذي  بني بين عامي 2540 و2520 قبل الميلاد، بحاجة إلى ترميم. 

وبدأ علماء الآثار المصريون واليابانيون في إعادة بناء الكسوة الخارجية بالجرانيت على الجوانب الأربعة للهرم.  

مشروع القرن

وكان الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار مصطفى وزيري قد نشر على صفحته الرسمية على موقع فيسبوك، الخميس الماضي، مقطعًا قصيرًا يشرح فيه مشروع ترميم هرم منكاورع، ووصفه بأنه مشروع القرن.

وأظهر مقطع الفيديو لقطات لعمال يضعون كتلًا من الجرانيت على قاعدة الهرم، الذي يقع بجانب تمثال أبو الهول وأهرامات خفرع وخوفو الأكبر في الجيزة.

وأعلن وزيري أن بعثة مصرية يابانية مشتركة ستبدأ العمل بالمشروع، مشيرًا إلى أنه سيستغرق ثلاثة أعوام حتى يصبح كما كان عند المصري القديم، وسيكون هدية مصر إلى العالم في القرن الـ21.

وقال إن المشروع عبارة عن إعادة تركيب الكتل الجرانيتية التي كانت تمثل الكساء الخارجي لهرم منكاورع، موضحًا تدرج خطوات العمل بدءًا بدراسة للكتل الحجرية ثم مسح للمساحة ومسح بأشعة الليزر ثم إعادة تركيب الكتل.

ردود فعل غاضبة

تبطين الهرم الثالث، أو تبليط هرم منكاورع، هذا المصطلح الذي انتشر بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي، في إشارة إلى انتقاد المشروع المزمع تنفيذه، لدرجة أن بعض علماء الآثار اعتبروا أنه بلا جدوى.

الدكتورة مونيكا حنا، أستاذ مساعد الآثار والتراث الحضاري، اعتبرت أن مشروع تغليف الهرم الثالث بأحجار الجرانيت ليس له جدوى من الناحية الأثرية، كما أنه من غير المنطقي أن يُعلن البدء في المشروع دون وجود دراسة متخصصة منشورة في أي دورية علمية معتمدة.

وكتبت حنا عبر موقع فيسبوك: مستحيل!، فعلًا ما ينقص ترميم الآثار هو تبليط هرم منكاورع، ألن ينتهي العبث بآثار مصر؟.

وأضافت أن كل المواثيق الدولية في الترميم ترفض هذا التدخل بكل أشكاله، وأتمنى من كل أساتذة الجامعات في الآثار والترميم الوقوف ضد هذا المشروع بشكل فوري.

وانتقد جمهور منصات التواصل الاجتماعي العمل وتنتقد المشروع برمته، وجاء رد فعل البعض ساخراً، كما تساءل أحدهم: متى سيتم التخطيط لمشروع تقويم برج بيزا؟.

يذكر أنه قد كانت هناك محاولات متكررة في الماضي من أجل تقويم برج بيزا المائل في إيطاليا أو على الأقل تثبيته، واليوم، يبلغ انحدار هذا المعلم السياحي أربع درجات، لكن البرج لازال محافظاً على طابعه وميلانه. 

كما طرح آخرون فكرة ساخرة من المشروع المزمع تنفيذه، بدلًا من إعادة تغليف الهرم بالجرانيت، يتم دهانه أو تغطيته بورق الحائط.

وبحسب وزيري، فإن تاريخ سقوط هذه الكتل الحجرية التي كانت تكسو الهرم غير معروف، ولم يبق منها سوى سبع كتل فقط.

وهرم منكاورع هو الوحيد في مصر بين أكثر من 124 هرمًا، الذي تضمن تصميمه كساء خارجيًا من الجرانيت، وفق وزيري.

إعادة الشيء لأصله

وقال وزيري إن إعادة كساء هرم منكاورع هو مشروع إعادة الشيء لأصله، كما كان عليه وقت المصري القديم.

وأشار إلى أنه حتى الآن لم يتم البدء في مشروع ترميم الهرم، وإنما حاليًا يتم إعداد الدراسة اللازمة لتوضيح كيفية العمل على المشروع بشكل علمي ودقيق.

هل يتم تبطين الهرم الثالث؟

وأكد وزيري أن ما يتردد عن تبطين الهرم الثالث أمر تم تناوله بشكل خاطئ، إذ إنه لن يتم استخدام حجارة جديدة، ولكن بعض الدراسات ترى أن الأحجار التي سقطت من الممكن أن تعود لمكانها مرة أخرى، وسيتم دراسة الأمر لمدة عام.

وتابع أن الحديث في الوقت الحالي هو العمل على إعادة بعض الحجارة من جديد إلى أماكنها قدر المستطاع.

وأوضح وزيري أن البعثة اليابانية هي التي ستتكلف قيمة المشروع بالكامل وليس قرضا، وذلك في ضوء اهتمامها بهذا الملف، والدولة المصرية لا تتكلف أي جنيه فيه.

وأشار إلى أنه بعد الانتهاء من الدراسة سيتم عرضها على خبراء مختصين، وفي حال الحصول على الموافقة أنها قابلة للتنفيذ قد يتم العمل عليها.

وقال أستاذ الآثار بجامعة القاهرة خالد غريب، إن الهدف من أي مشروع يجب أن يكون الحفاظ على الأثر وليس تغييره، معربا عن قلقه من أن يؤثر المشروع على هوية الهرم.

وأضاف غريب أنه من الناحية المالية يجب أن تكون الأولوية لمشروعات تطوير منطقة الأهرامات للحفاظ على التراث.

موضع نقاش ساخن

وغالبًا ما تكون قضية الحفاظ على التراث في مصر - التي تستمد 10 بالمائة من ناتجها المحلي الإجمالي من السياحة - موضع نقاش ساخن.

وأدت أعمال التجديد لمناطق بأكملها في المنطقة التاريخية بالقاهرة إلى انتقادات واسعة، بعد هدم عدد من مقابر المشاهير.

وتركز النقاش مؤخرًا على مسجد أبو العباس المرسي الذي يعود تاريخه إلى القرن الخامس عشر في مدينة الإسكندرية، ثاني أكبر مسجد في مصر.

وأعلنت محافظة الإسكندرية إجراء تحقيق بعد أن قرر المقاول المسؤول عن التجديد إعادة طلاء الأسقف المزخرفة والمنحوتة والملونة لأكبر مسجد في المدينة باللون الأبيض، ما حمل إدارة التراث بالمحافظة على تشكيل لجنة مختصة لإعادة سقف مسجد المرسي أبو العباس كما كان على وضعه الأصلي، ومتابعة أعمال الترميم بعد عرض الرسومات التنفيذية، وذلك على خلفية أعمال الترميم الخاطئة التي نفذها مقاول تابع لمديرية الأوقاف لسقف المسجد.

ويعد مسجد أبو العباس المرسي الأضخم في الإسكندرية وتم بناؤه في العام 1775 تخليدًا لذكرى الشيخ الأندلسي الذي دُفن في المكان وسُمّي المسجد باسمه.

وقال هشام سعودي رئيس اللجنة الدائمة للحفاظ على التراث بالمحافظة، إن اللجنة تعمل حاليًا على جمع تصميمات الزخارف القديمة بسقف المسجد، للعمل على إعادتها لسابق عهدها، اعتمادًا على شركات متخصصة في مجال ترميم المباني التراثية.

وأكد سعودي تحويل ملف سقف مسجد المرسي أبو العباس بالكامل إلى الجهات المعنية، لاتخاذ الإجراءات القانونية، ومحاسبة المتسببين، بتهمة تنفيذ أعمال الترميم دون ترخيص، ومخالفة قانون الحفاظ على التراث.

مسجد المرسي أبو العباس بالإسكندرية، لا يدخل ضمن قائمة الآثار الإسلامية، في محافظة الإسكندرية، ولا يخضع لإشراف وزارة الآثار، بل تعود تبعيته إلى وزارة الأوقاف، التي تتولى الإشراف على أعمال متابعته وصيانته وإدارته.