ذا ناشيونال: يجب على العالم التركيز على السد الإثيوبي وسط أزمة ندرة المياه
أشارت صحيفة ذا ناشيونال إلى أن من أبرز تعقيدات الخلاف المستمر منذ سنوات بين القاهرة وأديس أبابا والخرطوم حول سد النهضة الإثيوبي على نهر النيل، هو أن كل الأطراف المعنية لديها مخاوف مشروعة.
وأضافت الصحيفة أن التقارير التي صدرت هذا الأسبوع تفيد بأن الموعد النهائي الذي حدده الرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد في يوليو لحل النزاع قد انتهى دون إحراز تقدم يذكر، مما يجعل إلقاء نظرة فاحصة على هذه القضية أكثر أهمية من أي وقت مضى.
ويبلغ طول السد 1800 متر وارتفاعه 145 مترًا، ويبلغ حجمه الإجمالي 74000 مليون متر مكعب وبالنسبة لإثيوبيا، فإنها تحمل وعدًا بتزويد المزيد من مواطنيها بالكهرباء والمياه النظيفة بالإضافة إلى دعم الزراعة والحد من آثار الجفاف والفيضانات وتعتبر أديس أبابا السد مصدرًا مهمًا للفخر الوطني وتشغيله مسألة تتعلق بالسيادة الوطنية.
ومع ذلك فإن بناء السدود على نهر النيل سيكون له عواقب على جيران إثيوبيا، وبصفة خاصة دولتي المصب، ومصر ـ الدولة التي يزيد عدد سكانها على 100 مليون نسمة ويعتمدون على مياه النهر ـ تشعر بالقلق إزاء أي مشروع من شأنه أن يضع السيطرة على نهر النيل بالكامل في أيدي حكومة دولة أخرى.
وتواجه مصر تحديات بيئية واقتصادية كبيرة، بما في ذلك التهديد الجديد المتمثل في هجمات الحوثيين على البحر الأحمر التي تعرض التجارة الحيوية عبر قناة السويس للخطر. وفقًا لتقرير صادر عن اليونيسف لعام 2021، وتواجه مصر أيضًا عجزًا مائيًا سنويًا يبلغ حوالي سبعة مليارات متر مكعب، وقد تتفاقم مشكلة ندرة المياه في البلاد بحلول عام 2025 وهذه قضايا حاسمة تغذي تمسك القاهرة بالتوصل إلى اتفاق ملزم قانونًا بشأن استخدام سد النهضة.
وتابعت الصحيفة: "إن النزاع حول سد النهضة ليس مجرد قضية إقليمية؛ إنها لمحة سريعة عن كيفية تأثير ندرة المياه على العلاقات الدولية في السنوات المقبلة حيث تتنافس البلدان على السيطرة على هذا المورد الثمين واستخدامه".
ولفتت الصحيفة إلى أن الشعور بالإلحاح حاد للغاية، حيث تتوقع منظمة اليونسكو أنه في أقل من عامين، سيعيش أكثر من 1.8 مليار شخص في بلدان أو مناطق تعاني من ندرة مطلقة في المياه ولذلك، على الرغم من أن هذه الجولة الأخيرة من المحادثات قد انتهت على ما يبدو دون اتفاق، فإنه يتعين على جميع الأطراف مضاعفة جهودهم الدبلوماسية وإظهار تأثير ونفوذ القيادة من خلال التوصل إلى تفاهم منطقي ومقبول بشأن مياه النيل".
ونظرًا للجمود الحالي، فقد يكون هذا هو الوقت المناسب لبذل جهود وساطة أكبر من جانب الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة والهيئات الدولية الأخرى لمساعدة الدول الثلاث على التوصل إلى تسوية مؤقتة.
ويعتبر حل نزاع سد النهضة أمر بالغ الأهمية بشكل خاص بسبب الحرب المستمرة في السودان؛ إن السماح للوضع المدمر بشأن السد بالتفاقم يمكن أن يزيد من زعزعة استقرار بلد يقع بالفعل في قبضة صراع مسلح مدمر.
ولا تعرف تدفقات الأنهار حدودًا وسيحتاج الناس دائمًا إلى الماء وفي عالم يبدو أنه يستعد لمزيد من الصراع حول هذا المورد الواهب للحياة، فقد حان الوقت الآن لرفض المواقف الأحادية المتطرفة وإيجاد أرضية مشتركة يمكن أن تجتمع عليها جميع دول حوض النيل.