اللواء عبد التواب هديب.. جنرال المدفعية الذهبي
فى الثامن من سبتمبر 1968 اتخذ اللواء عبد التواب هديب مدير المدفعية في ذلك الوقت، أحد أعظم قرارات حرب الاستنزاف بتوجيهات من الرئيس جمال عبد الناصر، بتنفيذ قصفة نيران مركزة قوية ضد جميع الأهداف المعادية على طول مواجهة قناة السويس، كانت ملحمة كتب سطورها اللواء هديب ورجال المدفعية بالتخطيط والتحضير الجيد والسرية في التنفيذ.
وخلال دفع بعض الكمائن المصرية لاصطياد الدبابات
والمركبات المدرعة الإسرائيلية فى السادس والعشرين من أكتوبر 1968، ساهمت المدفعية
بقصف شديد لستر أعمال القتال والتى نتج عنها (49) فرداً من العدو ما بين قتيل وجريح .
وفى الثامن من مارس 1969 خطط اللواء هديب لتدمير
الجزء الأكبر من خط بارليف وأذاق الإسرائليين الأمرين بعد قصف شديد إستمر لمدة خمس
ساعات متواصلة أرهق العدو وشتت قوتهم .
بعدها بيوم واحد وبخطواته الواثقة الهادئة كان الفريق
عبد المنعم رياض على الجبهة برفقه اللواء عبد التواب هديب للاطمئنان على الجنود وسير
أعمال القتال مع العدو، قصف العدو الموقع فاستشهد الفريق وأصاب اللواء عبد التواب هديب
بإصابات طفيفة.
جمع اللواء هديب فى قصفه للعدو جميع الخبرات التي
جناها منذ تخرجه من الكلية الحربية برتبة الملازم ثانى فى 1/2/1939 وإنضمامه إلى سلاح
المدفعية، كان دفعة وصديق عبد الناصر ورفيق دربه في حركة الضباط الأحرار، وأحد من كان
له دور باز فى ثورة 23 يوليو حيث أوكل إليه منع تدخل القوات البريطانية المتمركزة فى
منطقة قناة السويس فى الأحداث .
ملامح وجهه تعكس صبرا وجلدا وحبا لوطنه، ولا عجب
فقد ولد لعائلة مرموقة بمحافظة بنى سويف، وظهرت تلك السمات جليا فى حرب فلسطين حيث
كان رئيس عمليات كتيبة مدفعية، فصمد مع رجاله أكثر من عام فى حصار اليهود للقوات المصرية
بقرية الفلوجا .
تم إيفاده لبعثة إلى الإتحاد السوفيتي وإلتحق بكلية
أركان حرب عام 1953 كما سافر الى بعثة تدريبية بدولة اليونان عام 1954، وإلتحق بأكاديمية
ناصر العسكرية العليا.
كان ممن كتب عليهم القدر أن يكونوا رجال يوجهون
دفة التاريخ، ويصدون عن وطنهم الغزاة والطامعين، حيث اندلع العدوان الثلاثي وهو في
قلب الأحداث وكان له مواقف بطولية في التصدي للقوات المعتدية، حيث شغل منصب قائد مدفعية
الفرقة الرابعة المدرعة فى تلك الفترة العصيبة، ثم قائداً لمدفعية المنطقة الشرقية،
فملحقاً عسكرياً فى بريطانيا والعراق ثم عاد إلى مصر فى نهاية 1966 وتم تعيينة رئيس
أركان المنطقة الشرقية .
ولكفاءته وخبراته شاءت الأقدار أن يتم اختياره مدير
لسلاح المدفعية عام 1968 فى فترة حالكة من تاريخ مصر، وألقى على عاتقة مسئولية إعادة
البناء لسلاح المدفعية وأيضاً مسئولية إعادة بناء التسليح بالقوات المسلحة حيث كانت
هيئة التسليح للقوات المسلحة تتبع إدارة المدفعية.
عُين محافظاً لبورسعيد فى الفترة من 1971 حتى
1974 وكان يرتدى الزي العسكري حتى انتهاء معركة أكتوبر المجيدة وكان أهل بورسعيد يطلقون
عليه ( الفارس المصري الأصيل ) ثم تم تكليفه ليصبح محافظاً للإسكندرية فى الفترة من
1974 حتى 1978، ولكن تشاء الأقدار أن يختاره الموت وكأنه لا يختار إلا العظماء من الرجال
حيث توفى اللواء عبد التواب هديب في عام 2003 بعد مسيرة عطاء طويلة فى خدمة القوات
المسلحة والوطن منذ مولده فى 3 يناير 1917 بالشناوية مركز ناصر بمحافظة بنى سويف.