الخميس 19 سبتمبر 2024 الموافق 16 ربيع الأول 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

أكاديميون ألمان: هل تحول الإخوان في أوروبا لورقة سياسية ضد دول المنطقة؟

الرئيس نيوز

أشارت ورقة بحثية نشرها موقع المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ECCI إلى أن الثابت تاريخيًا من وثائق سرية هو أن بريطانيا استغلت اسم الإخوان في حربها السرية ضد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وفي معاركها ضد كل من سوكارنو، وماو تسي دونج، وما أشبه الليلة بالبارحة، فلا يزال التنظيم يتلقى الكثير من الدعم والإعانات من الحكومات والمؤسسات الأوروبية الرسمية بشكل مباشر أو غير مباشر وتتعدد الأسباب وراء دعم الغرب لتنظيم الإخوان كاستغلال أجهزة الاستخبارات تأثير الجماعة المتطرفة كورقة ضغط أو ورقة سياسية في الشرق الأوسط لشن حروب دعائية ونشر معلومات مضللة عن العديد من دول المنطقة أو كجهة للحصول على معلومات وبيانات عن تلك الدول من أجل تحقيق مكاسب سياسية إقليمية.

علاقات وثيقة مع المؤسسات الأوروبية
وكشف نظام الشفافية المالية لدى المفوضية الأوروبية، أن الجمعيات التابعة لتنظيم الإخوان الإرهابي أو تلك التي تدور في فلكهم من قريب، قد خصص لها أكثر من (52) مليون يورو من الأموال العامة بشكل مباشر أو غير مباشر بين عامي 2007 و2020 وتلقت ما يقرب من (80) مليون يورو على شكل تمويل من الحكومات الأوروبية خلال العقد الماضي، في شكل تبرعات مُنحت لجماعات ذات صلات بتنظيم الإخوان من قبل الاتحاد الأوروبي ومجلس أوروبا ومختلف الحكومات الوطنية منذ عام 2004.

وتعتقد “فلورنس بيرجود” الأكاديمية الفرنسية الحاصلة على الدكتوراه في الأنثروبولوجيا، أن “المنظمات التي تعتنق مبادئ الإسلام السياسي نجحت في الوصول لكافة الفئات العمرية في دول أوروبا"، مؤكدة أنها تعمل بطريقة مهيكلة وماضية في سبيل تحقيق أهدافها الكبرى. وأضافت أن هذه الهيئات توغلت بعمق داخل مؤسسات الاتحاد الأوروبي وهيئاته وحتى مختلف الدول الأوروبية، وباتت تظهر على شكل منظمات مناهضة للعنصرية والإسلاموفوبيا”.

بريطانيا ملاذ آمن 
ترتبط بريطانيا وتنظيم الإخوان بعلاقات وثيقة، لا سيما وأن الموقف البريطاني كان داعمًا للإخوان ومطالبا بإشراكهم في العملية السياسية في دول المنطقة والشرق الأوسط. 

واستغلت بريطانيا تأثير التنظيم في الشرق الأوسط لشن حروب نفسية ودعائية سرية على العديد من الدول وكانت أجهزة الاستخبارات البريطانية تنشر منشورات باسم تنظيم الإخوان من نقاط توزيع مختلفة شملت دولا عربية في أفريقيا وآسيا.

وشكلت بريطانيا ومازالت ملاذًا آمنًا للعديد من قيادات التنظيم العالمي الموجودين على الأراضي البريطانية، وبعضهم يحمل الجنسية البريطانية، مما يعني امتداد حصانة القوانين البريطانية إليه وتمتعهم بحرية التعبير والرأي هناك ونسب التقرير إلى “جيمس موران” المسؤول في الاتحاد الأوروبي قوله "لا يوجد مبرر لإدراج تنظيم الإخوان على لائحة المنظمات الإرهابية في أوروبا ولا يوجد أيضًا ما يبرر إغلاق مكاتبه في دول الاتحاد الأوروبي”.

المكاسب السياسية
وتنامى التعاون بين تنظيم الإخوان وبعض أجهزة الاستخبارات خلال عام 2021 من خلال بث المعلومات التي يتم جمعها، عبر القنوات الفضائية التابعة للإخوان لتحقيق خطة لإحداث اضطرابات سياسية داخل دول المنطقة عبر مراحل الإرباك والإنهاء والحسم كما تورطت دول أوروبية في دعم قيادات الإخوان وحثهم على تحريض الكونجرس على قطع المساعدات الأمريكية عن بعض الدول بهدف تحقيق سياسات إقليمية معينة، انطلاقًا من واشنطن.

ويرى “لورنزو فيدينو” مدير برنامج البحث حول التطرف في جامعة جورج واشنطن أنه ليست المشكلة في المبالغ الممنوحة من قبل أوروبا للإخوان فهم لا يحتاجون إليها أصلا، بل المشكلة هي اعتراف المؤسسات الضمني الكامن وراء هذه المخصصات المالية.

ويتساءل “هل الإخوان يعملون كجماعة ضغط في بروكسل؟ مشيرًا إلى أن عبارة “جماعة ضغط” توحي بشيء قوي ومنظم للغاية، وهذا ليس هو الحال في الواقع”. وهل تعد التدابير الحكومية لمحاربة التطرف جهودًا جادة؟

وتلجأ الحكومات الأوروبية غالبا إلى الجمعيات والمنظمات من أجل برامج التوعية، مما يؤدي إلى إنفاق عام حسن النية يجد طريقه في نهاية المطاف إلى تنظيم الإخوان وفروعه ولا سيما إن هناك فروعًا للإخوان في كل دولة أوروبية ونتيجة لذلك، يمكن للمال العام الذي يهدف إلى تعزيز الاندماج أو منع التطرف أن يجد طريقه إلى تنظيم الإخوان.

وبالتزامن مع مطالبات للجهات الفاعلة العامة الأوروبية التوقف عن تقديم التمويل لمنظمات الإخوان.

وأشارت وزارة الدفاع السويدية إلى أن تنظيم الإخوان لديه علاقات بتنظيمات إسلاموية متفرقة وبأنها تعمل على إنشاء ما وصف بالمجتمع الموازي في السويد لكن ترى تنظيم الإخوان إن علاقتها بالتطرف تفتقد للمصداقية لأنها ليست مبنية على حقائق علمية. 

وتستمر بعض الدول الأوروبية في احتواء ودعم تنظيم الإخوان وعدم اتخاذ تدابير وإجراءات فعالة ضده لعدة أسباب أهمها عامل الاستفادة منهم في منظومة جمع المعلومات، سواء داخل البلدان الغربية أو العربية أو الإسلامية ويساعد في ذلك عدم وجود أدلة قد تدعم حظر التنظيم وإغلاق مكاتبه في دول الاتحاد الأوروبي وتحتاج أوروبا تنظيم الإخوان، وتخشي أن يكون تصنيفهم وحظر أنشطتهم قد يكون مبرر لالتحاق عناصرهم بمنظمات متطرفة وعنيفة.

التحالفات مع أحزاب سياسية
وقد حقق تنظيم الإخوان الإرهابي وفروعه نجاحا ملحوظًا جزئيا في أوروبا من خلال تشكيل تحالف مع اليسار السياسي في إيطاليا وفي ألمانيا ويبتعد الإخوان عن الأجواء السياسية لكنهم يسعون لتعزيز العلاقات بالجهات السياسية الألمانية المختلفة، ومع أصحاب القرار في ألمانيا، بهدف توسيع نفوذهم ويحاول التنظيم التقارب من الأحزاب والشخصيات السياسية وتعزيز حضوره في الجاليات الإسلامية الأوروبية من خلال المشروعات الاقتصادية والاجتماعية لصالح التنظيم الدولي.

وظهرت خطة إعادة بناء التنظيم الدولي للإخوان في أوروبا والولايات المتحدة عبر إنشاء مراكز حقوقية ومؤسسات تختص بقضايا الحريات شديدة النخبوية عبر قيادات شابة واعتمدوا في هذا النهج على شبكات العلاقات العامة والاتصالات مع الجهات الغربية وتعكس خطة إعادة بناء الإخوان في الغرب المخاوف من المُضي قدما في مسار تقويض نفوذ التنظيم في المجتمعات الأوروبية، حيث تتخذ غالبية الدول إجراءات صارمة ضد أنشطة الإسلام السياسي التي تتعارض مع معايير وقيم النظم الديمقراطية. 

مخاطر مستقبلية 
وذكر التقييم الأمني الذي جرى تقديمه للبرلمان أن تنظيم الإخوان تعمل من خلال هيكل سري، وغطاء علني من المنظمات، وتملك تأثيرا محدودا لكنه متناميا في هولندا. كشفت الاستخبارات الألمانية في ولاية شمال الراين وستفاليا أكبر ولاية بألمانيا عن تزايد عدد قيادات الإخوان في ألمانيا، لتصل إلى (350) في بداية العام الحالي 2022 ويمتلك الإخوان مواقع الكترونية وظهورا متزايدا على وسائل التواصل الاجتماعي باللغة الألمانية.

لم يتم تصنيف الإخوان كجماعة متطرفة في فرنسا وأوروبا، إلا أن ما يتردد في الكواليس يوحي بتفكير جدي في اتخاذ هذه الخطوة على المستوى الأوروبي ولا تخفي فرنسا انزعاجها من أنشطة الإخوان فوق أراضيها فيما بدت تصريحات وزير الداخلية الفرنسي تحذيرا للولايات المتحدة الأمريكية من هذا الخطر المستقبلي الذي يتغاضى عنه الأمريكيون ويسمحون لجمعياته وأنشطته بحرية الحركة في مايو 2023.

وتعرفت الإدارة العامة للأمن الداخلي الفرنسية على حوالي (20 ) صندوق هبات خاص اعتبرت أنها تقوم بنشاطات تمويل مشبوهة، وأطلق وزير الداخلية “جيرالد دارمانا” التحقيق على نطاق واسع حول هذه الصناديق منذ العام 2021، بعد صدور قانون مكافحة الانفصالية الذي ينص على احترام مبادئ الجمهورية.

وكشفت التسريبات الخاصة بالتحقيق أن هذه الصناديق أنشأت منذ عام 2008 لجمع تمويلات خاصة نظرًا لأن صناديق الهبات لم تكن موضع رقابة دقيقة من السلطات، واستغل الإسلام السياسي هذه الصناديق لتمويل نشاطاته المختلفة بعيدا عن الأضواء وعبر آلية معقدة يصعب تعقبها.

وينتقد الإخوان التقارير الرسمية الأوروبية التي تشير إلى أن الانتماء إلى الجماعة أو الارتباط بها “مؤشر محتمل على التطرف” ويرى التنظيم أن التقارير تمثل رغبة سياسية مبيتة ضد الجماعة وأن تلك المواقف من الإخوان يُفهم في إطار “حملات التحريض” التي تقودها دول وأنظمة ضد الجماعة، وهي مزاعم يشتهرون بترديدها.