مباردة مصرية لمبادلة الديون.. هل تدفع للاستغناء عن الاقتراض؟
طرحت مصر خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، مبادرة مبادلة الديون إلى مشروعات إنتاجية مشتركة، في ظل الأزمة الاقتصادية التي تولدت عن جائحة كورنا، وتفاقمت من خلال التوتر الجيوسياسي ومرتبط بالحرب الروسية الأوكرانية، التي تزيد من الأعباء الملقاة على عاتق الدول النامية.
واعتبر وزير الخارجية سامح شكري، أن مبادرة مبادلة الديون تعد طلبا تشترك فيه مصر مع الدول النامية ومجموعة الـ77 والصين، خاصة وأن الحكومة المصرية تنفق ما يقرب من نصف إيراداتها على مدفوعات الفائدة.
مخاطر الركود
وقال شكري إن العالم يواجه مخاطر الركود وهذه أفكار قد تؤدي إلى تحريك الاقتصاد العالمي ورفع العبء عن الدول النامية التي تحملت ديون، لكن دون أن تكون تلك الديون مفقودة للدول الدائنة، إنما توظف في مشروعات يتم تحريك عجلة الاقتصاد الوطني والدولي من خلالها.
وأضاف أن اندلاع الأزمة الروسية الأوكرانية، فاقم الأزمة الاقتصادية التي يعانيها العالم، منوهًا إلى أن استمرار الآثار السلبية لجائحة كورونا، والتطورات الجيوسياسية المتلاحقة، تزيد من الأعباء الملقاة على عاتق الدول النامية.
الدول النامية
وتابع شكري أن الآثار السلبية تزيد من الأعباء الملقاة على عاتق الدول النامية، لاسيما ما يتعلق بالديون السيادية وتفاقم العجز في الموازنات العامة.
وشدد على أهمية تجاوب الدول المتقدمة مع مطلب إطلاق مبادرة عالمية بين الدول الدائنة والمدينة، تهدف إلى مبادلة الديون، وتحويل الجزء الأكبر منها إلى مشروعات استثمارية مشتركة، تخلق المزيد من فرص العمل وتسهم في تحقيق نمو إيجابي للاقتصاد.
وأشار وزير الخارجية إلى أن الافتئات على عمل المنظمة الأممية، لا يقتصر على العمل خارج إطارها، بل يمتد لاعتماد معايير مزدوجة في التعامل مع الأزمات المتشابهة.
ولفت إلى أن ما يتم تقبله في أزمة ما، يعتبر مرفوضا في أزمة أخرى، وهكذا أصبح القصور ليس في المنظومة الأممية نفسها وإنما إرادة أطراف تلك المنظومة.
وشدد شكري على أهمية أن تتم عملية تجديد وإصلاح الأمم المتحدة بجدية وموضوعية وإنصاف، حتى تصبح الأمم المتحدة أكثر قدرة على التجاوب مع التحديات التي نواجهها، وأكثر مرونة في تلبية مطالب واحتياجات الشعوب، مؤكدًا تمسك مصر بالموقف الإفريقي من إصلاح مجلس الأمن.
الاستغناء عن الاقتراض
وعقّب أيمن زين الدين سفير مصر في إسبانيا سابقًا، على مبادرة وزير الخارجية سامح شكري لتخفيف الديون عن الدول النامية.
وقال زين الدين: من حسن حظى إن كنت في مقعد أمامي في مفاوضات مصر لتخفيض ديونها عام 1991، وأستطيع أن أقول -وأعتقد أن أغلب من شهدوا هذا الأمر يعرفون ذلك- أن فرص مصر في تحقيق أي شيء في هذا الصدد تتطلب شروطًا لا تتحقق من مثل هذا المبادرات.
وأضاف أن مصر تحتاج أن يكون لديها قصة ذات أهمية استراتيجية كبيرة تجعلها تستحق معاملة خاصة واستثنائية، ذلك أن الدول الغنية، حين تتحرك لتخفيض الديون، فإنها عادة ما تقصر ذلك على الدول الأكثر فقرًا واحتياجًا والأثقل مديونية، وهى فئة لا تشمل مصر بأي حال من الأحوال.
وتابع أنه لن يفيد مصر التحرك ضمن مجموعة كبيرة من الدول المدينة، لأن النتيجة ستكون رفع تكلفة أي برنامج دولي لتخفيض الديون، وبالتالي زيادة تردد الدول المتقدمة في التجاوب مع الفكرة من أساسها.
وأكمل أن الجانب الأكبر من مديونية مصر الخارجية اليوم مستحق لمؤسسات خاصة أو مؤسسات تمويل دولية، وهى ما لا تستطيع حكومات الدول الغنية دفعها لتخفيض الديون المستحقة لها.
وختم زين الدين بالقول إن أي خطوة لتخفيض الديون المستحقة على دولة ما تعقبها فترة ممتدة تلاقى فيها صعوبات بالغة في الاقتراض مجددًا، وبالتالي لا يجوز اتخاذ مثل هذه الخطوة إلا في حالة الاستعداد للاستغناء بشكل شبه كامل عن الاقتراض، سواء بالتوجه نحو التقشف الشديد في الإنفاق والاستيراد، أو في ظل زيادة مضطردة في الاستثمارات الخارجية تعوض النقص في موارد النقد الأجنبي.