توقعات بعهد جديد في السياسة الخارجية الجريئة مع تولي محمد بن زايد رئاسة الامارات
منذ الإعلان عن انتخاب الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيسًا للإمارات، سلطت وسائل الإعلام الأمريكية والغربية الضوء على العديد من التكهنات حول مسار السياسة الخارجية للإمارات في السنوات المقبلة.
وتوقعت مجلة سبكتاتور البريطانية، أن يستمر التحالف الإماراتي السعودي بشكل وثيق، كما برزت الإمارات العربية المتحدة كقائد للشرق الأوسط المعاد تشكيله منذ توقيع أبو ظبي اتفاقات إبراهام مع إسرائيل برعاية الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
وتلعب الإمارات دورًا بارزًا في تكوين والترتيبات الإقليمية منذ انصرف انتباه ومشاركة الولايات المتحدة عن قضايا المنطقة العربية والشرق الأوسط الأوسع وتحديدًا منذ الانسحاب المخزي للقوات الأمريكية من أفغانستان والسماح لطالبان بالاستيلاء على السلطة، وأقامت الإمارات علاقات مع إسرائيل وانضمت إلى حرب ضد المتشددين المدعومين من إيران في اليمن.
وبعد أن أعلنت الإمارات وفاة الشيخ خليفة، 73 عاما، قال الرئيس الأمريكي جو بايدن، إن الشيخ خليفة كان "شريكًا حقيقيًا وصديقًا للولايات المتحدة"، مضيفًا أن الولايات المتحدة "ستحترم ذكراه من خلال الاستمرار في تعزيز" العلاقات مع الإمارات العربية المتحدة.
كما صرح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بأن الشيخ خليفة "بذل الكثير لتعزيز العلاقات الودية والتعاون البناء مع روسيا"، مضيفًا أن الرئيس الراحل سيبقى في الأذهان وأشاد بـ"التقدم الملحوظ" الذي حققته الإمارات خلال فترة حكمه.
وقال رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشي، إنه شعر بالحزن فور علمه بوفاة الشيخ خليفة، وقدم الاتحاد الأوروبي تعازيه للقيادة والشعب الإماراتيين.
وقالت الملكة اليزابيث الثانية في برقية تعزية للشيخ محمد بن زايد: “لقد كرس أخاك الكريم حياته لخدمة شعب الإمارات العربية المتحدة وعلاقته بحلفائه وأصدقائه، وسيبقى في الأذهان طويلًا من قبل جميع الذين يعملون من أجل الاستقرار الإقليمي، والتفاهم بين الأمم وبين الأديان".
وقدم رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت "خالص تعازيه لحكومة الإمارات وشعبها"، كما عبر الأردن عن "أعمق تعازي الملك عبد الله وشعب الأردن في وقوفهم إلى جانب شعب الإمارات في هذه الأوقات الصعبة"، كما قال الرئيس عبد الفتاح السيسي إن الشيخ خليفة "صديق مخلص في كل الظروف والأحوال".
ولفتت وكالة رويترز، في تقرير مطول أن انتخاب الشيخ محمد خلفًا للرئيس الإماراتي الراحل يساعد في تدشين عهد جديد للسياسة الخارجية الإماراتية، وترسيخ حكمه على رأس السلطة في الإمارات، عضو منظمة أوبك واللاعب الإقليمي الرئيسي، فقد أصبح رئيسًا في وقت توترت فيه العلاقات القائمة منذ فترة طويلة بين الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة بسبب انصراف الولايات المتحدة من المخاوف الأمنية لحلفائها الخليجيين، وفي الوقت الذي تسعى فيه الدول الغربية إلى الحصول على دعم من المنطقة للمساعدة في عزل روسيا بسبب الصراع في أوكرانيا.
وأضافت رويترز، أن الشيخ محمد بن زايد، 61 عامًا، يتمتع بالسلطة من وراء الكواليس منذ سنوات وقاد عملية إعادة تنظيم للشرق الأوسط خلقت محورًا جديدًا مناهضًا لإيران مع إسرائيل، كما عملت الإمارات، وهي مركز للتجارة والسياحة، على تعميق العلاقات مع روسيا والصين في وقت تآكل فيه نفوذ واشنطن ونشبت بينها خلافات مع كل من أبو ظبي والرياض بسبب ملف حرب اليمن وشروط مبيعات الأسلحة، وعدم رضاء الإمارات والسعودية عن غض الطرف عن مصالحهما أثناء المفاوضات الجارية بين إيران والولايات المتحدة بشأن إحياء الاتفاق النووي.
وذكرت كريستين ديوان، الباحثة المقيمة بمعهد دول الخليج العربية بواشنطن: "لم يحدد محمد بن زايد المسار المستقبلي للإمارات فحسب، بل حدد مسار بلاده على صعيد علاقاتها بدول الخليج ومنهجه الواضح في بناء الدولة وإبراز القوة، ومع ذلك فإن الاتجاه المستقبلي تحت قيادته محدد وينعكس في تبني قادة الخليج الآخرين التنويع الاقتصادي الذي تقوده الدولة والموجه عالمياً".
النفط وراء الأهمية الاستثنائية
اتخذت إدارة بايدن عدة خطوات من أجل إصلاح العلاقات مع المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، نظرا لأهميتهما في إدارة وتوجيه أسواق النفط، ورفض كلاهما الانحياز لأي طرف في الصراع الروسي الأوكراني ورفضا الدعوات الغربية لضخ مزيد من النفط للمساعدة في ترويض أسعار الخام.
وقال الرئيس جو بايدن في بيان أمس السبت، إنه يتطلع إلى العمل مع الشيخ محمد "للبناء على هذا الأساس غير العادي لزيادة تعزيز الروابط بين بلدينا وشعوبنا".
وأكدت السكرتيرة الصحفية كيرستن ألين، إن نائبة الرئيس كامالا هاريس ستترأس وفدا أمريكيا لزيارة الإمارات يوم الاثنين لتقديم التعازي في وفاة خليفة وستلتقي الشيخ بن زايد.
وذكر الخبير في السياسة الإماراتية الدكتور عبد الخالق عبد الله لرويترز، إن بن زايد كرئيس لن يقود الإمارات للانفصال عن الولايات المتحدة أو شركاء غربيين آخرين رغم أنه سينوع شركاء البلاد الدوليين، ولفت إلى ابتعاد بن زايد عن السياسة الخارجية المتشددة والمغامرة العسكرية، التي دفعت الإمارات إلى الدخول في صراعات من اليمن إلى ليبيا، للتركيز على الأولويات الاقتصادية وقد أدى ذلك إلى تعامل الإمارات مع خصميها إيران وتركيا بعد سنوات من العداء، وكذلك مع الرئيس السوري.
وقال جيمس سوانستون الخبير بشركة كابيتال إيكونوميكس: "سيحتاج محمد بن زايد إلى اتخاذ مزيد من الخطوات لتعزيز مكانة الإمارات كمركز مالي ولوجستي وتجاري رائد في المنطقة"، في إشارة إلى مسعى دول الخليج لتنويع الاقتصاد وسط تقلبات أسواق الطاقة العالمية، ومن المتوقع أن يقود بن زايد انتقال اقتصاد بلاده بعيدًا عن الهيدروكربونات.