الخميس 09 يناير 2025 الموافق 09 رجب 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

بعد حرب أوكرانيا.. "الأمن الغذائي" يعيد صياغة سيادة الدول

الرئيس نيوز

بداية من البلدان الأكثر ثراءً إلى أفقرها، لا يزال ارتفاع أسعار المواد الغذائية سببًا للكثير من الأزمات، لا سيما في أعقاب جائحة كوفيد-19، والتعافي البطيء في أعقابها، وبعد مرور عامين على هذا الوباء والبلاء، وما كاد العالم يتصالح مع آثاره الاقتصادية المدمرة، اندلع الصراع الروسي الأوكراني.

وقالت صحيفة دايلي إكسبريس تربيون الدولية إن الأحداث المتلاحقة في شرق أوروبا أوجدت العديد من التحديات للأمن الغذائي العالمي، حيث تلعب روسيا وأوكرانيا دورًا بارزًا في إنتاج الغذاء وإمداداته على الصعيد الدولي ويوفران معًا 19 % من الشعير في العالم، و14 % من القمح  و4 % من الذرة، مما يجعل تلك الكميات بالإجمالي التراكمي تزيد عن ثلث صادرات الحبوب العالمية وعلاوة على ذلك، فهي تمثل أكثر من 52% من سوق تصدير زيت عباد الشمس في العالم وهي المصدر الرئيسي للأسمدة العالمية.

تخلق المواجهة الحالية بين روسيا وأوكرانيا موجات من الصدمة تتمثل في شبكة الغذاء اللوجيستي دون استثناء لأي بلد واللافت هو أن بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا - إحدى أكثر مناطق العالم التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي – كانت على غير موعد مع الصدمة بسبب من ثلاثة عوامل: الصراع وتغير المناخ وفيروس كورونا.

فمنذ بداية الصراع، توقفت الواردات من موانئ البحر الأسود مما تسبب في ضائقة شديدة في العديد من بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي تعتمد بشكل كبير على القمح من روسيا وأوكرانيا على سبيل المثال، يستورد لبنان أكثر من 50% من قمحه من روسيا وتم تدمير صوامع الحبوب في البلاد خلال انفجار بيروت في عام 2020، وحالياً يمكن للبنية التحتية الحالية أن تحتوي على إمدادات قد تكفي لشهر واحد فقط من القمح.

منذ الحرب العالمية الثانية، كانت دول الخليج تدرك بشكل مؤلم اعتمادها على استيراد الغذاء وبالنسبة للغرب، يستخدم النفط منذ فترة طويلة كسلاح من قبل دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وبطريقة مماثلة، تركت المواد الغذائية بوابة لخوف كبير في العالم العربي لأنه لبعض الوقت، تم استخدام الغذاء لتحقيق أهداف جيوسياسية على سبيل المثال، كان لحظر الحبوب في عام 1980 ضد الاتحاد السوفيتي تداعيات على دول الشرق الأوسط في شكل انخفاض توافر المعونة الغذائية وسباق الفئران الذي يدور حول الدبلوماسية الدولية والمفاوضات حول كميات إنتاج النفط.

وبحسب منظمة الأغذية والزراعة، سجلت تكلفة سلة الغذاء الأساسية زيادة سنوية بنسبة 351 في المائة في لبنان، تليها سوريا بنسبة 97 في المائة واليمن بنسبة 81 في المائة، ولكن برنامج الغذاء العالمي (WFG) اضطر بالفعل إلى خفض حصصه الغذائية في سوريا واليمن ولكن المزيد من التخفيضات تنطوي على مخاطرة دفع السكان نحو المجاعة.

كما ولدت الحرب مخاوف من أن الكثير من المساعدات الدولية، والتي تعتبر ضرورية لدعم الحياة بالنسبة للكثيرين في العالم العربي، سيتم تحويلها إلى أوكرانيا حيث يوجد أكثر من 3.7 مليون لاجئ بسبب الحرب وتهدد هذه الحقيقة بتقويض ميزانيات الأسرة والحكومة على حدٍ سواء وتزيد من احتمالات اندلاع احتجاجات شعبية جماهيرية.

في ظل أزمة سلسلة الإمداد الغذائي العالمية، يجب بذل جهود مكرسة لتأمين أنشطة الإنتاج والتسويق والحفاظ عليها لضمان عدم وجود عائق في سلاسل التوريد العالمية وهذا بدوره سيوفر غطاءًا أمنيًا لجميع الأنظمة اللوجستية والبنية التحتية المترابطة على مستوى العالم علاوة على ذلك، قبل اتخاذ أي خطوات لتأمين الإمدادات الغذائية المحلية، يجب أن تدرك الحكومات الآثار التي ستحدثها مثل هذه الإجراءات على الأسواق الدولية وبالتوازي مع هذا، يجب أن يكون هناك قدر أكبر من الشفافية والمعلومات حول ظروف السوق العالمية حتى يمكن اتخاذ قرارات مستنيرة.

وأضافت الصحيفة: "باختصار، عندما يصبح الطعام، وهو حق أساسي ويجب أن يكون في المتناول، بعيد المنال، فإنه سيدفع أي بلد نحو الاضطرابات وغني عن القول أنه من خلال تأثير الدومينو، ستتسرب الموجة في النهاية إلى كل ركن من أركان العالم، والتاريخ مليء بالأمثلة على أن الحرب التي طال أمدها لا يخرج أي طرف منها منتصرًا.