شراكة عسكرية وصفقات أسلحة.. قلق عالمي من تنامي التحالف المصري الفرنسي
في 21 نوفمبر الماضي، قامت المنظمة الفرنسية غير الحكومية "دسكلوز" بتسريب مجموعة من الوثائق الاستخبارية والعسكرية الفرنسية السرية، والتي كشفت عن تحالف واسع بين الدولة الفرنسية والحكومة المصرية.
ووفقًا لمؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، يقوم التحالف بين الدولة الفرنسية والحكومة المصرية على مجموعة معقدة من المصالح المالية وأهداف السياسة الخارجية الموازية والصلات الأيديولوجية، وعلى وجه الخصوص، تشمل هذه المصالح المالية المشتركة صفقات أسلحة ضخمة بين القاهرة وباريس، فبين عامي 2016 و 2020، زادت صادرات الأسلحة الفرنسية بنسبة 44 في المائة مقارنة بالفترة 2011-2015، حيث حصلت مصر على 20 في المائة من صادرات الأسلحة الفرنسية - مما يجعلها ثاني أكبر عميل للأسلحة الفرنسية بعد الهند، كانت أكثر عمليات الشراء تكلفة حتى الآن هي طائرات رافال الفرنسية، التي تم شراؤها في صفقتين كبيرتين للأسلحة في عامي 2015 و2021، بقيمة 5.2 مليار يورو و 4.5 مليار يورو على التوالي.
وتجدر الإشارة أيضًا إلى هيكل صفقات الأسلحة حيث يتم تمويل بعض أكبر عمليات نقل الأسلحة من خلال قروض فرنسية، بما في ذلك قرض بقيمة 3.2 مليار يورو في عام 2015، فضلاً عن قرض لم يتم الكشف عنه لتمويل آخر صفقة بقيمة 4.5 مليار يورو في عام 2021 ولا يقتصر هذا النمط من التمويل على صفقات الأسلحة، حيث استثمرت فرنسا 4.6 مليار يورو في مشاريع البنية التحتية للحكومة المصرية، تم التوقيع على صفقة مهمة في 14 يونيو وتشمل 800 مليون يورو في شكل قروض حكومية، و1 مليار من الوكالة الفرنسية للتنمية - و2 مليار يورو في شكل قروض بنكية بضمان الدولة الفرنسية، سيتم تنفيذ المشاريع من قبل شركات فرنسية.
وتمتلك فرنسا ومصر أهدافًا متشابهة في السياسة الخارجية، وعلى وجه الخصوص في ليبيا، قدم الطرفان الدعم للجيش الوطني الليبي في جهوده لضرب بؤر الإرهاب والتكفيريين في الدولة التي مزقتها الحرب، وتعارض القاهرة وباريس بشدة الوجود التركي في ليبيا الذي أدى إلى تفاقم الحرب الأهلية في البلاد والاستعانة بالمرتزقة، والعديد من النتائج العكسية نتيجة التدخل التركي المكثف في يناير 2020.
من ناحية أخرى، دعا الرئيس السيسي مرارًا وتكرارًا إلى تجديد الخطاب الديني، وهي نقطة التقاء إضافية للتحالف بين باريس والقاهرة، ويعد هذا التطابق الأيديولوجي اللافت للنظر من ركائز التحالف المصري الفرنسي؛ فقد شرع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في محاربة "الانفصالية الإسلامية" من خلال تعزيز رقابة الدولة على المدارس والمساجد والأندية الرياضية، والسماح للمسؤولين الحكوميين بحل المنظمات الدينية المشبوهة والمتورطة في أنشطة إرهابية أو تشجع الإرهاب دون أمر من المحكمة.
وعلى الرغم من اختلاف السياق، فإن هذا التطابق الأيديولوجي لافت للنظر، لأنه يوضح جزئيًا التبرير الأيديولوجي للدعم الفرنسي للحكومة المصرية.
وأصبح التحالف بين ماكرون والسيسي أحد ركائز الاستقرار الإقليمي طويل المدى لكل من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأوروبا، كما أن الدعم الفرنسي للحكومة المصرية يدفع باتجاه إنجاز مشاريع مهمة وتحولها إلى واقع على الأرض، ومن المهم أيضًا ملاحظة أن التحالف بين السيسي وماكرون هو جزء من سياسة أوروبية أوسع، حيث تتبع دول مثل إيطاليا وألمانيا إجراءات متشابهة جدًا فيما يتعلق بصادرات الأسلحة والمعاملات المالية، وإن كان ذلك بطريقة أقل وضوحًا.