عصام شيحة يكتب: لماذا " نحو الحق" ؟
نحو الحق
على بركة الله أستهل مقالاتي الأسبوعية التي أُخاطب بها الرأي العام من نافذة "الرئيس نيوز" الذي أتوقع له نجاحاً لافتاً لما ألمسه فيه من جهد ورغبة حقيقية في التميز.
ولما كنت حريصًا على استهداف الحق، ولا شيء غيره؛ حيث قناعتي دائمأ أن في الحق وحده تكمن مصلحة البلاد والعباد؛ فقد وجدت ضالتي في العنوان "نحو الحق" مُعبراً عن المنطلقات كافة التي أتجه منها إلي طرح ومناقشة قضايا الوطن، لا تحجبني مزايدة المزايدين ولو كثروا، ولا تدفعني مصلحة ذاتية وإن عظُمت، ولا تمنعني خَشية إلا من الله عز وجل. وغير ذلك أخون الوطن، وأُبدد المسؤولية الوطنية التي طالما عززت من أهميتها باعتبارها ركيزة أساسية لا ينبغي أن تغيب أبدًا عن كل عمل وطني صادق وأمين.
من هنا، لا أتصور أن حديثاً ينزع كل السلبيات من طريقنا يمكن أن يُفيد، ولا أن يتصف بالموضوعية والمصداقية؛ ذلك أن تصويب الأخطاء، وتحسين الأحوال عامة، يظل الشغل الشاغل للجميع متى التزموا محددات العمل الوطني المخلص.
كما أن الاستماع إلي الرأي الآخر، طالما كان موضوعيًأ مُنطلقًا من أرضية وطنية خالصة، يحمل لصاحبه من الوعي والحِكمة ما يُشير إلي صدق النوايا الطيبة، ويُبشر بمستقبل أفضل للأجيال القادمة التي تنتظر قدوة تهديها إلي سواء السبيل في وقت لا تهدأ فيه محاولات التضليل والتشويه واختراق إرادة الشعوب.
واستنادًأ إلى تجربتي الحزبية، كعضو في حزب الوفد منذ ما يقرب من أربعين عامًأ، فإن هموم ومتاعب الناس تكاد لا تفارق مُخيلتي، ويشغلني دائمًأ فكرة أهمية جلب الحقوق لأصحابها، علي اختلاف انتماءاتهم ومستوياتهم، حتى الحقوق التي ربما لا يتحدث أصحابها عنها إما لاعتيادهم غيابها، أو عدم تعودهم عليها من الأساس!. ومثال ذلك حق المشاركة السياسية؛ فكثيرًا ما نتحدث عن ضعف المشاركة السياسية في الاستحقاقات الانتخابية كواجب يهمله البعض للأسف، ولكنني أنشغل به باعتباره حقاً للمواطن، وأتسائل في داخلي: لماذا يُتجاهله المواطن ولا يحرص عليه، وكيف لا يشعر أن شيئاً ما ينقصه قي غياب هذا الحق الإنساني الأصيل الرفيع. ثم أرتد مُسرعاً إلي إشكالية "الوعي"... غيابه، وتشويهه، وتضليله، واستغلال ضعفه.
ولذلك، أحنو كثيراً على صاحب الحق، وأحنو أكثر على مَن لا يدرك أهمية حقه ولا يُطالب به ، بل ولا يُعيره اهتماماً، وأجد في هذا المواطن، دون أن يدري، أرضاً خصبة لأعداء الوطن، في الداخل والخارج علي السواء، فيزيفون إرادته، ويتحدثون بإسمه، والحق أنهم يتاجرون بآلامه وأوجاعه.
وكوجه آخر للحق الذي يُهمله صاحبه، أجدني مُشفقاً علي كل مسؤول يُهمل الاستماع إلي الآخرين، فتضيع منه فرصة الاستفادة بنقد بناء موضوعي يستهدف الحق ويضع يديه علي السلبيات ليصححها، ربما لما يجد في هذا الرأي من بعض المرارة، لكنه لو عرف قيمته، وكيف سيفيده ويصحح من مساره إلي الأفضل لانتبه له وحمل لصاحبه كل عرفان بالجميل لما أسداه إليه من نُصح ورؤي غابت عنه. لكنها النفس وما تأمر بها أحيانًا حين تُضل صاحبها من داخله تماماً كما يُضل المغرضون البعض من فاقدي أو قليلي الوعي.
إلى كل هؤلاء، أُطل، بمشيئة الله، بخطابي أُسبوعيًا من نافذة "الرئيس نيوز"، راجيًا من الله عز وجل التوفيق وأن يُلهمني الصواب في رصد وبحث ودرس قضايا الوطن الحقيقية، وثيقة الصلة بحياة الناس، علي نحو لا أظنه يتجاهل فريقًا بعينه، ولا يُحابي تيارًأ بذاته، ملتزمًأ المسؤولية الوطنية، مُستهدف صالح الوطن والمواطن، وعلي هذا كان وسيظل عهد القارئ بي. ولهذا كان "نحو الحق".
وإلي الأسبوع المُقبل بإذن الله. وعلي الله قصد السبيل.