هل أصدرت واشنطن الضوء الأخضر لإنهاء عزلة بشار في سوريا عربيًا ودوليًا ؟
قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، إنه ليس لديها خطط لتطبيع أو ترقية العلاقات الدبلوماسية مع دمشق، مؤكدا أيضًا أن واشنطن لا تريد تشجيع الآخرين على القيام بذلك.
وقال المتحدث لوكالة رويترز إن الوزارة تتخذ هذا الموقف بسبب الفظائع التي ارتكبت بحق الشعب السوري، ولكن الشواهد العديدة تؤكد أن الولايات المتحدة أعطت الضوء الأخضر لتطبيع العلاقات مع دمشق بالفعل.
ومن بين الشواهد التي ساقتها صحيفة Middle East Monitor قيام عدد من دول الشرق الأوسط بالفعل بإعادة علاقاتها مع دمشق، بما في ذلك السودان والإمارات والبحرين والمجر والمملكة العربية السعودية ومصر ولبنان والأردن وبلغاريا واليونان وقبرص والنمسا وكلهم حلفاء للولايات المتحدة ومن غير المعقول بالتأكيد أنهم قد قاموا بهذه الخطوة بدون ضوء أخضر من البيت الأبيض.
ونقلت الصحيفة عن جيمس جيفري، الممثل الأمريكي الخاص لسوريا في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، قوله: "قبل شهرين، كانت الولايات المتحدة تحت قيادة جو بايدن تلتزم الصمت بشأن التحركات الجارية لدمج نظام الأسد في النظام الدولي، ولكن ما لا نفعله الآن هو محاولات لثني الإماراتيين وغيرهم عن فتح السفارات في دمشق، ولن تفلح هذه المحاولات الضعيفة".
علاوة على ذلك، التقى مسؤولون أردنيون ومصريون ولبنانيون مؤخرًا بنظرائهم السوريين في دمشق وناقشوا إحياء مشروع خط الغاز العربي. يبدو أنهم لا يخشون العقوبات الأمريكية التي فرضها قانون قيصر على أي دولة تشارك في أي تعاملات ذات مغزى مع سوريا.
ووفقًا لجيفري - الذي لا يزال مسؤولًا أمريكيًا - فقد اطمئن العرب إلى أن الولايات المتحدة لن تتخذ أي موقف ضد من يتعاملون مع دمشق أو العمل على إعادتها إلى جامعة الدول العربية. كان هذا التأكيد واضحًا من الموافقة الضمنية التي دل عليها صمت إدارة بايدن. وأوضح جيفري: "لا أحد في واشنطن يضغط لإبقاء دمشق خارج جامعة الدول العربية، ولا أحد في واشنطن يريد استمرار الضغط الدبلوماسي والاقتصادي على دمشق".
في الوقت نفسه، قالت السفيرة الأمريكية في بيروت، دوروثي شيا، لقناة العربية قبل ستة أسابيع، إن واشنطن تعمل مع مصر والأردن لتحسين الأوضاع الاقتصادية في لبنان. كما كانت هناك إشارة إلى خط الغاز العربي الذي سيعود بالفائدة على سوريا.
وقالت شيا إنها على اتصال بوزارة الخزانة الأمريكية والبيت الأبيض، وكذلك البنك الدولي، لحل هذه القضية الشائكة، متجاوزة قانون قيصر. وأضافت "هناك إرادة لتحقيق ذلك. ستكون هناك بعض الأمور اللوجستية التي يجب أن تحدث أيضًا".
إنها حقيقة أن بعض الدول في المنطقة وخارجها لم تقطع علاقاتها مع دمشق، ولم تنأى البلدان المغاربية والعراق وعمان بأنفسها أبدًا عن سوريا، والتي سُمح لها أيضًا بالتحدث إلى العالم من خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث يلتقي مسؤولوها بنظرائهم من جميع أنحاء العالم.
أصبح العالم العربي مقتنعًا بأن الولايات المتحدة ليست لديها رغبة في إسقاط الأسد وتسامحت الحكومات الغربية والعربية مع انحياز روسيا لدمشق من خلال عملية أستانا. ومهد ذلك الطريق لاستئناف الاتصال بدمشق من قبل بعض الدول العربية بدفع من الكرملين.
وانتقدت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية تحولات سياسة إدارة جو بايدن في ملف سوريا وربطت بين تلك التحولات واستقبال بايدن للعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في البيت الأبيض في يوليو 2021، وقالت الصحيفة إنه منذ ذلك الحين انطلقت دعوات ومساعي للتطبيع الإقليمي السريع مع دمشق. وقالت الصحيفة إن المساعي الأخيرة لدمج سوريا في العلاقات الدولية تتعارض مع السياسة الأمريكية حيال الأزمة السورية كما تتعارض مع القانون الأمريكي. لكن إدارة بايدن قررت أنها لن تهتم بالملف السوري بعد الآن.