الخميس 25 أبريل 2024 الموافق 16 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

لماذا قرر السودان دراسة منح روسيا قاعدة عسكرية على البحر الأحمر؟

الرئيس نيوز

جددت وزيرة الخارجية السودانية مريم الصادق المهدي، الحديث عن اتفاق كانت بلادها قد وقعته مع روسيا العام 2011، إبان ولاية الرئيس الإخواني عمر البشير، يمكن الحكومة الروسية من إنشاء قاعدة بحرية في البحر الأحمر لتزويد أسطولها بالوقود.
كما نصت الوثيقة الموقعة على إنشاء "مركز دعم لوجستي" في السودان، يمكن من خلاله تأمين "الصيانة وعمليات التزويد بالوقود واستراحة أفراد الطواقم" البحرية الروسية، وكان مقرراً أن يتم إنشاء القاعدة في الضاحية الشمالية لمدينة بورتسودان، بحسب الإحداثيات الجغرافية المذكورة في هذه الوثيقة المفصلة والمؤلفة من 30 صفحة.
وعلى الرغم من الخرطوم اعلن خلال وقت سابق تجميد العمل بالاتفاقية، وأبلغ روسيا بذلك رسميًا، إلا أن الوزيرة مريم الصادق، عادت لتؤكد أن البرلمان السوداني سيعيد النظر في الاتفاقية وسيقرها لتدخل حيز لتنفيذ فعليًا، وهو الأمر الذي أثار جملة من التساؤلات عن أسباب قيام السودان بذلك، رغم أن من بين أسباب قرار التجميد العمل بها، هو ما اعتبر وقتها أنه انتهاكًا للسيادة السودانية.

تصفية حسابات
الباحث في الشؤون الأفريقية، محمد الجبالي، يقول لـ"الرئيس نيوز": "العودة إلى مثل هذا الاتفاق سيحول السودان إلى ساحة لتصفية الحسابات والتنازع مع الدول الأخرى، خاصة مع أمريكا وفرنسا أكبر أعداء روسيا الغربيين"، مرجحًا أن يكون للقرار السوداني ردات فعل غاضبة من قبل أمريكا التي قررت رفعت اسم السودان من قوائم الدول الراعية للإرهاب، فضلًا عن منحها منح مالية ومزايا اقتصادية.
وعن أسباب عودة السودان إلى الاتفاق، قال الجبالي: "قبل الحديث عن أسباب العودة لابد من التأكيد على أن واشنطن هي من لعبت دورًا رئيسًا في تجميد العمل بالاتفاقية، وربما اضطراب الاوضاع الداخلية في السودان والصراع الموجد بين بعض أقاليمه، دفع الخرطوم إلى العودة لمثل هذا الاتفاق، من باب الاعتماد على قوى دولية مؤثرة مثل روسيا في المحافل الدولية لتخفيف أي ضغوط على الخرطوم".
وسجلت تقارير سودانية وقت توقيع الاتفاق مع روسيا، اعتراضها على كثير من بنوده، بوصفها تعد انتهاكًا للسيادة؛ حيث إن هناك بنوداً في هذه الاتفاقية تتعلق بعدم وجود ولاية قضائية للبلاد في هذه المنطقة، وعدم السماح بإنشاء أي قاعدة أخرى لأي دولة خلال فترة الـ25 عاماً، وهي فترة طويلة جداً لمثل هذه القواعد، فضلاً عن إتاحة الفرصة لدخول سفن ذات قدرات نووية وأجهزة استخبارات وتنصت وحرب إلكترونية، وكله دليل على أن القاعدة ستستخدم لأغراض هجومية وعسكرية، وليس فقط للإمداد والتموين كما ورد في ديباجة الاتفاقية.

اهتمام بالغ 
أما الخبير العسكري، المستشار في أكاديمية ناصر، اللواء سامح أبو هشيمة، قال لـ"الرئيس نيوز": "غالبية الدول الكبرى تنظر إلى الساحل السوداني الممتد على البحر الأحمر لاهتمام بالغ؛ لكون تلك المنطقة تطل على شريان تجاري عالمي بالغ الأهمية وبالتالي ضمان موطئ قدم فيه أمر في غاية الأهمية لهذه الدول، وهناك سعي دائم للسيطرة على تلك المنطقة لاهميتها في التجارة العالمية".
لفت الخبير العسكري، أن أهمية البحر الأحمر تجعل هناك ضغوط على بعض الدول بعدم السماح بتوفير تواجد للنفوذ الأجنبي فيها، والاتفاق بهذا الشكل بلا شك سيمثل ضغطًا على السودان، مضيفًا: "مصر والسعودية ونحو 6 دول أخرى وقعوا في الرياض اتفاقًا؛ يستهدف التعهد بتوفير حماية للبحر الأحمر، وعدم إحداث أي قلاقل فيه". مضيفًا أن روسيا قدمت الكثير من الامتيازات للسودان للموافقة على إنشاء تلك القاعدة.
وعن اهمية منطقة بورتوسودان، أن تلك المنطقة تقع في منتصف البحر الأحمر، وهي مدخل القرن الأفريقي، مشيرًا إلى ان القواعد العسكرية أصبحت بمثابة نقطة توزيع المنتجات خاصة العسكرية، وروسيا تريد أن تجعل تلك المنطقة متجر لبيع الأسلحة في روسيا.  
البرلمان السوداني 
وأعلنت وزيرة الخارجية السودانية مريم المهدي أمس الاثنين أنّ برلمان بلادها سيدرس من جديد الاتفاق مع موسكو حول إنشاء قاعدة بحرية روسية في السودان الذي تم التوصل إليه في عهد الرئيس السابق عمر البشير.
وأكدت المهدي خلال زيارة إلى موسكو أن هذه الوثيقة وقعتها الحكومة السودانية السابقة، وقالت بعد اجتماع مع نظيرها الروسي سيرغي لافروف: "لدينا الآن حكومة مسؤولة أمام البرلمان الجديد، حيث ستتم دراسة هذا الاتفاق".
وخلال العام 2017 نوقش هذا الاتفاق بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وعمر البشير الذي أُطيح عام 2019 بعد احتجاجات شعبية استمرت لشهور. وكانت روسيا قد أعلنت توقيعه في ديسمبر 2020 مشيرة إلى أنه ينص على إنشاء قاعدة عسكرية بحرية في مدينة بورتسودان الاستراتيجية المطلة على البحر الأحمر.

بنود الاتفاق
ويسمح الاتفاق للبحرية الروسية بالاحتفاظ بما يصل إلى أربع سفن في وقت واحد في القاعدة بما في ذلك السفن التي تعمل بالطاقة النووية. ويمكن للقاعدة أن تستقبل 300 من العسكريين والمدنيين كحدّ أقصى.
وينصّ الاتفاق أيضاً على أنه يحقّ لروسيا أن تنقل عبر مرافئ ومطارات السودان أسلحة وذخائر ومعدات ضرورية لتشغيل هذه القاعدة البحرية. في مطلع يونيو. وقالت وزيرة الخارجية الاثنين إن تقييم الاتفاق في المجلس التشريعي سيتم وفق مصلحة السودان الخاصة والأهداف الاستراتيجية التي تسعى إليها روسيا والسودان.
واعتمدت السودان لسنوات طويلة عسكرياً على روسيا، وبخاصة خلال العقود التي شهدت العقوبات الأميركية.
وقد تطور التعاون العسكري السوداني - الروسي خلال الفترة الماضية، خاصة أن السودان حصل ‏على عدة رخص لإنتاج الأسلحة الروسية الخفيفة والثقيلة، وبدأ في إنتاج ما يسمى المدرعة "شريف"، وهي في الأصل روسية الصنع، ثم ‏"الزبير2"، ومدرعات "أبو فاطمة"، والعديد من الأسلحة الخفيفة، بالتالي يكون التصنيع الدفاعي وتطوره يعتمدان اعتماداً كلياً على الدولة الروسية.
ويعد الساحل السوداني المطل على البحر الاحمر محل اطماع العديد من الدول، وقد وقع البشير خلال وقت سابق مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اتفاق بتحويل جزيرة سواكن المطلة على البحر الأحمر إلى منطقة عسكرية، لكن بعد سقوط نظام البشير تم إلغاء الاتفاق.