الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

"هدوء وخطوات قوية".. صحف عالمية تسلط الضوء على نشاط السيسي الإقليمي

الرئيس نيوز

قدم سيث جيه فرانتزمان، مراسل ومحلل شؤون الشرق الأوسط في صحيفة جيروزاليم بوست، ومؤلف كتاب "بعد داعش"، قراءة مستفيضة للنشاط اللافت للرئيس عبدالفتاح السيسي خلال الأسابيع القليلة الماضية كدليل دامغ على أن القاهرة عازمة على بناء علاقاتها وتحالفاتها الإستراتيجية بتؤدة وخطوات جريئة على أكثر من صعيد.

وخص فرانتزمان بالذكر اجتماع الرئيس السيسي برئيس جيبوتي، علاوة على تسيير طائرات المساعدات الإنسانية من مصر إلى أكثر من وجهة.

وسلط فرانتزمان الضوء على زيارة السيسي والقمة المصرية الجيبوتية الأولى من نوعها من حصول جيبوتي على الاستقلال وهي زيارة مرتبطة بمخاوف إقليمية أكبر لدى مصر بشأن السد الإثيوبي المثير للجدل، ناهيك عن تصدي القمة لبحث الملفات المختلفة المتعلقة بالتعاون المشترك وسبل تعزيز العلاقات الثنائية خاصة على الصعيد الأمني والعسكري والاقتصادي.

ورصد فرانتزمان كيف تتحرك القاهرة وفقًا لخط ثابت وبطرقات متتالية من أجل توثيق العلاقات العسكرية مع السودان والإمارات واليونان ودول أخرى. وينشط السيسي أيضًا في تعزيز علاقات البلاد بليبيا، حيث يدعم الحكومة الجديدة لكي تتمكن من تنفيذ الاستحقاق الانتخابي نهاية العام الجاري، ويبدو أن نجم التحركات المصرية في ليبيا يزدهر.

والأهم من ذلك، ساعدت مصر في التوسط في وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل. وأثبت السيسي أنه لاعب مهم في محاولة الحد من الصراع، في حين تنفخ إيران وتركيا في النيران لتزداد اشتعالاً، تمسكت مصر بما يفيد مصلحة المدنيين واكتسبت مصداقية أكبر أمام العالم من خلال هذا الدور.

وعلى صعيد آخر، تعزز مصر علاقاتها الاستراتيجية في حوض البحر المتوسط من خلال منتدى غاز شرق المتوسط الذي يشمل مصر وإسرائيل وقبرص واليونان والسلطة الفلسطينية كما يضم شركاء خليجيين بما في ذلك البحرين والإمارات والسعودية وسلطنة عمان.

وتفتح مصر قناة التواصل مع دمشق مقابل الدور المعاكس المشبوه لبعض الأطراف الإقليمية الأخرى المتمثل في تسليح وتمويل الميليشيات والجماعات الإرهابية ونشر الفوضى ونهب الموارد ولا سيما النفط.

ويعد الرئيس عبد الفتاح السيسي أول رئيس مصري يزور جيبوتي منذ حصول الدولة العربية الأفريقية الشقيقة على استقلالها عام 1977. وكانت زيارة الرئيس التاريخية تهدف إلى تعزيز العلاقات الثنائية في المجالات الاقتصادية والأمنية والعسكرية.

ولفت المراقبون وخبراء شؤون الأمن القومي، وفقًا لصحيفة واشنطن تايمز، إلى أن جيبوتي "دولة ذات أهمية استراتيجية كبيرة لمصر" خاصة وأنها – بحكم الموقع - تشرف على الحركة البحرية من مضيق باب المندب المدخل الجنوبي للبحر الأحمر باتجاه قناة السويس. وتأتي إضافة إلى أهميتها كدولة تقع في القرن الإفريقي وشرق إفريقيا، والمرتبطة ارتباطًا وثيقًا بملف السد الإثيوبي المثير للجدل.

تجدر الإشارة إلى أن جيبوتي هي واحدة من خمس دول لها حدود مع إثيوبيا، إلى جانب السودان وأوغندا وبوروندي وكينيا. وقد عززت مصر تعاونها العسكري مع هذه الدول الخمس خلال الأشهر الثلاثة الماضية. ويتزامن ذلك مع اقتراب الملء الثاني لخزان السد، وهو حدث أكدته إثيوبيا مرارًا وتكرارًا، وتصاعدت التصريحات بين إثيوبيا من جهة، والبلدين الواقعين على مصب نهر النيل، مصر والسودان، من جهة أخرى.

جاءت زيارة السيسي إلى جيبوتي في لحظة مهمة في أعقاب افتتاح مجلس الدول المشاطئة العربية والأفريقية على البحر الأحمر في يناير 2020. وتلعب جيبوتي دورًا استراتيجيًا في اللجنة من أجل لضمان أمن واستقرار الملاحة البحرية في البحر الأحمر. وتم إنشاء قواعد عسكرية لعدة دول على طول ساحل البحر الأحمر، للمساهمة في حماية حرية الحركة البحرية عند المدخل الجنوبي للبحر الأحمر.

وتمتلك مصر قوات بحرية في مضيق باب المندب للحفاظ على الاستقرار هناك في ظل الأزمة اليمنية. وأشار إلى أن الأهمية الاستراتيجية للجانبين العسكري والأمني لجيبوتي تحتم على مصر والدول العربية الأخرى دعم الدولة الصغيرة.

يتألف مجلس الدول العربية والأفريقية المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن من ثماني دول، منها مصر والسعودية وجيبوتي واليمن والصومال وإريتريا والسودان والأردن. وقد تم إنشاؤه بهدف التنسيق والتشاور بشأن البحر الأحمر وخليج عدن وتعزيز أمن الملاحة وحماية التجارة العالمية التي تمر عبر قناة السويس. كما يهدف المجلس إلى تعزيز التعاون السياسي والاقتصادي بين الدول الثماني، وفقًا لميثاق تأسيسه.

وأجرت مصر والسودان مؤخرًا ثلاثة مناورات عسكرية مشتركة، هما "نسور النيل 1" و"نسور النيل 2"، ستستمر الأخيرة حتى نهاية شهر مايو من هذا العام، تحت اسم "حماة النيل". وتشارك في تمرينات "حماة النيل" القوات البرية والجوية والبحرية من القوات المسلحة للبلدين. وتقول مصر إن "التدريب يأتي لتطوير العمل المشترك بين القوات المسلحة في مصر والسودان".

لم تنجح الأطراف الثلاثة المتضررة من أزمة سد النهضة، وهي مصر والسودان وإثيوبيا، في التوصل إلى اتفاق لملء السد وتشغيله خلال 10 سنوات من المفاوضات.

العودة المفاوضات

استقبل الرئيس السيسي وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين الأسبوع الماضي، في زيارة جاءت في سياق التطورات الأخيرة في العلاقات المصرية الأمريكية. وتجدر الإشارة بشكل خاص إلى إرسال المبعوث الأمريكي الخاص إلى القرن الأفريقي جيفري فيلتمان، في محاولة للتوصل إلى هدنة وتطبيق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وحضر اللقاء وزير الخارجية سامح شكري والسيد عباس كامل رئيس المخابرات العامة وفيكتوريا نولاند، وكيل وزارة الخارجية الأمريكية للشؤون السياسية؛ وجوناثان كوهين سفير الولايات المتحدة بالقاهرة. وتوماس سوليفان، نائب سكرتير رئيس الأركان الأمريكية.

هذه هي الزيارة الأولى لوزيرة الخارجية الأمريكية منذ أن خلف الرئيس جون بايدن دونالد ترامب كرئيس للولايات المتحدة.

وقال عدد من الخبراء والمحللين إن زيارة بلينكين تأتي في إطار المساعي الأمريكية لحل أزمة السد الإثيوبي والتوصل إلى اتفاق عادل وقانوني يضمن حقوق مصر المائية.

وتأتي زيارة بلينكن الأولى لمصر تأتي بعد الدور المهم الذي لعبته مصر في وقف العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني. كما يعكس الاهتمام الأمريكي بالشرق الأوسط والقرن الأفريقي. وتطالب الولايات المتحدة باتفاق يرضي جميع الأطراف في أزمة السد الإثيوبي التي دخلت مرحلة خطيرة بسبب ضيق الوقت. كما تأثرت الأزمة سلبا من جراء استمرار التعنت الإثيوبي وإصرارها على تنفيذ التعبئة الثانية في شهر يوليو المقبل دون اتفاق. واستعرض تحركات مصر الأخيرة، والتي تضمنت تحذيرات قوية أخيرة للرئيس السيسي بشأن حقوق مصر المائية.

كما حدث تقارب مصري سوداني نتج عنه ثلاث مناورات عسكرية في أقل من ستة أشهر، إلى جانب بروتوكولات عسكرية واستخباراتية مع الدول المحيطة بإثيوبيا، بما في ذلك السودان وجنوب السودان وأوغندا وكينيا وبوروندي.

بالإضافة إلى ذلك، يجب أن تؤخذ في الاعتبار زيارة الرئيس السيسي التاريخية لجيبوتي، أهم دولة لإثيوبيا ومنفذها التجاري الوحيد للعالم الخارجي.

وتسعى الولايات المتحدة أيضًا، من خلال زيارات كل من بلينكين وفيلتمان، إلى دفع الدول الثلاث للعودة إلى المفاوضات في أسرع وقت ممكن، للتوصل إلى اتفاق قبل التعبئة الثانية في يوليو. ومن المتوقع استئناف المفاوضات بين مصر والسودان وإثيوبيا بشأن السد المثير للجدل قبل بدء الملء الثاني. تهدف هذه المفاوضات إلى التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم بشأن قواعد ملء السد وتشغيله.