مفاوضات الفرصة الأخيرة.. خبراء يحللون اجتماع الاتحاد الإفريقي بشأن سد النهضة
حققت القمة الإفريقية المصغرة حول أزمة سد النهضة، بمشاركة مصر وإثيوبيا والسودان، وأعضاء المكتب الرئيسي للاتحاد الإفريقى، نجاحا كبيرا فى سبيل الوصول إلى توافق واتفاق ملزم لكافة الأطراف، حيث تم التوافق في ختامها على تشكيل لجنة حكومية من الخبراء القانونيين والفنيين من الدول الثلاث، إلى جانب الدول الأفريقية الأعضاء بهيئة مكتب رئاسة الاتحاد الأفريقي، وممثلي الجهات الدولية المراقبة للعملية التفاوضية، للانتهاء من بلورة اتفاق قانوني نهائي ملزم لجميع الأطراف بخصوص قواعد ملء وتشغيل سد النهضة، مع الامتناع عن القيام بأية إجراءات أحادية، بما في ذلك ملء السد، قبل التوصل إلى هذا الاتفاق.
كما تم إرسال خطاب حول ما سبق إلى مجلس الأمن باعتباره جهة الاختصاص لأخذه في الاعتبار عند انعقاد جلسته لمناقشة قضية سد النهضة بعد غد الإثنين، للتوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن بشأن سد النهضة، والمسائل العالقة وأهمها القواعد الحاكمة لملء وتشغيل السد.
وأكد الرئيس عبد الفتاح السيسي، أن مصر منفتحة برغبة صادقة في على نحو يمكن إثيوبيا من تحقيق التنمية الاقتصادية التي تصبو إليها وزيادة قدراتها على توليد الكهرباء التي تحتاجها، أخذاً في الاعتبار مصالح دولتي المصب مصر والسودان وعدم إحداث ضرر لحقوقهما المائية، ومن ثم يتعين العمل بكل عزيمة مشتركة على التوصل إلى اتفاق بشأن ، وذلك على النحو الذي يؤمن لمصر والسودان مصالحهما المائية ويتيح المجال لإثيوبيا لبدء الملء بعد إبرام الاتفاق.
وشدد الرئيس على أن مصر دائماً لديها الاستعداد الكامل للتفاوض من أجل بلوغ الهدف النبيل بضمان مصالح جميع الأطراف من خلال التوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن، ومن هذا المنطلق فإن مصر تؤكد أن نجاح تلك العملية يتطلب تعهد كافة الأطراف وإعلانهم بوضوح عن عدم اتخاذ أية إجراءات أحادية، بما في ذلك عدم بدء ملء السد بدون بلورة اتفاق، والعودة الفورية إلى مائدة المفاوضات من أجل التوصل إلى الاتفاق العادل الذي نصبو إليه.
التفاوض حول ملء خزان سد النهضة فى 10 سنوات
وأكد وزير الخارجية سامح شكري، أنه تم الإقرار بالسعي للتوصل لاتفاق ملزم لإثيوبيا، فيما يتعلق بملء وتشغيل سد النهضة، كون أي خطوة لا تتضمن اتفاقا تعد خطوة أحادية، كما أن الاتفاق النهائي سيكون في غضون أسبوعين، موضحًا أن التفاوض يتم حاليا بين الدول المشاركة على ملء خزان سد النهضة خلال 10 سنوات، وهو ما دار بجولات التفاوض في عام 2015 بقواعد واضحة للحفاظ على مصالح مصر والسودان.
وقال شكرى، إنه سيتم ملء خزان السد دون إحداث ضرر لأي دولة من دول المصب، وأن هناك توافق في الرؤى بين مصر والسودان فيما يخص قواعد ملء وتشغيل السد، مشيراً إلى أن القمة الأفريقية التي جمعت الرئيس عبدالفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد علي، ورئيس الوزراء السوداني، عبدالله حمدوك، والاتحاد الأفريقي ورؤساء الدول الأفارقة كان لها وقعا جيدا، حيث تم إحاطة مجلس الأمن علما بما حدث بتلك القمة، وهو الأمر الذي له أهميته وتأثيره على السلم والأمن الدوليين.
وأضاف وزير الخارجية، أن مجلس الأمن مودع لديه تلك الأزمة، وكل ما يتعلق بها، حيث لجأت مصر لمجلس الأمن، كونها المنظمة التي ننتمي إليها، وموكله بالحفاظ على السلم والأمن الدوليين، بخلاف تدخل الاتحاد الأفريقي، كمنظمة إقليمية لحل ذلك الأمر.
كل الخيارات مطروحة عند فشل الاتفاق.
الحل الإفريقي المخرج الآمن لإثيوبيا في مفاوضات سد النهضة
وقال الدكتور حمدى عبدالرحمن، أستاذ العلوم السياسية بجامعة زايد فى الإمارات العربية المتحدة، إنه مع تزايد حدة الضغط الدولي وتحويل الملف إلى مجلس الأمن، واتخاذ مصر موقفا صارما برفض التصرف الأحادي وبدء الملء دون اتفاق، قد يكون الحل الأفريقي هو المخرج الأمن للجانب الإثيوبي.
وأكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة زايد فى الإمارات العربية المتحدة لـ"الرئيس نيوز" أنه إذا صممت إثيوبيا على بدء الملء في موعده بعد أسبوعين، تصبح حينها مفاوضات الفرصة الأخيرة لحل أزمة ملء وتشغيل السد، كما أنه في حالة اختيار إثيوبيا سيناريو حافة الهاوية ستفشل المفاوضات وتصبح كل الخيارات مفتوحة حينها.
3 مطالب فى اتفاق سد النهضة
وأوضح عبدالرحمن، أن من يتابع الرأي العام الإثيوبي يلاحظ كما لو أن أثيوبيا حققت نصرا مبينا بأفرقة سد النهضة، ومصر حقوقها واضحة ومتمسكة بها سواء تمت المفاوضات فيديو كونفرانس أو في أي من العواصم الثلاثة أو في أي مكان في العالم، كما أن هناك بارقة أمل إذا توافرت الإرادة السياسية لدى إثيوبيا التي وافتها الفرصة من خلال وساطة رامافوسا والاتحاد الأفريقي، ولا يتم الملء قبل التوصل لاتفاق، مشيراً إلى إمكانية ذلك على أن تعترف أثيوبيا بالزامية أي اتفاق يتم التوصل إليه، بجانب الاتفاق على تعويض النقص في معدلات تصريف المياه الواردة إلى السودان ومصر في سنوات الجفاف والجفاف الممتد، والأمر الثالث هو آلية تسوية المنازعات، حيث يمكن في هذه الحالة الجمع بين المقترحين المصري الإثيوبي، ويتم اللجوء إلى التحكيم الإفريقي بعد استنفاذ التفاوض والتوفيق فى الحل.
وقال الدكتور هانى رسلان خبير المياه بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إنه تم التوافق في ختام القمة الإفريقية بمشاركة رؤساء الدول الثلاث وأعضاء مكتب الإتحاد الإفريقي، على تشكيل لجنة حكومية من الخبراء القانونيين والفنيين من الدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا، والتى تضم فى عضويتها أيضا الدول الأفريقية الأعضاء بهيئة مكتب رئاسة الاتحاد الأفريقي، وكذا ممثلي الجهات الدولية المراقبة للعملية التفاوضية .
إثيوبيا مجبرة على إتفاق ملزم للملء.
اتفاق الاتحاد الإفريقي نصر دبلوماسي لمصر
وأكد رسلان، أن الهدف من تشكيل اللجنة، هو الانتهاء من بلورة اتفاق قانوني نهائي ملزم لجميع الأطراف بخصوص قواعد ملء وتشغيل سد النهضة، مع امتناع اثيوبيا الشروع فى الملء قبل التوصل إلى هذا الاتفاق ، بالإضافة إلى إرسال خطاب بهذا المضمون إلى مجلس الأمن باعتباره جهة الاختصاص لأخذه في الاعتبار عند انعقاد جلسته لمناقشة قضية سد النهضة يوم الإثنين المقبل، بجانب تحديد سقف زمنى لمدة أسبوعين للوصول إلى إتفاق قانونى ملزم لكافة الأطراف بشأن قواعد الملء والتشغيل لخزان السد وآلية فض المنازعات، باعتبارها المفاوضات الأخيرة.
اقرأ ايضا
اقتصاديون يكشفون مصير الدولار بعد قرض صندوق النقد الجديد
كواليس تغييرات رؤساء مجالس إدارات وتحرير الصحف القومية قبل إعلانها
الجيش التونسي جاهز للطوارئ.. وغباشي: دول الجوار الليبي تسعى لتأمين حدودها
وأكد خبير المياه بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن ما حدث هو نصر دبلوماسى واضح لمصر إذ وجدت إثيوبيا نفسها فى وضع أجبرها على العدول عن الملء الأحادى الذى ظلت تؤكد بغطرسة فارغة إصرارها على المضى فيه باتفاق أو دون اتفاق، مع تحديد مهلة زمنية لمدة اسبوعين، مما يعنى أنه لا مجال للمراوغات والمماطلة الإثيوبية المعتادة، مع إحاطة مجلس الأمن علما بشأن ما حدث من توافق مرحلى، كما أن الطلب من مجلس الأمن هو لدعم الجهد الاقليمى فى هذه المرحلة.
وأوضح رسلان لـ"الرئيس نيوز"، أن النقطة السابقة هى ما تبقى جميع الخيارات مفتوحة عقب انتهاء مهلة الأسبوعين، رغم إن إثيوبيا أرادت تمييع الموقف باصرارها على دور للاتحاد الأفريقى، ولكن الذى حدث هو العكس، خاصة أن القضية مدرجة على جدول أعمال مجلس الأمن، وكل ما حدث هو إضافة المزيد من الشهود على تعنت إثيوبيا الشديد وخروجها على كل القوانين الدولية، وكذب ما تبثه من تضليل كما أن هناك فرصة لإثيوبيا للتراجع مع حفظ ماء الوجه، وإلا فإنها سوف تتحمل أمام العالم مسئولية جر المنطقة إلى صراع حتمى سوف يكون ممتدا وطويل الأجل، وسوف يشمل كل أدوات الصراع ووسائله بشكل أو بآخر.