صندوق النقد الدولي يسلط الضوء على تعافي الاقتصاد المصري

أشاد صندوق النقد الدولي مؤخرا بجهود مصر لإعادة بناء الثقة في السوق واستقرار الاقتصاد، مشيرا إلى تعافي النشاط الاقتصادي والتقدم المحرز في استعادة احتياطيات النقد الأجنبي إلى مستويات كافية، وفقا لموقع سويس إنفو السويسري.
وأعرب صندوق النقد الدولي عن توقعاته للاقتصاد المصري في بيانه الصادر بشأن المراجعة الرابعة التي اكتملت مؤخرا للبرنامج الاقتصادي المصري البالغ 8 مليارات دولار، والتي مهد الطريق لصرف 1.2 مليار دولار، وهي أكبر شريحة من البرنامج حتى الآن.
ويأتي ذلك في أعقاب بيان صادر عن المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي، والذي أقر بالتقدم الذي أحرزته مصر في تحقيق الاستقرار الاقتصادي على الرغم من التحديات الخارجية المستمرة.
ومع ذلك، سلّط التقرير الضوء أيضًا على هشاشة المشهد الاقتصادي المتواصلة، نتيجةً للصراعات الإقليمية واضطرابات التجارة في البحر الأحمر. كما أشار المجلس إلى ارتفاع ديون مصر واحتياجاتها التمويلية الإجمالية، مما يُشكّل تحديات مالية جسيمة على المدى المتوسط.
بالإضافة إلى المراجعة، وافق المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي على طلب مصر الحصول على ترتيب في إطار تسهيل المرونة والاستدامة، مما يتيح لها الوصول إلى حوالي 1.3 مليار دولار أمريكي (مليار وحدة حقوق سحب خاصة). كما اختتم المجلس مشاورات المادة الرابعة لعام 2025 مع مصر.
وتباطأ النمو الاقتصادي في مصر إلى 2.4% في السنة المالية 2023/2024، انخفاضًا من 3.8% في العام السابق، لكنه ارتفع إلى حوالي 3.5% في الربع الأول من السنة المالية الحالية (2024/2025).
ويتجه التضخم نحو الانخفاض منذ سبتمبر 2023، مما يُعطي بصيص أمل. ومع ذلك، اتسع عجز الحساب الجاري للبلاد إلى 5.4% من الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة نفسها، حتى مع تحسن الرصيد المالي الأولي بمقدار نقطة مئوية واحدة ليصل إلى 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي، بفضل ضوابط الإنفاق الصارمة.
وأظهر تقييم صندوق النقد الدولي أن الفائض الأولي في الميزان التجاري المصري (باستثناء عائدات التخارج) من المتوقع أن يصل إلى 4% من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2025/2026، مع زيادة أخرى إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2026/2027.
وكان ضبط أوضاع المالية العامة في النصف الأول من السنة المالية 2024/2025 أضعف من المتوقع، على الرغم من النمو القوي في الإيرادات الضريبية. وتركز السلطات المصرية على ضبط الإنفاق في النصف الثاني من السنة المالية لتحقيق هدفها المالي بنهاية العام المالي 2024/2025.
وفي ختام مراجعة المجلس، أدلى السيد نايجل كلارك، نائب المدير العام ورئيس مجلس إدارة صندوق النقد الدولي، موضحًا: "منذ مارس 2024، أحرزت السلطات تقدمًا كبيرًا في استقرار الاقتصاد وإعادة بناء الثقة في السوق على الرغم من البيئة الخارجية الصعبة التي اتسمت بالصدمات الخارجية المستمرة والمتتالية، بما في ذلك الصراعات الإقليمية واضطرابات التجارة في البحر الأحمر."
وأشار كلارك إلى أنه في حين يظهر نمو الناتج المحلي الإجمالي علامات التعافي، فإن التضخم يتباطأ تدريجيا، وأن احتياطيات النقد الأجنبي عند مستويات كافية، لكن المخاطر الكبيرة لا تزال قائمة.
وأكد أن جهود ضبط الأوضاع المالية تسير على الطريق الصحيح، حيث حققت الحكومة فائضًا ماليًا أوليًا بنسبة 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2023/2024، إلى جانب انخفاض نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي.
ومع ذلك، لا تزال التحديات قائمة، وخاصة مستويات الديون المرتفعة والتقدم المختلط في الإصلاحات الهيكلية التي حدت من إمكانات النمو وقيدت تنمية القطاع الخاص. ولضمان الاستدامة المالية، أكد كلارك على أهمية تعبئة الإيرادات المحلية، وتبسيط الحوافز الضريبية، وتعزيز الامتثال، وتنفيذ استراتيجية شاملة لإدارة الديون.
ودعا أيضا إلى تعزيز الرقابة المالية، وخاصة فيما يتعلق بالكيانات خارج الميزانية، وتسريع جهود سحب الاستثمارات.
وفي إطار النظرة المستقبلية، حث صندوق النقد الدولي مصر على التحول إلى نموذج اقتصادي جديد من خلال تقليص بصمة الدولة، وتعزيز تكافؤ الفرص، والسماح لأسعار الطاقة بالوصول إلى مستويات استرداد التكاليف، ومعالجة قضايا الحوكمة والشفافية.
ويعتبر سعر الصرف المرن، المدعوم بنظام قوي لاستهداف التضخم مع وجود بنك مركزي مستقل وسياسات مالية سليمة، أمرا ضروريا لتحقيق المرونة الاقتصادية.
ورغم هذه الجهود، حذر كلارك من أن المخاطر لا تزال كبيرة ومائلة إلى الجانب السلبي، مع تعرض الاقتصاد للصدمات الخارجية وتحديات السياسة المحلية.
وعلى وجه الخصوص، فإن الصراعات الإقليمية، والاضطرابات التجارية، واحتمال التكاليف الاجتماعية المرتبطة بإصلاحات أسعار الطاقة، والدعم، والسياسات الضريبية، قد تشكل ضغوطًا على الإيرادات المالية والاستثمار الأجنبي المباشر في مصر.
وردًا على تقييم صندوق النقد الدولي، أكد المديرون التنفيذيون على ضرورة تعزيز التنفيذ والرصد الدقيق لالتزامات البرنامج. وشددوا على أهمية المشاركة الفاعلة في الإصلاحات الهيكلية لتعزيز النمو الشامل، والحد من مواطن الضعف، وتحقيق الأهداف التنموية والاجتماعية لمصر.