عاجل| حوافز مالية.. تفاصيل الاتصالات الأمريكية والإسرائيلية مع دول إفريقية لاستقبال سكان غزة

تواصلت الولايات المتحدة وإسرائيل مع مسؤولين من ثلاث حكومات في شرق إفريقيا، لمناقشة استخدام أراضيها كوجهات محتملة لإعادة توطين الفلسطينيين الذين سيتم ترحيلهم من قطاع غزة، بموجب خطة الرئيس دونالد ترامب المقترحة لتحويل القطاع الذي دمرته إسرائيل إلى "ريفييرا الشرق الأوسط"، حسبما أفادت "أسوشيتد برس".
وتعكس الاتصالات مع الدول الثلاث وهي: السودان والصومال وأرض الصومال (المنطقة الانفصالية)، تصميم الولايات المتحدة وإسرائيل على المضي قدمًا في خطة أُدينت على نطاق واسع.
ولأن المناطق الثلاث فقيرة أو مزقها العنف، فإن الاقتراح يلقي بظلال من الشك على هدف ترامب المعلن المتمثل في إعادة توطين فلسطينيي غزة في "منطقة جميلة".
وقال مسؤولون أميركيون، إن اتصالات منفصلة من الولايات المتحدة وإسرائيل مع الوجهات الثلاث المحتملة بدأت الشهر الماضي، بعد أيام من طرح ترامب لخطة غزة، فيما تولت إسرائيل قيادة المناقشات.
ولدى إسرائيل والولايات المتحدة مجموعة متنوعة من الحوافز، بينها مالية ودبلوماسية وأمنية، لتقديمها لهؤلاء الشركاء المحتملين، وهي صيغة استخدمها ترامب قبل 5 سنوات، عندما توسط في سلسلة اتفاقيات أبراهام بين إسرائيل و4 دول عربية.
وصرح مسؤولون من السودان، بأنهم رفضوا مبادرات من الولايات المتحدة، بينما قال مسؤولون من الصومال وأرض الصومال إنهم "ليسوا على علم بأي اتصالات".
السودان
وكان السودان، البلد الواقع في شمال إفريقيا، من بين الدول الأربع الموقعة على "اتفاقات أبراهام" التي وافقت على تطبيع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل في عام 2020.
وكجزء من الاتفاق، رفعت الولايات المتحدة اسم السودان من قائمة الدول الداعمة للإرهاب، وهي خطوة أتاحت للسودان الحصول على قروض دولية وشرعية عالمية، لكن العلاقات مع إسرائيل لم تزدهر منذ اندلاع الحرب بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع شبه العسكرية.
وتحقق المحكمة الجنائية الدولية في جرائم حرب مزعومة وجرائم ضد الإنسانية، لذا ستواجه الولايات المتحدة وإسرائيل صعوبة بالغة في إقناع الفلسطينيين بمغادرة غزة، وخاصة إلى بلد مضطرب كهذا، لكنهما قد تقدمان حوافز لحكومة الخرطوم، بما في ذلك تخفيف أعباء الديون، والأسلحة، والتكنولوجيا، والدعم الدبلوماسي.
وأكد مسؤولان سودانيان، أن إدارة ترمب تواصلت مع الحكومة التي يقودها الجيش بشأن قبول الفلسطينيين، إذ قال أحدهما إن الاتصالات بدأت حتى قبل تنصيب ترمب بعروض للمساعدة العسكرية ضد قوات الدعم السريع، والمساعدة في إعادة الإعمار بعد الحرب، وحوافز أخرى.
وأكد المسؤولان أن الحكومة السودانية رفضت الفكرة، وقال أحدهما: "رُفض هذا الاقتراح فورًا. ولم يُطرح مجددًا"، كما صرح قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان في قمة القادة العرب الأسبوع الماضي في القاهرة، بأن بلاده "ترفض رفضًا قاطعًا أي خطة تهدف إلى تهجير الفلسطينيين من أرضهم تحت أي مبرر أو مسمى".
الصومال وأرض الصومال
وأرض الصومال، وهو إقليم يضم أكثر من 3 ملايين نسمة في القرن الإفريقي، انفصل عن الصومال منذ أكثر من 30 عامًا، لكنه غير معترف به دوليًا كدولة مستقلة، إذ يعتبر الصومال أرض الصومال جزءًا من أراضيه، إذ جعل رئيس أرض الصومال الجديد، عبد الرحمن محمد عبد الله، الاعتراف الدولي أولويةً له.
في هذا السياق، أكد مسؤول أميركي أن الولايات المتحدة "تجري حوارًا هادئًا مع أرض الصومال حول مجموعة من المجالات التي يمكن أن تكون مفيدةً فيها للولايات المتحدة مقابل الاعتراف".
وقد يُشكّل احتمال الاعتراف الأميركي حافزًا لعبد الله للتراجع عن تضامن الإقليم مع الفلسطينيين. وصرح مسؤول في أرض الصومال، بأن حكومته لم تُجرِ أي اتصالات، ولا تجري أي محادثات بشأن استقبال الفلسطينيين.
وعلى مر السنين، حظيت أرض الصومال بإشادة لاستقرارها السياسي النسبي، على عكس ما تشهده الصومال من صراعات مستمرة وسط هجمات دامية تشنها حركة "الشباب" المرتبطة بتنظيم "القاعدة".
ولطالما كان الصومال داعمًا قويًا للفلسطينيين، وكثيرًا ما استضاف احتجاجات سلمية دعمًا لهم، كما انضمت البلاد إلى القمة العربية الأخيرة التي رفضت خطة ترمب، وتبدو وجهة غير محتملة للفلسطينيين.
وقال مسؤول صومالي، إنه لم يتم التواصل بشأن استقبال فلسطينيين من غزة، ولم تكن هناك أي مناقشات حول هذا الأمر.
وقال سامبو تشيبكورير، المحامي والباحث في شؤون النزاعات في كينيا، إنه "من الصعب فهم سبب رغبة الصومال في استضافة الفلسطينيين بالنظر إلى دعمها القوي للحكم الذاتي الفلسطيني"، مضيفًا: "المواقف تتغير باستمرار، ولذلك ربما تكون هناك أجندة خفية وراء قرار الصومال".
خطة ترامب
وبموجب خطة ترامب، سيتم ترحيل سكان غزة، الذين يزيد عددهم عن مليوني نسمة، بشكل دائم إلى مكان آخر، وقد اقترح ترامب أن تتولى الولايات المتحدة ملكية المنطقة، وتشرف على عملية تنظيف طويلة الأمد، وتطورها كمشروع عقاري.
لكن الرئيس الأميركي، قال الأربعاء، إنه لا أحد يريد طرد الفلسطينيين من غزة، وذلك بعد أكثر من شهر على طرحه فكرة تهجير سكان القطاع ضمن تصور لإعادة إعمار غزة وفرض سيطرة أميركية عليها، وهي الخطوة التي أعلن الفلسطينيون والدول العربية رفضهم لها.
وكانت فكرة الترحيل الجماعي للفلسطينيين تُعتبر في السابق "خيالًا" للتيار القومي المتطرف في إسرائيل، ولكن منذ أن طرح ترمب فكرته في اجتماع بالبيت الأبيض الشهر الماضي، أشاد بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووصفها بأنها "رؤية جريئة".
لكن الفلسطينيين رفضوا الاقتراح، كما أعربت الدول العربية عن معارضتها الشديدة، وقدمت خطة إعادة إعمار بديلة أعلنها مصر خلال القمة العربية الطارئة التي استضافتها القاهرة في 4 مارس الجاري، في حين قالت جماعات حقوقية إن "إجبار الفلسطينيين أو الضغط عليهم على المغادرة قد يُشكل جريمة حرب محتملة".
مع ذلك، قال البيت الأبيض إن ترمب "متمسك برؤيته"، وأكد مسؤولون أميركيون وإسرائيليون، وجود اتصالات مع الصومال وأرض الصومال، بينما أكد الأميركيون وجود اتصالات مع السودان أيضًا، وقالوا إنه من غير الواضح مدى التقدم الذي أحرزته الجهود أو مستوى المناقشات، فيما قال وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، إن بلاده "تعمل على تحديد الدول التي ستستقبل الفلسطينيين"، مشيرًا إلى إعداد "قسمًا كبيرًا للهجرة".