الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

«زهرة المدائن».. ترنيمة فيروز للقدس من رحم الهزيمة

القدس وقت حب الأيام
القدس وقت حب الأيام الست 1967

تتداول الأنباء بياناتها وأخبارها المتسارعة، حول التطورات المتلاهثة تجاه أرض السلام، القدس موطئ أقدام الأنبياء، ومجمع الأديان بكل حب وائتلاف حيث التوجه لإله واحد نتبتل له، من أجل حياة سالمة وسليقة آمنة من ضغائن الحياة.

هكذا القدس، مصدر إلهام الشعراء والمطربين الذين نسجوا عنها أهم اللوحات الغنائية والإستعراضية كأداة توثيقية للأجيال المتتالية، كي لا ينسوا قضيتهم الرئيسية تجاه مكمن هويتهم الأساسية منذ إندلاع مشكلة فلسطين من خلال "وعد بلفور" في العام 1917.

في 5 يونيه من العام 1967، وقعت أحداث حرب الأيام الست التي انتهت باحتلال ثلاثة أراضي عربية من بينها القدس، لتتجمد العيون من دموع الحزن المميت لفقدان تلك الأرض المقدسة ووقوعها بين براثن الذئب الصهيوني.

أثناء تلك الأجواء المعتمة على النفوس العربية، أتت الأنامل الذهبية من المعين الفني والإبداعي لإنارة الطريق للمصدومين في بهو الأمل المندثر، عبر نسج الرحبانية لقصيدة "زهرة المدائن"، الاسم القديم لمدينة القدس، لتخفيف وطأة أناتها الحزينة من براثن الصهيونية في حرب الأيام الست.

قام منصور وعاصي الرحباني، بكتابة تلك القصيدة التي إلتقطوا من خلالها مميزات الأرض المقدسة، وسماتها المعروفة بالجمع الجميل لكل الأديان وهو ما وضح في كلمات الأغنية، عبر شدو فيروز بها، كصوت ملائكي لايوجد أفضل منه لإيصال الرسالة الأساسية، بالتعبير عن سماتها التاريخية والعقائدية.

جاء اللحن ممزوجًا بسمات أوركسترالية وكنائسية، مع النبرة الصوتية الفيروزية المبرزة لماهية المكان المعروفة روحًا وعقيدةً، موضحةً بأسلوب الآذان والترانيم الكنائسية قصة مدينة تعاني من جروحها الغائرة على مر العصور.

تقول كلمات الأغنية :

لأجلك يا مدينة الصلاة أصلّي

لأجلك يا بهيّة المساكن يا زهرة المدائن

يا قدس يا مدينة الصلاة أصلّي

عيوننا إليك ترحل كل يوم

تدور في أروقة المعابد

تعانق الكنائس القديمة

وتمسح الحزن عن المساجد

يا ليلة الإسراء يا درب من مرّوا إلى السماء

 

عيوننا إليك ترحل كلّ يوم وإنّني أصلّي

الطفل في المغارة وأمّه مريم وجهان يبكيان

لأجل من تشرّدوا

لأجل أطفال بلا منازل

لأجل من دافع واستشهد في المداخل

واستشهد السلام في وطن السلام

وسقط العدل على المداخل

حين هوت مدينة القدس

تراجع الحبّ وفي قلوب الدنيا استوطنت الحرب

الطفل في المغارة وأمه مريم وجهان يبكيان وإنني أصلّي

الغضب الساطع آتٍ وأنا كلي إيمان

الغضب الساطع آتٍ سأمرُّ على الأحزان

من كل طريق آتٍ بجياد الرهبة آتٍ

وكوجه الله الغامر آتٍ آتٍ آتٍ

لن يقفل باب مدينتنا فأنا ذاهبة لأصلّي

سأدقّ على الأبواب وسأفتحها الأبواب

وستغسل يا نهر الأردن وجهي بمياه قدسية

وستمحو يا نهر الأردن آثار القدم الهمجية

الغضب الساطع آتٍ بجياد الرهبة آتٍ

وسيهزم وجه القوّة

البيت لنا والقدس لنا

وبأيدينا سنعيد بهاء القدس

بأيدينا للقدس سلام آتٍ

 

(فيروز والرحبانية)

كلمات تبتلية وترانيمية، وحدت بين مبتغى الأديان، من سليقة شعرية وموسيقية إحنضنت الكلمة بإخلاص، ناسيةً تمامًا اللهجة المحلية لتوحيد الصف العربي، عبر اللغة الأم لوحدة الألم، ووحدة المشهد الحزين.

بدأت القصيدة بجنائزية كبيرة وإنتهت بنبرة حماسية شديدة، مؤكدةً على أن الأمل باقٍ وسوف تزال الدناسة من الأرض المباركة، عبر نهر الأردن العظيم الذي شهد مولد الرسالة ليحيى المغتسل والسيد المسيح، وزكريا عليهم جميعًا السلام.

سوف يأتي يوم تطهر فيه الأرض التي شهدت مولد المسيح، جسدًا ورسالةً وعانقت دعوة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وقت تبليغه لرسالته السامية وهو يشكو من قومه، واجدًا في القدس مسراه المبارك الذي خفف عن كاهله وقوَّى من حجته أثناء التبليغ العظيم.