الخميس 18 أبريل 2024 الموافق 09 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
عرب وعالم

بلومبيرج تكشف كواليس الوساطة العراقية بين الرياض وطهران

الرئيس نيوز

كشفت وكالة بلومبيرج عن استضافة العاصمة العراقية بغداد محادثاتٍ غير مباشرة بين طهران والرياض، وتأتي هذه الجهود في الوقت الذي تجري فيه القوى العالمية محادثات نووية مع إيران.
ويقوم العراق بدور وساطة بين إيران ودول الخليج المنتجة للنفط، بما في ذلك المملكة العربية السعودية، في تحول لافت لدور العراق كبلد كان يُعرف بأنه ضحية للصراع الإقليمي أكثر من كونه قناة لنزع فتيله.
في الأسابيع الأخيرة، أجرى العراق محادثات غير مباشرة بين جارتيه السعودية وإيران، مع التركيز على حرب اليمن، حيث يدعم البلدان الجبهات المتحاربة على طرفي نقيض. تعتبر المملكة العربية السعودية وحليفتها الإمارات العربية المتحدة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، وهو رجل مخابرات سابق من ذوي الخبرة في قضايا الأمن الإقليمي، يتمتع بدرجة من الاستقلالية عن إيران.

وقالت أربعة مصادر مطلعة على المحادثات إن الكاظمي بذلك كان قادرًا على بناء الثقة لجعل مثل هذه المباحثات السرية ممكنة. وأشارت بلومبيرج إلى أن إيران منفتحة على المحادثات السعودية بوساطة العراق لتخفيف حدة الخلاف بين الرياض وطهران.

كما أبقى الكاظمي قنوات مفتوحة بين طهران وإدارة الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن، والتي قال مصدران مطلعان على الجانب العراقي إنها رحبت بالطريقة المنفصلة للتواصل دبلوماسيًا مع إيران. تجري القوى العالمية محادثات في فيينا لمحاولة إحياء اتفاق عام 2015 مع إيران لكبح جماح نشاطها النووي مقابل تخفيف العقوبات.

إن انتهاء الاتفاق في منتصف مايو بشأن مراقبة المنشآت النووية الإيرانية يعطي هذه المحادثات متعددة المسارات إلحاحًا إضافيًا. يمكن أن يساعد التواصل الإقليمي في تعزيز إحياء الاتفاق النووي، بعد خروج الرئيس السابق دونالد ترامب من جانب واحد أعقبه هجمات على ممرات الشحن العالمية ومنشآت النفط السعودية، وألقي كثير منها باللائمة على إيران أو وكلائها الإقليميين.

مسار الكاظمي

قال روبرت ساتلوف، المدير التنفيذي لمعهد واشنطن والخبير في سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، إن الكاظمي أبحر في السياسة العراقية على خط المواجهة الأوسع مع إيران، ولعب أوراقه بحكمة. ولفت إلى أن "رصيد الكاظمي مرتفع للغاية في واشنطن في الوقت الحالي."

وكان العراق عالقًا منذ فترة طويلة وسط الصراعات بين القوى العالمية والإقليمية، ولا يزال يعيد البناء في أعقاب الغزو الأنجلو-أمريكي ثم التخريب الذي خلفه تنظيم داعش الإرهابي ويأمل العراق في تخفيف حدة التوترات التي تؤثر عليه بشكل مباشر.
 
يسعى الكاظمي أيضًا إلى تعزيز دوره على الساحة الدولية، حتى عندما يتنقل في السياسة الداخلية في العراق، حيث يقرب بين الأحزاب المتنافسة القوية لكن لم تعترف أي دولة بشكل مباشر بالمحادثات، لكن كلاً من إيران والمملكة العربية السعودية ألمحتا إلى زيادة المشاركة في الجهود الدبلوماسية الإقليمية، وبدأت المناقشات، التي شارك فيها مسؤولون استخباراتيون، في عهد رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي لكنها تكثفت في عهد الكاظمي.

فيما قال مسؤول عراقي كبير تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لمناقشة المحادثات السرية، إنه تم التخطيط لعدة جولات مع استخدام المجموعة الأولى بشكل أساسي لاختبار المياه من أجل التقارب في المستقبل.

قال ريناد منصور، الباحث البارز ومدير مشروع مبادرة العراق في تشاتام هاوس: "الولايات المتحدة تدفع حلفائها الخليجيين للتحدث مباشرة مع إيران". "هذا جزء من النهج ذي المسارين الذي يتبعه بايدن لإشراك جميع الأطراف في العملية."

ولم ترد وزارة الخارجية الأمريكية عندما طُلب منها التعليق على دور العراق كوسيط. وأحال المتحدث الرسمي نيد برايس في 22 أبريل الماضي أسئلة حول دور العراق إلى بغداد والرياض.

القناة الخلفية

تقاربت المخاوف الإقليمية والعالمية هذا الأسبوع مع زيارة وفد من كبار المسؤولين الأمريكيين إلى الشرق الأوسط، بهدف تهدئة مخاوف الحلفاء بشأن محاولة بايدن الانضمام إلى الاتفاق النووي. لطالما قالت دول الخليج العربية إنها يجب أن تشارك في الدبلوماسية بشأن إيران على المستوى العالمي حتى يكون أي اتفاق مستدامًا.

ورحب وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بدور العراق خلال زيارة للبلاد الأسبوع الماضي وقال إن طهران تريد أن تصبح بغداد لاعبا أكثر "محوريا" في الشؤون الإقليمية.

وقالت دينا اسفندياري، كبيرة مستشاري فريق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية، إنه إذا فشلت محادثات فيينا، فإن الميليشيات المدعومة من إيران ستتصرف في المنطقة وسيواصل المتشددون الإيرانيون مقاومة الاتفاق. وأضافت أن عرب الخليج والعراقيين يحاولون استباق ذلك من خلال إجراء محادثاتهم الآن.

في السياق نفسه، قال مسؤول حكومي عراقي رفيع إن السعودية وإيران تريدان إنهاء الأزمات الإقليمية، فيما قال مصدر ثان مقرب من الحكومة العراقية إن طهران تتعرض لضغوط اقتصادية متزايدة بسبب العقوبات التي فرضتها إدارة ترامب، في حين أن القلق الأكبر للسعودية هو تصاعد الهجمات من مقاتلين يمنيين مدعومين من إيران.

 ويبدو أن العراق وجد المملكة العربية السعودية أكثر انفتاحًا على الحوار مع إيران ويعتقد أن الكاظمي واجهة مقبولة للغاية لدى الجانبين.