الجمعة 19 أبريل 2024 الموافق 10 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

«الكروان الباكي».. أوراق من حياة الشيخ كامل يوسف البهتيمي

الرئيس نيوز

كلما ذكر اسم الشيخ كامل يوسف البهتيمي، نتذكر من الوهلة الأولى صوته الباكي المرتل والمجود لكلمات الله عز وجل، عبر تسجيلاته النادرة التي سجلت بمسجد الحسين، والسيدة زينب، وجامع عمر مكرم إلى جانب ريادته الفولاذية في فن الإنشاد والتواشيح.

ولد الشيخ كامل يوسف البهتيمي في العام 1922 بحي بهتيم بشبرا الخيمة، محافظة القليوبية، ألحقه أبوه بكتاب القرية وحفظ القرآن الكريم وهو في العاشرة من عمره، وأصبح قارئًا لسورة الجمعة بمسجد القرية، بعد أن عُرف بطلاوة الصوت وجزالته لُيلقب ب"صاحب الصوت الفولاذي".




إكتشفه شيخ المقرئين، الشيخ محمد الصيفي وتتلمذ على يده واستضافه في بيته بالقاهرة حتى أصبح قارئًا مشهورًا، وأعتمد قارئًا بالقصر الملكي وتم إعتماده بالإذاعة في العام 1946، وأختير في الخمسينيات قارئًا بمسجد عمر مكرم.

تأثر البهتيمي بالشيخ محمد سلامة، والشيخ محمد رفعت ودائمًا ما حدثت مقارنة بينه وبين العلمين الكبيرين، مع بروز شخصيته المستقلة في عالم التلاوة إلى جانب تأثره بالشيخ طه الفشني والشيخ علي محمود في عالم الإنشاد والإبتهال الذي تمكن فيه بشكل خرافي لحفظه جملاً من الابتهالات والتواشيح لأساطين هذا الفن العريق.

نجح البهتيمي في الجمع بين الفنين، وهو ما أهله للقراءة في إذاعة الشرق الأدنى بفلسطين، وقت وقوعها تحت الإنتداب البريطاني، وواجه موقفًا صعبًا من قِبل الجنود الإنجليز وهم في حالة سكر حينما إستمعوا لآذانه في أحد المساجد، وظنوا أنه يغني وهو ما لم يستطع إفهامه لهم، لوجود عائق اللغة وظل تحت تهديدهم بالقتل إذا لم يغني، وأخذ ينشد بالإبتهالات الجميلة حتى طلوع الفجر.

أحيا البهتيمي العديد من الليالي الدينية بمختلف البلاد ما بين السودان والهند ولندن وسوريا والعراق، وكان معشوق الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وذلك بالإستعانة به دائمًا في الحفلات الرسمية بالقصر الرئاسي.

قيل إنه تلقى دعوة لإحياء حفل ببورسعيد وتم دس السمّ له في فنجان قهوة جعله لا يستطيع إكمال قراءته بل وعجز عن النطق وبعدها تدهورت حالته الصحية.

تم علاجه بعد ذلك ولكن لم يعد صوته بنفس الرونق القديم، ليرحل المبتهل والقارئ البكَّاء يوم 6 فبراير من العام 1969، وهو نفس العام الذي رحل فيه رفيق دربه وجاره في السكن الشيخ محمد صديق المنشاوي، تحديدًا يوم 20 يناير.

سيظل البهتيمي علمًا شامخًا في التلاوة والإنشاد مع وجود صيغة آذان بصوته على مقام الصبا تؤكد على شجن وبكاء صوته الخاشع في مناجاة الله والدعو للصلاة له بمنتهى الحب والائتلاف.