الخميس 28 مارس 2024 الموافق 18 رمضان 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

فيديو| «قصة ريجيني».. وثائقي يتتبع الأيام الأخيرة للباحث الإيطالي في القاهرة

الرئيس نيوز

لا تزال تفاصيل قضية باحث الدكتوراة الإيطالي، جوليو ريجيني، الذي عُثر على جثته وهي ملقاه على طريق مصر الأسكندرية الصحراوي، في فبراير 2016، تكشف تطورات جديدة في القضية كل فترة. 

قصة ريجيني


أحدث الأفلام الوثائقية التي أعدتها فضائية "TEN" عن القضية، تُظهر تباين في الأراء حول طبيعة الوظيفة والأدوار التي كان يؤديها ريجيني، فضلًا عن علاقته بالمشرفة على بحثه في جامعة كمبريدج، مها عبد الرحمن، وهي ممن معروف عنهن إنتمائهن التنظيمي إلى تنظيم الإخوان.
الوثائقي استعرض كذلك أراء أكثر من طرف في القضية، فمن جهة توقف عند الخدمات الاستخباراتية التي تقوم بها جامعة كمبريدج لصالح أجهزة مخابرات أمريكية وأوروبية، فضلًا عن الشبهات المحيطة بعمل ريجيني؛ والذي أشار إليه من تعاملوا معه من الباعة الجائلين، إلى جانب تفنيد الادعاءات الموجهة لأجهزة الأمن في التورط في عملية قتله، والقصور في تحقيقات النيابة الإيطالية، وسياسة طمس الأدلة التي جرت في أحراز القضية من الجانب الإيطالي.

باحث كمبريدج 
ريجيني باحث دكتوراة في جامعة كمبريدج، مُتخصص في القضايا العمالية والنقابية، وبحسب شهود عيان كان دائم التواصل مع العمال، وسهل عليه ذلك إتقانة للغة العربية. وحصل ريجيني على بكليريوس اللغة العربية والعلوم السياسية من جامعة ليد العام 2012، ليعمل في شركة "أكسفورد أنلتيكا" بما يحيط بها من تساؤلات وعلامات تعجب.

قد يهمك أيضا:

تطور جديد في واقعة وفاة الطالب الإيطالي جوليو ريجيني

بكري: مصر ترغب في الوصول للحقيقة بقضية ريجيني.. واتهامات إيطاليا جزافية


ووفق شهادة حارس العقار الذي كان يقيم فيه ريجيني في 9 شارع ينبع المتفرع من شارع الأنصار، بمنطقة الدقي، ويدعى حسني السيد، فيقول: "ريجيني كان غامضًا وذو طباع غريبة، وكان دائم السؤال عن أهم الأماكن في مصر، ولم يكن له أصدقاء، وكان يغادر مسكنه في الصباح الباكر، ولا يعود إلا متأخرًا".

تخدم أجهزة استخباراتية
كبير مراسلي التلفزيون الإيطالي، فولفيو جريمالدي، ألمح في الوثائقي، إلى الأدوار الخفية التي تقوم بها جامعة كمبريدج، وقال إن الجامعة أسسها الألماني اليهودي، كورت هان، وكانت مهامها ترتكز في البداية على إعداد أشخاص للقيام بمهام محددة، بعد إخضاعهم لسلسلة طويلة من التدريبات، الشاقة للغاية، وكان من بين هذه المهمات إعداد عملاء أجهزة المخابرات. 
تابع جريمالدي: "ريجيني كان خريج تلك المدارس. ومن المؤكد أن شاب بمثل هذه الخلفية، لا يذهب إلى مصر أو إلى أي بلد أخرى لمجرد قضاء عطلة، أو حتى لمجرد الدراسة".
يضيف كبير مراسلي التلفزيون الإيطالي: "ريجيني شاب قضى معظم دراساته في مدارس تتبع أجهزة استخبارات أمريكية وغربية. وعمل في لندن لحساب شركة "أكسفورد أناليتيكا"، وهي شركة تجسس متعددة الجنسيات".

النظرة المتوجسة لأنشطة ريجيني، أكدها أيضًا، ممثل الباعة الجائلين، ويدعي محمد عبد الله، فيقول إنه التقى ريجيني أول مرة في المركز المصري لحقوق الإنسان، التابع، للناشط الحقوقي خالد علي، بعدما تواصلت معه مديرة مكتب خالد علي، هدى كامل، وأبلغته أن هناك طالب إيطالي يجري بحثًا عن الباعة الجائلين، وتريد منه التواصل معه.

قصة ريجيني





يشير عبد الله إلى أن تلك الفترة في نهاية العام 2015، وكانت تتزامن مع عملية نقل مجموعة من الأسواق من وسط البلد، ويضيف قائلًا: "بعد اللقاء الأول، طلبت مديرة مكتب خالد علي، لقاء ريجيني للمرة الثانية، وبالفعل تم اللقاء، وخلال ذلك اللقاء، لوحظ أن ريجيني كان يلتقط صورًا لضباط المرافق وهم يقومون بعملية الإخلاء، وتابع: "لم نكن نعلم لماذا يقعل ذلك؟". 
يوضح ممثل الباعة الجائيلن، أنه اصطحب ريجيني في العديد من المناطق، في وسط البلد، بينها محطة مصر، وميدان أحمد حلمي. 

بدايات القلق
وعن الأسباب التي جعلت ممثل الباعة الجائلين يستشعر القلق من لقاء ريجيني، هو أسئلته الدائمة عن دور الباعة في ثورة يناير، وما الذي يتطلعون إليه مع قرب حلول ذكرى الثورة، فيقول محمد عبد الله: "بدأت استشعر القلق من تلك اللقاءات".
يتابع: "أخطرت نائب المحافظ، بحكم معرفتي به، فوجهنا إلى الذهاب إلى  رئيس  مباحث المرافق، الذي وجهنا بدوره إلى جهاز الأمن الوطني لإخبارهم بما جرى، وبالفعل أبغلت الجهاز الأمني بشكوكي، فطلبوا مني إحضار دليل لتأكيد تلك الشكوك، فقررت تسجيل لقاء مع ريجيني".

قصة ريجيني




في تلك اللحظة يُظهر الوثائقي جزء من حوار مسجل بالصوت والصورة لريجيني مع الباعة الجائلين، وهو يتحدث عن كيفية توفير مبالغ مالية لإخراج الناس في ذكرى الثورة، وتم الاتفاق على أن المركز المصري لحقوق الإنسان هو من سيتولى تلك مسؤولية توزيع تلك الأموال، فيما طالب الباعة بأخذ ضمانات!.

ليس خطرًا
 وعلى الرغم من تلك الشكوك التي أحاطت بعمل ريجيني، إلا أن مساعد وزير الداخلية الأسبق، اللواء فاروق المقرحي، قال في الوثائقي إن أجهزة الأمن قررت إغلاق ملف الباحث الإيطالي، واعتبرت أن مجال دراسته، وفق ما هو متوفر من معلومات لا يضر الأمن القومي، والدليل على ذلك أنها سمحت له بالدخول والخروج من البلد، فلقد خرج في 20 ديسمبر 2015 من مصر؛ لقضاء أعياد الكريسماس في بلاده، ثم عاد في 4 يناير 2016.
يتابع المقرحي: "ريجيني كان يدخل ويخرج من مصر، بجوار سفر سياحي، ولو أن أجهزة الأمن رأت فيه خطرًا لمنعته من الدخول البلاد مرة أخرى". 
الأمر ذاته، يؤكده المحامي، وسام إسماعيل، فيقول في الوثائقي: "لو افترضنا جدلًا صحة الشبهات المُحاطة بعمل ريجيني، فلماذا لم تمنعه أجهزة الأمن من الدخول إلى مصر مجددًا بصفته شخص غير مرغوب فيه، أو أنها لو توصلت إلى ما يثبت إدانته كان من الممكن أن تضع اسمه على قوائم ترقب الوصول، لذلك لا يمكن الجزم بصدق تلك الشبهات حول عمل ريجيني. 

مبعوث إخواني
أمر أخر تطرق إليه الوثائقي وهو علاقة ريجيني بالإخوانية، مها عبد الرحمن، وهي المشرفة على رسالته في جامعة، كمبريدج، فيقول رئيس أركان سلاح الجو الإيطالي شابقاً، ليوناردو تريكاريكو: "يحتاج الأمر إلى كثير من التأمل، فمن الصعب تصديق فكرة إرسال باحث للقيام ببحث ميداني عن الباعة الجائيلين في مصر، مع عدم التفكير في وجود خطورة ما أو دون إخبار السلطات المصرية".



يتابع: "صراحة من الصعب التصديق بهذا، وما أعرفه أن المشرفه على بحثه، مها عبد الرحمن، وهي ممن لهن توافقات مع جماعة الإخوان المسلمين. لذلك لابد من معرفة ما إذا كانت مها عضو في جماعة الإخوان أم أنها تكتفي بالاتصال معهم فقط. للأسف ليس لدينا هذه المعلومات؛ لأنه لم يتم الكشف عنها لا من جامعة كمبريدج، ولا من أجهزة التحقيق".

يشير تريكاريكو إلى أن هناك العديد من الأمور العجيبة في الإجراءات أو ما يمكن أن نطلق عليه تسلسل الأحداث بعد وفاة ريجيني، والعثور على جثمانه، ومن الصعب جدًا التفكير بأنها مجرد مصادفات، لأنها أكثر من صدفة، وكل هذا يؤدي إلى التفكير في أن الأمر لا يتعلق بمجرد اختطاف. وتعذيب شاب لمجرد أنه يقوم بأبحاث دراسية لجامعة كمريدج. فهناك أمور لم يرفع عنها الستار حتى الآن. 

أما وزير الاتصالات الإيطالي الأسبق، موريتسيو جاسباري، يقول: "فيما يخص حادث مقتل جوليو ريجييي، لقد تم سؤالي كثيرًا، لماذا أرسل هذا الفتي، لإجراء أبحاث تبدو ظاهريًا حول أمور نقابية وباعة جائيلين. وتم سؤالي من أرسله إلى هناك، ولماذا تم إرساله؟"، يضيف: "لدى  جماعة  الإخوان اتصالات، لكن يجب أن نفهم أنه لا يجوز تنفيذ مهامهم بأستاذة جامعية على علاقة بتنظيمهم".

إخفاء أدلة
المثير في القضية، والتي توفف عندها الوثائقي، كيف تم إخفاء بعض الأحراز من الجانب الإيطالي، فيقول المحامي، وسام إسماعيل، إنه بعد الإعلان عن اختفاء ريجيني، وتقديم القنصل الإيطالي بلاغًا للنائب العام عن اختفاء ريجيني، قرر أبواه المجيء إلى مصر للوقوف على أخر التطورات. 




وقامت أمه وأبوه بالتوجه إلى مقر سكنه، وأخذوا معهم إلى إيطاليا الحاسب الألي (اللاب توب)، والكريديت كارد، وكل هذه من الأحراز المهمة في القضية، التي من المؤكد أن فحصها سيؤدي إلى تفاصيل مهمة في سير التحقيقات، لتكتشف النيابة العامة أن تلك المتعلقات تم أخذها من قبل أسرة ريجيني، وبعدما طالبت النيابة العامة المصرية من نظيرتها الإيطالية إرجاع تلك المتعلقات بوصفها من أحراز القضية، لكنها رفضت، الأمر الذي يثير الكثير من الظنون حول ذلك الرفض. 
يوضح إسماعيل، أن من بين أسباب الخلاف بين أجهزة التحقيق في مصر ونظيرتها في إيطاليا، أن من يقوم بالتحقيق في القضايا هنا في مصر النيابة العامة، من أول إجراء وهو المعاينة حتى التحقيق، وتكليف الشرطة بعمل التحريات، لكن النيابة في روما لا تباشر التحقيقات بنفسها، لكنها تندب الشرطة لتقوم هي بعمل ذلك، وهو الأمر الذي جعل طوال الوقت هناك فجوة بين تحقيقات القاهرة وتحقيقات روما.

يشير المحامي المصري، إلى أن النيابة العامة المصرية بذلت مجهودًا كبيرًا لفك طلاسم القضية، فيقول إنها سألت ما يزيد عن 120 شاهدًا في القضية، وتقدمت للجانب الإيطالي بـ28 طلبًا لكن الجانب الإيطالي رفض غالبيتها، في المقابل تقدمت إيطاليا إلى مصر بـ60 طلبًا، لبت مصر منها 44 طلبًا ورفضت الأخرين؛ لأسباب فنية.
في السياق، يؤكد وزير الاتصالات الإيطالي، موريتسيو جاسباري، أن النيابة في إيطاليا لا تحظى بتقدير كبير؛ فيوضح الوزير في الوثائقي: "أن من يتابع الأمر، هنا في إيطاليا سيجد أن الكتاب الأكثر مبيعًا هو كتاب إليساندرو سالوستي، الذي يحاور فيه قاضيًا سابقًا بالامار. في كتاب يطلق عليه (النظام)، وهو كتاب يوثق نقاط الضعف بالقضاء الإيطالي".
يضيف الوزير الإيطالي: "ليس هناك غموض فقط في القاهرة، أو  في كامبريدج، لكن أيضًا هناك غموض قي نيابة روما". 

وفد رفيع
يقول الوثائقي إن حادث ريجيني، تزامن مع تقدم ملحوظ في العلاقات بين إيطاليا ومصر، ومن المؤكد أن هناك طرف ثالث كان يريد إفساد تلك العلاقة.
يقول الوثائقي: "في فبراير 2016، وبالتزامن مع الإعلان عن زيارة وفد اقتصادي إيطالي رفيع المستوي، ظهرت جثة يجيني وعليها أثار تعذيب. ويتسأل الوثائقي: "من صاحب المصلحة في ذلك؟ ولماذا ألقيت الجثة على بعد 2 كلم من أحد المباني الأمنية الحساسة التابعة للداخلية؟.
كبير مراسلي التلفزيون الإيطالي، فولفيو جريمالدي، يقول: "لو أن مواطنًا لبلد ما يتم العثور عليه في العراء بكل سهولة، وأمام مقر أحد مكاتب الأمن الخاصة بهذه الدولة المُضيفة، وقد تم تعذيبه بطريقة وحشية، في وقت كان من المقرر أن يقوم فيه مسؤولون من هذا البلد الضيف، بلقاء رئيس الدولة في مصر، فهذا يعني حقًا أن أحد ما يود وضع لغم".
يتابع: "من الطبيعي أنه عندما يأتي خبر، أثناء انعقاد القمة ذاتها أو اللقاء، بأنه تم العثور على جثمان جوليو ريجيني، بالتحديد في وقتها، وبهذه الطريقة، فالبطبع تتوقف وتنتهي المحادثات، وتقف المفاوضات، وتبدأ الأزمة في العلاقات بين إيطاليا ومصر".

تيارات كثيرة
سفير مصر الأسبق في إيطاليا، أشرف راشد، يقول إن إيطاليا بها الكثير من الأحزاب والتيارات، وجميعها بينهم منافسة، وبالتالي يتم استغلال قضية ريجيني لتحقيق بعض المكاسب، موضحًا أن الرأي العام الإيطالي بات على قناعة بوجود طرف ثالث مستفيد مما جرى حتى ولو لم يتم الكشف عن ذلك الطرف حتى الأن.
يؤكد السفير على ثقته في قدرة البلدين على تجاوز تلك الأزمة، والعمل معًا على تطوير العلاقات وإيصالها إلى أقوى نقطة ممكنة.