"الوردة البيضاء".. فيلم عبدالوهاب الذي أغضب الأزهر الشريف
يُعد موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، من
أساطين الموسيقى والغناء العربي خلال القرن العشرين، اقتحم عالم السينما كثاني
مطرب بعد الشيخ زكريا أحمد في فيلم "أنشودة الفؤاد" في العام 1932،
مقدمًا الأغنية المصورة بعد نقلها من الفونغراف إلى الشاشة الفضية بناءً على سياق
الأحداث الدرامية بالعمل السينمائي.
(محمد عبد الوهاب وسليمان نجيب في فيلم الوردة البيضاء)
في يوم 4 ديسمبر 1932، تم عرض فيلم
"الوردة البيضاء" أول فيلم للموسيقار محمد عبد الوهاب بعد إقناع المخرج،
محمد كريم له بالانتقال من عالم الإسطوانات إلى الشاشة الفضية، إلى جانب تحمسه
للنجاح النسبي لفيلم "أنشودة الفؤاد" للشيخ زكريا أحمد والمطربة
اللبنانية نادرة، والذي عرض في 13 أبريل 1932 كأول فيلم غنائي وثاني فيلم
ناطق في السينما المصرية والعربية.
(بوستر فيلم الوردة البيضاء 1932)
شارك موسيقار الأجيال في بطولة الفيلم : زكي
رستم، سميرة خلوصي، دولت أبيض، سليمان نجيب، محمد عبد القدوس، توفيق المردنلي، إدموند
تويما.
(سميرة خلوصي بطلة الفيلم)
قام بكتابة السيناريو والحوار، المخرج
السينمائي محمد كريم والفنان سليمان نجيب، وقام بكتابة أغاني الفيلم الشاعر أحمد
رامي صاحب قصائد "يا وردة الحب"، "ضحيت غرامي"، "يا لوعتي"،
"نداني قلبي"، والشاعر بشارة خوري بقصيدة "جفنه"، وأدخل
الموسيقار عبد الوهاب أغنية "النيل نجاشي" لأمير الشعراء أحمد شوقي، كتحية
إجلال وتقدير لأبيه الروحي وذلك عقب شهرين من وفاته، وكان من بين العازفين بفرقته
الموسيقار الصاعد رياض السنباطي.
(أمير الشعراء أحمد شوقي مع موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب)
قدم الفيلم لأول مرة في تاريخ السينما
المصرية، النهاية الحزينة عكس المعتاد بفراق الحبيب عن حبيبته، وهو ما وقعه عبد
الوهاب بصوته باكيًا على أطلال من هجرها، بأغنية "ضحيت غرامي" في مشهد
النهاية، مؤكدًا على رغبته المستمرة في التجديد والإستثناء في تاريخ الفن المصري.
(شاعر الشباب أحمد رامي)
استمر عرض الفيلم بسينما رويال بالقاهرة ستة
أسابيع متواصلة محققًا نجاحًا جماهيريًا
كبيرًا، واستمر عرضه بالإسكندرية ستة وخمسين أسبوعًا متواصلاً، محققًا إيرادات
وصلت إلى ربع مليون جنيه، واستمر عرضه لسنوات لروعة الأغاني المدرجة بالفيلم مع
رومانسية القصة.
(الأخطل الصغير بشارة خوري)
أثناء عرض الفيلم، احتجت مشيخة الأزهر على إدارة الأمن العام
المشرفة على الرقابة لسماحها لمحمد عبد الوهاب يقبل بطلة الفيلم سميرة خلوصي وهو
يرتدي الطربوش، شعار مصر القومي.
(طلعت باشا حرب)
ساهم محمد عبد الوهاب في تشجيع المشروعات القومية التي قدمها طلعت باشا حرب، وذلك بإظهاره لمبنى بنك مصر، وإظهاره لحافلات شركة مصر للنقل العام في الفيلم، وهو ما إعتبره النقاد لفتة وطنية صميمة من موسيقار الشرق لتشجيع اقتصاد مصر القومي.