تحولات سياسة.. ماذا وراء تصريحات بن سلمان اللافتة تجاه إيران؟
عنونت صحيفة نيويورك تايمز أمس السبت "الخصمان الشرسان.. إيران والمملكة العربية السعودية يبحثان سراً نزع فتيل التوترات"، وقالت الصحيفة في تقرير تحليلي نشرته أمس: "إذا نجحت المحادثات بين القوتين الإقليميتين، فقد تبدأ في خفض التوتر في العديد من النزاعات في جميع أنحاء الشرق الأوسط".
وسلطت الصحيفة الضوء على انتشار مقاتلين موالين للحكومة اليمنية المدعومة من السعودية في محافظة مأرب شمال شرق البلاد في مواجهة قوات الحوثي المدعومة من إيران.
السعودية وإيران
وقال بن هوبارد وفرناز فاسيحي وجين عراف في التقرير إن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في مقابلة تلفزيونية قبل أربع سنوات، رفض فكرة أن المملكة يمكن أن تجد بطريقة أو بأخرى تسوية مع منافستها اللدود إيران.
"كيف نتواصل؟" تساءل ولي العهد، نافيًا وجود أرضية أو نقاط مشتركة يمكن الاتفاق عليها مع النظام في طهران، أما الآن، يجد الأمير محمد هذه النقاط بينما يشرع في جهود دبلوماسية حثيثة لنزع فتيل التوترات بين القوتين الإقليميتين التي دعمت الصراعات في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
قال مسؤولون عراقيون وإيرانيون إن رئيس المخابرات السعودية بدأ الشهر الماضي محادثات سرية مع مسؤول أمني إيراني كبير في بغداد لمناقشة عدة مجالات خلافية، بما في ذلك الحرب في اليمن والميليشيات المدعومة من إيران في العراق.
الملف الإيراني
وفي مقابلة تلفزيونية الأسبوع الماضي، سلط الأمير محمد بن سلمان الضوء على نظرة جديدة للمملكة فيما يتعلق بالملف الإيراني، قائلاً إن بلاده تعارض "بعض السلوكيات السلبية" لكنها تأمل في "بناء علاقة جيدة وإيجابية مع إيران تعود بالنفع على جميع الأطراف.
قال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في مقابلة تلفزيونية إنه يأمل في "بناء علاقة جيدة وإيجابية مع إيران". وفي حين أن الإشارات الملموسة على وجود تفاهم جديد بين المملكة العربية السعودية وإيران لم تظهر بعد ويمكن أن تستغرق وقتًا طويلاً، إذا حدث ذلك على الإطلاق، فإن تهدئة التوترات بين الخصوم يمكن أن يتردد صداها في البلدان التي يغذي فيها التنافس الخلافات السياسية والصراعات المسلحة.، بما في ذلك لبنان وسوريا والعراق واليمن.
قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، سعيد: "بالمفاوضات والنظرة البناءة، يمكن للدولتين المهمتين في المنطقة والعالم الإسلامي وضع خلافاتهما وراءهما والدخول في مرحلة جديدة من التعاون والتسامح لتحقيق الاستقرار والسلام في المنطقة"، وفقًا لخطيب زاده في مؤتمر صحفي يوم الخميس ردًا على تصريحات الأمير محمد بن سلمان.
بدأت المحادثات في بغداد على خلفية تعديل أوسع للعلاقات في الشرق الأوسط حيث تتكيف المنطقة مع التغييرات في الأسلوب والسياسة من الرئيس ترامب إلى الرئيس بايدن، وهي تغييرات يبدو أنها جعلت المملكة العربية السعودية أكثر قابلية للتكيف مع الدبلوماسية الإقليمية.
بينما تحالف ترامب بشكل وثيق مع دول الخليج مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة واتبع سياسة "الضغط الأقصى" بهدف الضغط على التنازلات من إيران، فقد عمل بايدن على تبريد علاقة الولايات المتحدة بالمملكة العربية السعودية واستأنف جهود دبلوماسية تهدف إلى استعادة الاتفاق الدولي للحد من برنامج إيران النووي.
وانتقد السيد بايدن بشدة سجل حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية خلال حملة الانتخابات الرئاسية وتعهد بإعادة تقييم العلاقة الأمريكية مع المملكة، وبمجرد وصوله إلى منصبه، أمر بالإفراج عن تقييم استخباراتي حول علاقة متصورة بين الأمير محمد وحادث قتل الكاتب السعودي المعارض جمال خاشقجي، رغم أن بايدن يستبعد تطبيق أي عقوبة على الأمير مباشرة.
السر وراء تصريحات ولي العهد
قالت ياسمين فاروق، الباحثة الزائرة في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي والتي تدرس الشؤون السياسية للمملكة العربية السعودية، إنها تتوقع أن تكون الأولوية الأولى هي الوصول إلى نوع من الترتيبات الأمنية الإقليمية مثل ما فعلته الدولتان في الماضي، موضحة:"سيتعين عليهم فعل ذلك قبل أن يصلوا إلى نقطة الحديث عن تقسيم نفوذهم حول المنطقة".
وتابعت أن مجرد قرار التحدث مباشرة مع إيران يشير إلى تغيير في السياسة السعودية، بالنظر إلى أن السعوديين رفضوا في السابق مناقشة اليمن مع إيران لأنهم رأوا أن تدخل إيران هناك غير شرعي.
أشارت فاروق: "لقد أصبحوا الآن أكثر واقعية ونضجًا ويشعرون أن التحدث مع الإيرانيين سيكون أكثر فائدة من مجرد القول إنهم بحاجة إلى مغادرة اليمن".
وتبنى الأمير محمد بن سلمان موقفًا متشددًا تجاه إيران بعد أن اعتلى والده الملك سلمان العرش السعودي في عام 2015 وتفويض سلطة هائلة لابنه المفضل.
وقال الأمير محمد في مقابلة تلفزيونية في عام 2017: "نحن هدف أساسي للنظام الإيراني"، مجادلاً بأن الإيديولوجية الثورية الإيرانية جعلت التفاوض مع قادتها مستحيلاً. وأكد : "لن ننتظر أن تكون المعركة في السعودية. بدلاً من ذلك، سنعمل حتى تكون المعركة عندهم في إيران ".
ولكن كانت نبرة ولي العهد السعودي مختلفة بشكل ملحوظ في الأسبوع الماضي. على الرغم من أنه لم يعترف بالمحادثات مع إيران، فقد وصفها بأنها "دولة مجاورة" تريد المملكة العربية السعودية "ازدهارها وتنميتها".
وقال في مقابلة أذاعها التلفزيون السعودي الرسمي يوم الثلاثاء "لدينا مصالح سعودية في إيران، ولديهم مصالح إيرانية في المملكة العربية السعودية، من شأنها دفع الازدهار والنمو في المنطقة والعالم بأسره".
ولكن كانت نبرة ولي العهد السعودي مختلفة بشكل ملحوظ في الأسبوع الماضي. على الرغم من أنه لم يعترف بالمحادثات مع إيران، فقد وصفها بأنها "دولة مجاورة" تريد المملكة العربية السعودية "ازدهارها وتنميتها".
وقال في مقابلة أذاعها التلفزيون السعودي الرسمي يوم الثلاثاء "لدينا مصالح سعودية في إيران، ولديهم مصالح إيرانية في المملكة العربية السعودية، من شأنها دفع الازدهار والنمو في المنطقة والعالم بأسره".