رغم استمرار هجمات مسيرات الحوثي.. إيران تتلقف التصريحات الإيجابية السعودية
على الرغم من حالة التفاؤل السائدة في منطقة الخليج، بعد أنباء عن وجود وساطة عراقية لإنهاء صراع غير مباشر بين السعودية من جهة وإيران من جهة أخرى، دام لنحو ثلاث عقود، قالت وزارة الدفاع السعودية، صباح اليوم السبت، إن الدفاعات الأرضية اعترضت ودمرت هدفًا جويًا معاديًا تجاه جدة.
وتتهم الرياض طهران بمد جماعة "أنصار الله" المعروفة بـ"الحوثي" يصواريخ بالستية وكروز ومسيرات؛ لاستهداف مناطق استراتيجية في السعودية، مثل منشآت أرامكو عملاق إنتاج النفط السعودي، وأخرى تتعلق بمطارات وقواعد عسكرية. كما تدين السعودية ممارسات إيران الداعمة للميليشيات في المنطقة، والتي تعمل بدورها على زعزعة الاستقرار.
وأعلن العراق منذ أيام قيامه بوساطة بين السعودية وإيران، لإنهاء الصراع بينهما، فيما تحدث ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان عن تطلع المملكة لإقامة علاقات جيدة مع إيران، وأن تصبح لبلاده مصالح في إيران والعكس أيضًا.
استحسان إيراني
إيران من جانبها، استحسنت التصريحات السعودية، لتؤكد الخارجیة، إيمكانية دخول إیران والسعودیة فی فصل جدید من التعاون لتحقیق الاستقرار الإقلیمی، وقال المتحدث باسم الخارجیة سعید خطیب زاده، ردا على سؤال حول التصریحات الأخیرة لولی عهد السعودی بشأن العلاقات الإیرانیة والسعودیة والأوضاع في المنطقة: "من خلال وجهات النظر البناءة والنهج القائم على الحوار، یمکن لهاتین الدولتین المهمتین فی المنطقة والعالم الإسلامی الدخول فی فصل جدید من التفاعل والتعاون لتحقیق السلام والاستقرار والتنمیة الإقلیمیة من خلال التغلب على الخلافات".
تابع المتحدث باسم وزارة الخارجیة: "إن الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة بتقدیمها مقترحات ومبادرات للحوار والتعاون فی منطقة الخلیج، بما فی ذلك مبادرة هرمز للسلام (مبادرة الأمل)، هی رائدة مسار المودة والتعاون الإقلیمی وترحب بتغییر اللهجة السعودیة".
وأعرب خطیب زاده عن أمله فی أن یکون شهر رمضان المبارك شهر الرحمة والمغفرة الإلهیة بدایة مبارکة لتقارب المجتمع الإسلامی والتخلص من الحرب والتهجیر وانعدام الأمن من هذه المنطقة. بحسب تعبيره.
تسوية الخلافات
أما مدير مكتب الرئيس الإيراني، محمود واعظي، قال في تصريح أدلى به أمس الجمعة ونقلته وكالة "ارنا" الرسمية: "لقد أعلنا دوما خلال الأعوام الماضية أننا مستعدون للتعاطي مع الدولة الجارة السعودية وما زلنا ثابتين على هذا الموقف في سياق الابتعاد عن التوتر وتقوية التعاون وتوسيع أجواء الحوار".
تابع واعظي: "تطوير العلاقات بين إيران والسعودية يخدم مصالح المنطقة وبإمكانه أن يسهم في التغلب على الكثير من التوترات والتحديات غير الضرورية".
كما أكد النائب الأول للرئيس الإيراني، إسحاق جهانغیري، رغبة بلاده في التوصل إلى تفاهم مع السعودية "بشكل عاجل"، لكنه دعا المملكة لوقف ما زعم أنها إجراءات "هدامة". وقال خلال اجتماع عبر تطبيق "كلب هاوس": "إيران لها دور كبير وهام في حل الملفات الإقليمية ولابد من احترام هذا الدور".
كما اعتبر نائب الرئيس، في تطرقه إلى التصعيد بين البلدين أوائل العام 2016، أن حادث اقتحام السفارة السعودية لدى طهران كان "خيانة للشعب الإيراني".
توتر قديم
ولا يزال هناك توتر كبير بين السعودية وإيران بسبب خلافات حادة كثيرة، خاصة الحرب في اليمن وهجمات 2 يناير 2016 على سفارة الرياض لدى طهران والقنصلية السعودية في مشهد بعد تنفيذ سلطات المملكة حكم الإعدام بحق 47 شخصا في قضايا إرهاب ومن ضمنهم رجل الدين الشيعي البارز، نمر النمر.
ولا توجد علاقات دبلوماسية رسمية بين طهران والرياض منذ العام 2016، لكن جرى خلال الأسابيع الأخيرة تبادل رسائل حول رغبتهما في تسوية الخلافات.
وسبق أن أكد ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، في مقابلة بثتها وسائل الإعلام الرسمية في البلاد مساء 27 أبريل، أن المملكة تطمح إلى إقامة علاقة "طيبة" مع إيران باعتبارها دولة جارة وتريد أن تكون "مزدهرة"، لكن هناك "إشكاليات" بين الطرفين وتعمل السعودية مع شركائها على حلها.
أوضح محمد بن سلمان: "إشكاليتنا هي تصرفات إيران السلبية التي تقوم بها سواء عبر برنامجها النووي أو دعمها للمليشيات الخارجة عن القانون في بعض دول المنطقة أو برنامجها للصواريخ الباليستية".
مبادرات للحل
وخلال وقت سابق، تحدث الباحث المتخصص في الشؤون الإيرانية، سالم الصباغ، مع "الرئيس نيوز"، وقال إن قضية العلاقة بين إيران والسعودية موجودة على قائمة الاهتمامات الإيرانية، وسبق أن قامت إيران بتقديم مبادرات للسعودية وباقي دول الخليج في هذا الشأن، ومنها مبادرة مضيق هرمز.
تابع الصباغ: "المنطقة والعالم تمر في هذه المرحلة بتحولات كبيرة خاصة بعد الانتخابات الأمريكية وفوز بايدن فيها، وبالتالي حدوث تغير في أولويات السياسة الأمريكية، فلقد تراجع الاهتمام الأمريكي بمنطقة الشرق الأوسط وتحول اهتماماتها إلى الحرب الباردة مع الصين وروسيا، كما أن فشل سياسة الضغوط القصوى الأمريكية على إيران قد فشلت في التأثير على السياسات الإيرانية، بل أدت إلى تسارع توجه المنطقة ناحية الشرق (روسيا والصين)، ومن مظاهر ذلك عقد الاتفاق طويل الأمد بين الصين وإيران وضخ استثمارات صينية في إيران قدرها حوالي ٤٠٠ مليار دولار، على مدار 25 عامًا".
يؤكد الصباع على وجود تعاون بين إيران وروسيا والصين، في جميع المجالات خاصة الاقتصادية والمالية في مواجهة سطوة الدولار الأمريكي، وفي الطريق دول أخرى للانضمام لهذا التحالف الصيني الروسي الايراني لكسر حدة السيطرة الأمريكية وأنها القطب الأوحد على العالم، وكل هذه الأمور تدفع لتسوية العديد من ملفات المنطقة، التي من بينها الأزمة مع السعودية".
أما بالنسبة لحديث ولي عهد السعودية الذى أعلن عن رغبة سعودية قوية في التعامل مع إيران لتنمية المنطقة، يقول الصباغ: "هو أحد الأخبار السارة ومن نتائج انقلاب التحالفات في المنطقة، واشتراك العراق كوسيط في التفاوض الأمريكى الايراني خطوة هامة لخروج العراق من دوامة الحروب والمؤامرات والفتن المتواصلة".