الشيخ أبو العينين شعيشع.. مقرئ عشقته السينما
يُعد الشيخ أبو العينين شعيشع من أساطين دولة التلاوة المصرية، وتلميذًا نجيبًا للقارئ الكبير الشيخ محمد رفعت، وذلك لتسجيله بعض المقاطع الغير واضحة لتسجيلات الشيخ الكبير في العام 1962، تقديرًا واحترامًا لمن وقف بجانبه في عالم التلاوة، لتميز صوته بقراءته للقرآن الكريم وأدائه الجميل للتواشيح والإبتهالات الدينية.
وكان أبو العينين شعيشع من أكثر المقرئين ظهورًا بالسينما المصرية، نظرًا لتمتعه بصوت خاشع في تلاوة القرآن وأداء الإبتهال، مع وجود صيغة آذان بصوته إتسمت بالشجن العميق والخشوع المتناهي، وهو ما يناسب الأفلام الميلودرامية.
جاء الظهور الأول للشيخ أبو العينين شعيشع بالسينما المصرية، في العام 1946 بأحد أهم مائة فيلم في السينما المصرية، وهو "النائب العام" للمخرج أحمد كامل مرسي وبطولة : حسين رياض، زكي رستم، عباس فارس، مديحة يسري، زينب صدقي، زوزو حمدي الحكيم، إبراهيم عمارة، سراج منير.
ظهر شعيشع في دور طالب بالأزهر ومقيمًاللشعائر، أستُخدمآذانه كإشارة درامية لتصاعد الأحداث الجسام بالفيلم، عبر تذكِرة أبطال الفيلم بأعنف الذكريات في حالات الاسترجاع.
بعد عرض الفيلم أرسلت له مشيخة الأزهر برئاسة الشيخ مصطفى عبد الرازق خطاب شكر، على ما قدمه من دور مميز أثبت فيه مدى ثقافة وإستنارة رجل الدين في العصر الحديث.
توالت الأيام، وجاء العام 1947 بخطوة جديدة للشيخ الجليل عبر مشاركته بفيلم "ابن عنتر"، بطولة وإخراج أحمد سالم وشاركه في البطولة: مديحة يسري، سراج منير، إسماعيل يس، إستيفان روستي، سعاد مكاوي، السيد بدير.
ظهر شعيشع مؤذنًا وتاليًا للقرآن الكريم في الأجواء الصحراوية، المليئة بالأحداث الساخنة والملتهبة مع أجواء شجية، تتماشى مع صوته المعانق لمقام الصبا، الحاوي للشجن في مقامات النغم، ولذلك أطلق عليه من قِبل الموسيقيين لقب "ملك الصبا".
أصبح شعيشع أيقونة مميزة في عالم الآذان والتلاوة حسب الضرورة الدرامية للأحداث السينمائية، وهو ما تكرر في العام 1949 بفيلم "المرأة" للمخرج عبد الفتاح حسن، وبطولة : أحلام، كمال الشناوي، سميحة توفيق، ماري منيب، محمود السباع.
ظهر شعيشع هذه المرة في دور المأذون الموثق للرباط المقدس، وذلك عبر أصداء تقدير الأزهر لشخصه، وهو ما إعتبره الأزهر دورًا تنويريًا للدعاة والقراء لتدعيم السينما بالقيم والمبادئ والأخلاق والمثل العليا.
تكرر معه دور المأذون مجددًا في العام 1951، من خلال فيلم "بلد المحبوب" للمخرج حلمي رفلة وبطولة : سعد عبد الوهاب، تحية كاريوكا، إسماعيل يس، سعاد مكاوي، حسن فايق، زينات صدقي، عبد السلام النابلسي.
إنتشرت موجة الميلودراما في السينما المصرية منذ مطلع الخمسينات، وهو ما دُشن من مخرج الروائع حسن الإمام الذي إستعان بملك الصبا في العام 1952 من خلال فيلم "غضب الوالدين" بطولة : محسن سرحان، حسين رياض، شادية، شكري سرحان، زوزو حمدي الحكيم، سميحة توفيق، أحمد علام.
استعان الإمام بصوت الشيخ الحزين المناسب لميلودرامية الفيلم، وذلك في لقطة عودة بطل الفيلم لبيت والديه عقب خروجه من السجن، وصوت شعيشع يتلو كخلفية موظفة لندم الإبن العاق الآيات التي دعت لبر الوالدين في سورة الإسراء.
أبو شعيشع في السينما
استثمر المنتج والمخرج الفنان محمود ذوالفقار، نجاح فيلم الإمام من خلال صوت الكروان الباكي، ليستعين به في فيلم "آمنت بالله" بطولة : عزيزة أمير، مديحة يسري، كمال الألفي، إستيفان روستي، محمود المليجي، ثريا فخري، زهرة العلا.
كان صوت الكروان مؤازرًا على الدوام للبطلة في محنتها بفقد إبنها، ولجوئها للصبر والإيمان بما قسمه الله وهو ما جسده الشيخ بتغريده للقرآن عبر الآيات الدالة على هذه المعاني.
ظهرالشيخ أبو العينين شعيشع أخر مرة في السينما، في أحداث فيلم "في صحتك" للمخرج عباس كامل، وإنتاج حسين فوزي والذي أطلق عليه "فيلم الوجوه الجديدة" لحداثة التجربة لشباب التمثيل الواعد وهم : حمدي غيث، محمد قنديل، سلوى جلال، هيرمين.
لعب شعيشع دور واعظ وإمام مسجد يسعى عبر الحكمة والموعظة الحسنة لتغيير مسار بطل الفيلم، الذي إنحرف عن الإستقامة بمعاقرة الخمر من خطوات أصدقاء السوء.
أحبت السينما كروان القرآن، الشيخ أبو العينين شعيشع لسماحة وجهه ووسامة طلعته مع صوته الشجي الحنون، المفتت للقلوب المتحجرة وقت أن يتلو القرآن ويرفع الآذان، لتغيير مسار الأحداث في كلاسيكيات السينما المصرية.