الثلاثاء 16 أبريل 2024 الموافق 07 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

هل ينجح العراق في إدارة وساطة تنهي 3 عقود من الصراع بين السعودية وإيران؟

الرئيس نيوز

بدا أن المنطقة العربية الملتهبة، ربما تشهد هدوءً خلال الفترة المقبلة، بعدما كشفت تصريحات رسمية صادرة عن العراق، أن الكاظمي يسعى للوساطة بين السعودية من جهة وإيران من جهة أخرى، لإنهاء صراع غير مباشر بين البلدين أمتد لنحو ثلاثة عقود من الزمان. 
وتشتبك إيران والسعودية في العديد من ملفات المنطقة، فينهما نزاع غير مباشر يتم عبر وسطاء من الدولتين في العديد من المناطق بينها (اليمن ولبنان وسوريا)، فضلًا عن تخوف الرياض من مشروع طهران النووي وآخر متعلق بمشروع الصواريخ البالستي.
وتتهم السعودية إيران بإمداد جماعة "أنصار الله" المعروفة بـ"الحوثي" بصواريخ بالستية وطائرات مسيرة، واستخدامها في استهداف مناطق حيوية في المملكة، بينها منشأت  أرامكو عملاق إنتاج النفط السعودي، وأخرى تتعلق باستهداف قواعد عسكرية.
والثلاثاء الماضي، كان ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، أثنى على إيران بكلمات طيبة، في تصريحات مفاجئة وغير متوقعة، وتأتي على غير المعتاد من تلاسن خشن بين الدولتين. وذلك خلال حديثه مع برنامج "الليوان" المذاع على فضائية روتانا خليجية.
ولي العهد السعودي، قال إن إيران دولة جارة وكل ما نطمح له أن يكون لدينا علاقة جيدة ومميزة مع إيران. وأكد محمد بن سلمان، أنه لا يريد أن يكون وضع إيران صعب، على العكس يتمنى أن تكون إيران مزدهرة وأن تنمو.. ويكون لدينا مصالح فيها ولديهم مصالح في السعودية، لدفع المنطقة والعالم للنمو والازدهار، لكنه استطرد حديثه قائلًا : "لكن برنامج إيران النووي والبالستي وتدخلات طهران في شؤون دول المنطقة هو الامر المرفوض ونسعى للوصول فيه إحلول مع المجتمع الدولي". 

وساطة الكاظمي 
الحكومة العراقية، أكدت أن رئيس مجلس الوزراء، مصطفى الكاظمي، يرعى وساطة قد تنهي صراعا دام 31 عاما بين السعودية وايران، مبينة أن ولي العهد السعودي يؤمن بالحوار وأن هناك تغييرات في المنطقة بما في ذلك المتعلقة بالقيادة الإيرانية.
حسين علاوي، مستشار رئيس الوزراء العراقي، قال في لقاء مع القناة العراقية الرسمية، إن "جدران الصراع تصدعت بالمنطقة وبدأت تتكسر بزيارة رئيس الوزراء إلى إيران وتركيا والسعودية والإمارات وقد تشمل دولا اخرى"، مبينا أن "العراق يمتلك خطاب الاعتدال ويعمل على تغيير المعادلة بالمنطقة.
تابع علاوي، أن "الكاظمي يرعى وساطة بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية تنهي صراعا دام اكثر من 31 سنة دفع العراق جزءا منه"، مبينا أنها "ستكون بابا للانفتاح على تركيا ومصر وإعادة الاستقرار بالمنطقة ويفتح فرص الاستثمار".
وأضاف أن "ولي العهد السعودي قيادة جديدة شابة تؤمن بالحوار وإنهاء الصراع بالمنطقة"، لافتا إلى أن "القيادة الإيرانية كانت تسمع للقيادة العراقية ودليلها تصريحات وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف خلال زيارته للعراق، وما أكده من استعداد بلاده لفتح باب الحوار والتعاون".
وتابع أن "هذه الحوارات ستكون باباً لفك المشاكل بالمنطقة وتفكيكها بما فيها سوريا واليمن وبمشاركة العراق"، مبينا أن "الانقسام بالعالم الإسلامي على مدى 20 العام الأخيرة سيزول بفتح باب الحوار، وعودة التعافي بعد انتهاء زمن اللادولة وعودة العراق الى قوته وقيادة الوساطات".

وفد استخباراتي
وتتزامن التصريحات العراقية، مع ما نقلته وكالة "فرانس برس"، الأسبوع الماضي، عن مصدر حكومي عراقي، تأكيده أن وفدا سعوديا برئاسة رئيس المخابرات خالد بن علي الحميدان، ووفدا إيرانيا برئاسة مسؤولين مفوضين من قبل الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي علي شمخاني، اجتمعا في بغداد، مطلع أبريل الجاري.
فيما أكد مصدر سياسي عراقي، أمس الأربعاء، أن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، ناقش خلال لقائه مع رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي، في بغداد يوم الاثنين الماضي، موضوع وساطة العراق بين إيران والسعودية، مؤكدا أن العراق تحول حاليا لـ"لعب دور الوسيط" بين البلدين. 

مرحلة دقيقة 
الباحث المتخصص في الشؤون الإيرانية، علي رجب، قال لـ"الرئيس نيوز" إن الوساطة تأتي في مرحلة دقيقة وظروف استراتيجية متغيرة  على الشان الإقليمي والدولي؟ معتبرًا الخطوة، مرحلة تبريد الأزمات، كما يحدث بين مصر وتركيا والسعودية وتركيا  والتحالف الخليجي وقطر.
ربط رجب بين تلك التحركات العراقية المتمثلة في الوساطة بين السعودية وإيران، وأخرى التي تجرى بين طهران وواشنطن، وتابع: "الجميع ينظر  إلى التطورات بشكل ايجابي ومرحب به، لكن يبقى السلوك الإيراني خاصة المتعلق بأدوار الميليشيات ودعم الجماعات المتطرفة، والقلق من البرنامج النووي، كنقاط تقلل الثقة في استمرار الوساطة  في حالة نجاح اللقاءات  بين المسؤولين في الرياض وطهران.
يضيف رجب: "في ظل الأوضاع الحالية، رغبة إيران في الاتفاق النووي، ورغبتها في التوصل لوساطة مع السعودية، نجحت بغداد إلى درجة كبيرة  في استضافة جولة من جولات الحوار بين الرياض وطهران، وقد تكون هناك جولات آخري في عواصم عربية أو غربية، أما تثبيت الوساطة يتوقف على مدى إلتزام وسلوك طهران بالاتفاقيات التي خرجت بها هذه الوساطة".
يشير الباحث المتخصص في الشؤون الإيرانية، إلى أن ثناء ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، يعد رسالة إلى طهران أنه اذا أرادت تحسين وضعها الاقتصادي  فعليها تغيير سلوكها  في المنطقة، لذلك  هناك تصريحات من قادة إيرانيين يرحبون بالوساطة وكان أبرزها تصريحات السفير الايراني في العراق".
يقول رجب:  "تبقى عملية تجاوز الملفات الشائكة تحتاج لوقت طويل في المفاوضات وصبر على الرافضين لهذه المفاوضات في البلدين وخاصة في طهران؛  وأيضا في ظل الانتخابات الرئاسية وما ستؤول اليه محادثات فيينا بشأن البرنامج النووي وملف الصواريخ. وإمكانية نجاح الوساطة وتجاوز الملفات الشائكة هي تماما تعادل امكانية فشلها".

انقلاب التحالفات
أما الباحث المتخصص في الشؤون الإيرانية، سالم الصباغ، فيقول لـ"الرئيس نيوز" قضية العلاقة بين إيران والسعودية هي على قائمة الاهتمامات الإيرانية وسبق أن قامت إيران بتقديم مبادرات للسعودية وباقي دول الخليج في هذا الشأن، ومنها مبادرة خليج هرمز.
 يضيف الصباغ: "لكن المنطقة والعالم تمر في هذه المرحلة بتحولات كبيرة خاصة بعد الانتخابات الأمريكية وفوز بايدن فيها وبالتالي حدوث تغير في أولويات السياسة الأمريكية، فلقد تراجع الاهتمام الأمريكي  بمنطقة الشرق الأوسط وتحول اهتماماتها إلى الحرب الباردة مع الصين وروسيا، كما أن فشل سياسة الضغوط القصوى الأمريكية على إيران قد فشلت في التأثير على السياسات الإيرانية، بل أدت إلى تسارع توجه المنطقة ناحية الشرق (روسيا والصين)، ومن مظاهر ذلك عقد الاتفاق طويل الأمد بين الصين وإيران وضخ استثمارات صينية في إيران قدرها حوالي ٤٠٠ مليار دولار".
يؤكد الصباع أنه على مدار ٢٥ سنة، وهناك تعاون بين إيران وروسيا والصين، في جميع المجالات وخاصة الاقتصادية والمالية في مواجهة سطوة الدولار الأمريكي، وفي الطريق دول أخرى للانضمام لهذا التحالف الصيني الروسي الايراني لكسر حدة السيطرة الأمريكية وأنها القطب الأوحد على العالم، وكل هذه الأمور تدفع لتسوية العديد من ملفات المنطقة، التي من بينها الأزمة مع السعودية".
أما بالنسبة لحديث ولي عهد السعودية الذى أعلن عن رغبة سعودية قوية في التعامل مع إيران لتنمية المنطقة فهو أحد الأخبار السارة ومن نتائج انقلاب التحالفات في المنطقة، واشتراك العراق كوسيط في التفاوض الأمريكى الايراني خطوة هامة لخروج العراق من دوامة الحروب والمؤامرات والفتن المتواصلة.