الخميس 28 مارس 2024 الموافق 18 رمضان 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
فن ومنوعات

«ماراثون العراقيات».. نساء يواجهن ميراث داعش في الموصل بـ«عجلة»؟

الرئيس نيوز

أقيم ماراثون دراجات للنساء في الموصل في أبريل الجاري نيسان بمشاركة أكثر من 300 شابة من المدينة، وهو ثاني ماراثون نسائي للدراجات النارية بعد الأول الذي نظمته منظمات نسائية بنفس العدد في مارس 2018، أي بعد نحو ثمانية أشهر من تحرير الموصل في 10 يوليو 2017 من قبضة تنظيم داعش الإرهابي.

بعد أن استولى تنظيم داعش على المدينة، تعرضت نساء محافظة نينوى للعنف والاضطهاد، حيث فرض التكفيريون قيودًا على حرية الرأي والتعبير، ولم يكن بإمكانهن التنقل بحرية من مكان إلى آخر بمفردهن، إذ فقدت النساء جميع حرياتهن وحقوقهن وحُرمن من الحصول على الرعاية الصحية والتعليم.

استهداف داعش للعراقيات

واستهدفت أولى قرارات مكتب الحسبة الداعشي النساء وأجبرتهن على ارتداء النقاب لتغطية وجوههن مع العباءة لإخفاء ملامح جسد المرأة تمامًا باستثناء العينين. بالإضافة إلى ذلك، تعتبر الملابس غير المحتشمة ومستحضرات التجميل محظورة.

بمجرد تحرير المدينة من داعش، تمكنت نساء الموصل من المشاركة في مسابقات وفعاليات الشباب وإقامة معارض فنية للتعبير عن الذكريات المؤلمة لسيطرة داعش على المدينة.

قالت سجى صباح، وهي امرأة تبلغ من العمر 21 عامًا تشارك في الماراثون، للمونيتور إنه من خلال تنظيم مثل هذه الأحداث والمشاركة فيها، تحاول نساء الموصل إرسال رسالة واضحة إلى داعش مفادها أنهن لا يخشين ممارسة هواياتهن. ولديهن القوة للقضاء على التطرف.

وقالت صباح إن هذه الأنواع من الأنشطة للنساء تدفعهن إلى اعتناق الحرية والسلام بعيدًا عن معتقدات داعش. وتشير التقديرات إلى أن الموصل كان بها أكثر من 7000 أرملة بعد طرد داعش، بالإضافة إلى عدد كبير من النساء اللائي فقدن معيل أسرهن خلال العمليات العسكرية في المدينة.
قالت الباحثة الاجتماعية سهام الشجيري لـ "المونيتور" إن الأنشطة في نينوى هي "الفضاء الأول" لنساء الموصل لاستعادة حرياتهن بعد تحررهن من الحياة القاسية خلال سيطرة داعش.

مواجهة نساء الموصل

وأضافت: "نساء الموصل يعشقن الحياة..  ولديهن مخزون فطري وافر من العطاء والإبداع، ولا يفكرن في الأفكار المتطرفة التي يؤمن بها تنظيم داعش. ومن خلال هذه الأنشطة ستسعى نساء الموصل إلى حل العقد النفسية التي زرع بذورها تنظيم داعش في نفوسهن، وإعادة بناء شخصياتهن بالابتكار والإبداع.، وكذلك المشاركة في الأنشطة الرياضية والفنية على مختلف المستويات ".

ولفتت الشجيري إلى أن القيام بهذه الأنشطة مستقبلا سيحفز نساء الموصل ويجعلهن أقوى وأكثر جرأة للقضاء على التطرف، ويؤكد للعالم أنهن ضد الإرهاب وانتصرن على العصر المظلم الذي جلبه عليهن داعش.

قال إياد الطوافان، الخبير العسكري والعميد المتقاعد في الجيش العراقي، لـ "المونيتور" إن المشاركة في أنشطة مثل سباقات الدراجات أو المعارض الفنية تؤكد حب الحياة لدى النساء في محافظة نينوى. وقال: "لقد بعثوا برسالة واضحة لتنظيم داعش بأنهم سيحاربون التطرف والإرهاب والتعصب الفكري، على عكس ما يريده داعش"، واصفًا حدث ماراثون الدراجات بأنه "إنجاز كبير" وخطوة أولى نحو التعافي من أيديولوجية داعش والتخلص منها نهائياً.

ودعا إلى تكثيف مثل هذه الأنشطة في المستقبل، وخاصة فعاليات الفنون والموسيقى والأدب، للقضاء على داعش فكريا بعد أن تم القضاء على وجوده عسكريًا.

في الوقت نفسه، تبرز أهمية التوافق بين جهود القضاء على الفكر المتطرف ورفع الوعي بين الشباب من خلال التأكيد على التحضر والعمل الإنساني والأنشطة الشبابية، لا سيما تلك المتعلقة بالنساء اللواتي يعتبرهن داعش مواطنات من الدرجة الثانية.

في حديثها إلى المونيتور، رددت فاتن العلي، مذيعة في قناة تلفزيونية في الموصل بدأت العمل بعد القضاء على داعش، واشتكت من عدم وجود دعم حكومي للأنشطة الشبابية، خاصة تلك المتعلقة بالمرأة، داعية الحكومة العراقية وكذلك السلطات المحلية إلى دعم المرأة لمواصلة التنظيم والمشاركة في الفعاليات الرياضية والفنية والموسيقية. ودعت العلي إلى ضرورة إنشاء جمعيات واتحادات نسوية تعنى بقضايا المرأة وأنشطتها وإبداعها الفكري ومواهبها من أجل استمرار مثل هذه الأنشطة الاجتماعية التي تحفز الإبداع النسائي.

قال علاء العزاوي، ناشط مدني ورئيس قسم النوع الاجتماعي في منظمة أوكسفام البريطانية في نينوى، للمونيتور إن هذه الأنشطة هي رسائل واضحة ومباشرة إلى داعش من نساء الموصل بأنهن تغلبن على التطرف فكريًا من خلال الأنشطة التي كان التنظيم يرفضها.
 
وانتقد العزاوي الجهات الحكومية لعدم دعمها للمرأة في إقامة الأنشطة الاجتماعية، مشيرًا إلى أن هذه الأنشطة تنظم بشكل حصري باجتهاد المرأة وبدعم وتشجيع من منظمات المجتمع المدني التي ساهمت في تغيير العديد من الأفكار المتطرفة في الموصل، خاصة فيما يتعلق بحقوق المرأة.