"تشاد أقرب من سوهاج".. ما تأثير وفاة إدريس ديبي على أمن مصر؟
أثارت وفاة الرئيس التشادي إدريس ديبي في 19 أبريل الجاري مخاوف إقليمية ومصرية بشأن التحديات الأمنية والسياسية الجديدة التي قد تواجهها مصر في منطقة الساحل الإفريقي، حيث ترتبط القاهرة ونجامينا بعلاقات أمنية وثيقة.
ولم تدل القاهرة بأي تعليق رسمي على التطورات الأخيرة في تشاد، باستثناء برقية تعزية من الرئيس عبد الفتاح السيسي، لكن وسائل إعلام مصرية ومحللين أعربوا عن مخاوفهم من الاضطرابات في تشاد.
ووصف الرئيس السيسي في برقيته ديبي بأنه "الزعيم الوطني الحكيم الذي قدم الكثير لشعبه وبلده، وبذل جهودًا لخدمة القضايا الأفريقية في مواجهة التحديات المختلفة".
وفي 19 أبريل، توفي ديبي بعد إصابته على خط المواجهة ضد المتمردين في شمال البلاد. وفي اليوم التالي، أعلن الجيش التشادي تشكيل مجلس انتقالي يضم مجموعة من كبار ضباط الجيش، وتم اختيار نجل ديبي، محمد إدريس ديبي، رئيسًا مؤقتًا، وهو جنرال أربع نجوم.
ونقلت وكالة بلومبيرج تغريدة المستشار السابق للرئيس المصري، أحمد المسلماني، في 20 أبريل: "اغتيال رئيس تشاد تهديد جديد للأمن القومي المصري. بينما قد يعتبر البعض الخبر ليس من شأن مصر، أود أن أقول إن هذا غير صحيح، حيث أن المسافة بين الحدود المصرية والحدود التشادية أقل من المسافة بين القاهرة وسوهاج".
وأضاف المسلماني على تويتر: "تشاد تعاني من تنظيمات إرهابية خطيرة تمتد أنشطتها عبر مساحة واسعة في دول الساحل والصحراء، من غرب السودان إلى المحيط الأطلسي"، مضيفًا: "غياب رئيس قوي مثل إدريس ديبي سبب في القلق، وإذا كان للأطراف الدولية أي علاقة بالاغتيال، فهذا يضاعف المخاوف”، في إشارة إلى إمكانية تحالف الحركات المتطرفة الليبية مع المتمردين التشاديين بتوجيهات خارجية، من أجل إحداث تغيير كبير في المنطقة.
يذكر أنه لا توجد حدود مشتركة بين مصر وتشاد، لكن الأخيرة تجاور السودان وليبيا، مما يجعلها دولة مهمة للأمن القومي المصري.
وذكر موقع "المونيتور" الأمريكي أن مصر منزعجة للغاية بسبب الاضطرابات في تشاد، حيث تأتي في وقت حساس للغاية مع التصعيد. من التوترات مع إثيوبيا بسبب أزمة سد النهضة الإثيوبي الكبير. وأي فوضى قد تستجد داخل تشاد ستؤثر على السودان وليبيا وبالتالي على أمن مصر القومي.
وأشاد الرئيس المصري، خلال الاجتماع الأخير بين السيسي وإدريس ديبي في ديسمبر 2019، بالعلاقات الوثيقة بين مصر وتشاد، خاصة في ظل الأهمية الكبيرة التي تحتلها تشاد في منطقة الساحل الأفريقي، والتي ترتبط ارتباطًا مباشرًا بالأمن القومي المصري.
وأعرب ديبي حينها عن رغبة بلاده في تطوير العلاقات الثنائية مع مصر على مختلف المستويات، لا سيما في مجالات التبادل التجاري والدعم الفني والتنسيق الأمني والعسكري المشترك.
ومنذ وصول السيسي إلى السلطة عام 2014، تغيرت السياسة المصرية تجاه إفريقيا. كانت القاهرة قد أولت القليل من الاهتمام للقارة منذ التسعينيات، ولكن السيسي سعى لتحسين صورة مصر في القارة وحماية مصالح القاهرة في القرن الأفريقي لتعزيز موقفها من قضية السد.
في يونيو 2018، أنشأت مصر مركزًا إقليميًا لمكافحة الإرهاب لتجمع دول الساحل والصحراء واستضافت مناورات مشتركة، وفي فبراير 2020، تبنت مصر مقترحًا لإنشاء قوة قارية لمكافحة الإرهاب في دول الساحل الخمس.
وقال رولاند لومباردي، المؤرخ المتخصص في الشرق الأوسط، وتحديداً مصر، ومستشار جيوسياسي مستقل مرتبط بمجموعة التحليل JFC-Conseil، إن مصر محقة في القلق هذه المرة.
وقال لومباردي لموقع "المونيتور": "بالتأكيد، كانت الروابط بين ديبي الأب والسيسي قوية جدًا على المستوى الشخصي لكنها استراتيجية بشكل خاص في الملفات الأفريقية ولكن مرة أخرى بعناية خاصة للملف الليبي".
لكن في حال سقوط نظام تشاد، فقد يكون ذلك نهاية "للأمان من الجانب التشادي" مع ما قد يترتب على ذلك من تداعيات إقليمية، خاصة على ليبيا.
وقال لومباردي: "كان ديبي في تشاد هو" الجدار الحاجز" الذي يعيق ويمنع تقدم الإسلام السياسي والتطرف والنفوذ التركي في إفريقيا".
وإذا نجح مقاتلو جبهة التغيير والوفاق في تشاد في الوصول إلى السلطة أو إذا استمر القتال السياسي هناك، فستعاني مصر مرة أخرى من جبهة الجنوب الليبي الجامحة، وستقف تشاد كعقبة في أي تحالف أفريقي لدعم مصر في قضية السد.